د. علي جمعة - عضو هيئة كبار العلماء
د. علي جمعة - عضو هيئة كبار العلماء


د. علي جمعة يكتب: البيت مثابة

الأخبار

الخميس، 29 يونيو 2023 - 10:29 م

■ بقلم: علي جمعة

يقول ربنا: «وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً»، «جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً»، ثاب أى عاد؛ ذهب وعاد، «مَثَابَةً» أى أنه مركز الدائرة الذى يخرج منه الناس شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً ثم يعودون إليه فكأن فيه مغناطيس القلوب؛ فالمغناطيس يجذب إليه الحديد؛ وهذا البيت الذى هو محل نظر الله يجذب القلوب، «وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ» جاذباً للقلوب تعود إليه حيناً بعد حين، «مَثَابَةً» يعنى مكان يُرجع إليه بعد فراقه، حتى الذين لم يفارقوه فإنهم يريدون زيارته، ومن لم يره مطلقا يريد أن يذهب للحج أو العمرة فقط ليرى الكعبة، لماذا؟ وكيف علق الله هذه القلوب بهذا البيت العتيق؟ لأنه جعله «مَثَابَةً لِّلنَّاسِ» وجعله آمنا كوناً وحقيقةً وتكليفاً؛ ومعنى كونًا: عندما تدخل البيت الحرام تشعر بأمن ينزل على قلبك، وتكليفًا: قال أمّنِوا من دخل فيه «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً» فلا تفزع أحدا، ولا تخيف أحدا، ولا تستعمل العنف مع أحد، لماذا؟ لأنه فى ضيافة الرحمن.«وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى» مقام إبراهيم هو ذلك الحجر الذى كان يعلوه ليبنى الكعبة، وأثر قدمه موجود فى الحجر، ومقام إبراهيم كان ملتصقا بالكعبة، وفى عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه، زادت الناس، فكانت عند الطواف تزدحم عند مقام إبراهيم لكى تمر دون الاصطدام به، فسيدنا عمر رأى أن يتم نقله فبين لنا وللأمة كيف نفكر؛ ونقدم مصلحة العبادة ومصلحة المُسلمين، ولا نقدس الأشياء تقديساً يمنعنا من مصلحة المسلمين، فوسع المسجد وأزال مقام إبراهيم من مكانه إلى المكان المشهور المعلوم الآن، فنأتى ونصلى فيه ركعتين «ركعتي الطواف»، وتحية البيت الطواف؛ والطواف صلاة إلا إنه قد أُبيح فيه الكلام، وصلاة يعنى يحتاج إلى طهارة وستر العورة، المرأة تستر كل بدنها إلا الوجه والكفين، والرجل يستر ما بين السرة والركبة لزوماً، وأبيح فيه الكلام تستطيع أن تذكر أو أن تقرأ القرآن.
إذن «وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى» فيه أمر بالعبادة وفيه إشارة إلى أن تلك العبادة لا تنتهى، وأنها أبداً لله.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة