الثلاثاء، 20 يونيو 2023 - 10:02 م

منذ إنشاء المحكمة الجنائية الدولية قبل عشرين عاما تتخذ الولايات المتحدة موقفا سلبيا منها.

كانت ـ منذ البداية ـ على رأس الدول التى امتنعت عن التوقيع على معاهدة روما التى وضعت النظام الأساسى للمحكمة، وعندما فتحت المحكمة ملف جرائم الحرب فى أفغانستان، وقعت أمريكا عليها عقوبات، وطوال تلك السنوات استخدمت واشنطن نفوذها للضغط بكل الوسائل من أجل منع المحكمة من الاقتراب منها أو من الحلفاء المقربين كما فى حالة إسرائيل على سبيل المثال!

لكن.. للسياسة أحكام تغير المواقف وتبدل الأحوال!!

وبالأمس كان وزير العدل الأمريكى يذهب بنفسه إلى مقر المحكمة الجنائية فى لاهاى ويجتمع مع المدعى العام للمحكمة ورئيسها فى زيارة وصفتها وزارة العدل الأمريكية بأنها «تاريخية»!!

وهنا يبطل العجب إذا عرف السبب وهو حشد الجهود من أجل اتخاذ المحكمة لإجراءات مشددة ضد روسيا والبدء فى محاكمة من تحملهم أمريكا مسئولية الحرب فى أوكرانيا.

ولذا يذهب الوزير الأمريكى «جارلاند» لمقر المحكمة ثم يلتقى بوزراء العدل فى الدول الأوروبية الحليفة. علما بأن المحكمة قد بدأت بالفعل السير فى هذا الطريق وأصدرت فى مارس الماضى مذكرة توقيف فى حق الرئيس الروسى بوتين متهمة إياه بترحيل أطفال أوكرانيين بشكل غير قانونى!!

والسؤال هنا: وماذا عن أطفال فلسطين الذين لا يكتفى الإرهاب الإسرائيلى بطردهم من أرضهم بل يسقطون يوميا شهداء برصاص الإرهاب الصهيونى أو يقتادون إلى سجون الاحتلال؟!

هل يعنى تعاون أمريكا الجديد مع المحكمة الجنائية الدولية أن تسحب «الفيتو» الذى فرضته لمنع محاكمة مجرمى الحرب الإسرائيليين على جرائمهم؟ وهل ستمتنع واشنطن عن ممارسة الضغوط على السلطة الفلسطينية حتى لا تلجأ للعدالة الدولية ولكى تبقى إسرائيل آمنة من العقاب؟

بدون التخلى عن ازدواجية المعايير ستفقد أمريكا مصداقيتها حين تقول إنها تدافع عن الحرية وتطلب العدالة. أطفال فلسطين لهم الحق فى الحياة والحرية والوطن المستقل، وما لحق بشعب فلسطين على مدى ثلاثة أرباع القرن من الإرهاب الإسرائيلى أضعاف أضعاف ما لحق بأى شعب آخر. ومع ذلك، مازالت واشنطون تمنح الدعم الكامل للكيان الصهيونى رغم ما يرتكبه من جرائم، ومازال «الفيتو» الأمريكى جاهزا لمنع معاقبة إسرائيل، ومازال القلق والانزعاج فقط هما أقصى ما ترد به واشنطن على جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل!!