عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

ألسنة السفلة!

عمرو الديب

الأحد، 18 يونيو 2023 - 08:38 م

الشريفة رائعة الحسن والجمال ذات الحسب والنسب، وربة الصون والعفاف حقا وصدقا، تئن منذ سنوات من آلام الفوات، وجحود الأبناء، فالكثرة من أهلها أضحت قصية عن ظلال أشجارها الوارفة،  والمنتسبون إليها تنكروا لها، وذهبوا إلى غرمائها، وركنوا إلى أعدائها، على الرغم من أنها ظلت محتفظة بحيوتها، وآثار الزمان لم تتمكن من محو قسمات حسنها، ولم تقدر على تغيير ملامحها الفاتنة، وبقيت خصوبتها المذهلة إحدى أجلى صفاتها، فلماذا «يستعر» منها ربائبها، ولما تتهرب منها حشود أبنائها الذين ذهبوا إلى ساحات الغرباء من أصحاب الرطانات المستهجنة، والألسنة «المعوجة»، وما بال الفاتنات يلوين ألسنتهن بهجين الكلام، ويهجرن مفردات لغتهن، ويتعمدن اللحن فى القول تجملا وتزينا، وكأن الانتساب إلى الأم الحقيقية عار لا يمحوه إلا الالتصاق بالدعيات من الأمهات،

ولا يتعجبن أحد من هذا الكلام،  فهذا هو واقع الحال فى مجتمعاتنا العربية التى داهمت العولمة القبيحة العاتية ساحاتها، فأفقدتها رشدها، وسلبتها ركائز هويتها، وللأسف حظيت أجمل لغات الأرض على الإطلاق.. العربية.. تلك الحسناء المنسية بنصيب كبير من التهجم «العولمي» الوقح والعدوان الغربى الشرس، فصار التشبث بالجذور، والتمسك بقوام الهوية عبئا ثقيلا، وكفاحا حقيقيا مريراً، واستسلمت الكثرة للحملات الشرسة، وتنكرت لسمات الهوية، وخضعت لغسيل المخ «العولمي» البغيض، وأضحت اللغة العربية هى «الحائط المائل»، وبدا التشبث بها، عارا يشين أصحابه، ويجعلهم مثارا للتندر والسخرية، ولأن سحب هذه العولمة القبيحة بدأت تنقشع تحت الأضواء الباهرة للعالم الجديد الذى تتشكل ملامحه شيئا فشيئا الآن، فإن الأمر يتطلب كفاحا من المخلصين لإعادة الاعتبار إلى العربية، والتصدى لمظاهر العقوق من أبنائها، وجذب الأجيال إليها من جديد هي،

وسائر ملامح ومرتكزات الهوية، وكما بذل السابقون من العلماء الأجلاء الجهود المضية منذ البواكير حتى الوصول إلى مرحلة التأليف المعجمى المنحنى الفارق فى مسيرة الانتصار للعربية، بدءا من ظهور معجم «العين» للخليل بن أحمد، وصولا إلى إشراقة موسوعة «لسان العرب» لابن منظور، حتى جهود العصر الحديث التى نتطلع إلى أن تتطور بصورة تستوعب منجزات التقنيات الجديدة، وتوظفها لنصرة اللسان العربي، وإزاحة جبال الجليد التى قطعت الطرق بينه وبين أهله وأبنائه من شتى الأجيال التى ينبغى أن تشرف بالانتماء إليه، لا أن تتنكر له، وتجحد أصالته وخصوبته وثراءه.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة