الإمام الطيب  شيخ الأزهر الشريف
الإمام الطيب شيخ الأزهر الشريف


الأزهر في 9 سنوات.. لأول مرة مناصب قيادية رفيعة المستوى للمرأة

إيمان عبد الرحمن

الجمعة، 30 يونيو 2023 - 02:56 م

أولى الأزهر الشريف، في عهد الإمام الطيب اهتمامًا بالغًا بقضايا المرأة وحقوقها، حيث اهتم بكل القضايا التي تخصها ولم يترك قضية تخص المرأة إلا وناقشها وتناولها.

وكان برنامج فضيلة الإمام الأكبر "الإمام الطيب" هذا العام في رمضان أكبر شاهد ودليل، والذي تناول فيه على مدار شهر رمضان كل القضايا التي تخص المرأة وأزال عنها اللبس وفند الكثير  من الأخطاء التي ترسبت ورسخت في العقول لقرون عديدة، وذلك انطلاقا من وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال:" استوصوا بالنساء خيرا "، وفي ظل رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي للمرأة كان الأزهر أكبر داعما للدولة المصرية في هذا الملف على مدار تسع سنوات شهدت تطورا كبير في هذا الملف، تطورا ملموسا  عبرت عنه المواقف والأحداث.

لأول مرة مناصب قيادية رفيعة المستوى للمرأة 

اقرأ أيضا :«حكماء المسلمين» يُدين إحراق المصحف الشريف بالسويد: يروج للتطرف والكراهية

كانت البداية في عام 2019 بتكليف فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الدكتورة إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة، بمنصب الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية لشئون الواعظات، ثم أصدر فضيلة الإمام الأكبر لأول مرة قرارا بتعيين الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين والأجانب، في سبتمبر عام 2022 وهو القرار الذي قوبل بترحيب كبير جدا، باعتباره انتصارا للمرأة، لتصحيح العديد من الأفكار والمفاهيم المغلوطة عند المجتمع،  وتولت الدكتورة فاطمة الأحمر، منصب رئيسة المنطقة الأزهرية بمحافظة الجيزة، وتعتبر «الأحمر» أول سيدة تتولى هذا المنصب في أكتوبر عام 2022، بالإضافة إلى 12 عميدة للكليات المختلفة، وكذا 13 وكيلة بالإضافة إلى رؤساء الأقسام وغيرهن في المناصب القيادية، فضلا عن 220واعظة على مستوى الجمهورية فى 26 محافظة.

وثيقة الأزهر الداعمة لحقوق المرأة

إيمانا من الأزهر الشريف بقيمة ودور المرأة في كل جوانب الحياة فقد أولاها عناية كبيرة تمثلت في إقرار حقوقها والتأكيد على أهمية دورها في النهوض بمجتمعها وتكللت هذه العناية بإصدار وثيقة الأزهر عام 2013، والتي تضمنت 7 محاور رئيسة، وهى قيمة المرأة الإنسانية والاجتماعية: وذلك من خلال التأكيد على أنوضع المرأة في الإسلام هو المساواة مع الرجل، والشخصية القانونية للمرأة: لأن الإسلام أقر أن المرأة تتمتع بالأهلية الكاملة ولها ذمتها المالية المستقلة ومسئوليتها القانونية وحق التصرف الكامل المستقل فيما تملك، والمرأة والأسرة: لأن الأسرة هي أساس المجتمع ووحدته الأولى وينبغي اتخاذ كل الإجراءات والتيسيرات التي تدعم هذا الكيان وتصونه، والمرأة والتعليم: فالتعليم حق من حقوق المرأة وهذا الحق يمنع الأسرة من التمييز بين الولد والبنت في تلقى التعليم اللازم للارتقاء بهما مادياً ومعنوياً، والمرأة والعمل: حيث أن الواقع المعاصر في متطلباته الاقتصادية أو نتيجة للتعليم قد فرض على النساء العمل إلى جانب القيام بتبعات وظيفتهن الإنسانية والطبيعية في حفظ النوع، والمرأة والأمن الشخصي: حيث  يتبنى الإسلام رؤية متكاملة بالنسبة لجسد الإنسان (وشتى جوارحه) لذا كان التحرش جريمة وأحد المآسي والآفات الإنسانية الكبرى على مدى التاريخ، والمرأة والمشاركة السياسية: فللمرأة الحق فىتولى الوظائف العامة متى اكتسبت المؤهلات، التي تقتضيها تلك الوظائف، وعمل الأزهر على مدار التسع سنوات الماضية على تحقيق هذه المحاور وترسيخها في المجتمع بل ودعا العالم كله لتبنيها ودعوات فضيلة الإمام الأكبر في كثير من جولاته الخارجية خير دليل وشاهد.

دستور أزهري للتصدي لظاهرة التحرش

في أغسطس عام 2018 أعلن الأزهر دستورا حاسما وحكما قطعيا بأن التحرش تصرُّف محرَّم شرعاً وسلوك مدان بشكل مطلق ولا يجوز تبريره، مشددا على أن التحرش - إشارة أو لفظًا أو فعلًا- هو تصرف محرم وسلوك منحرف، يأثم فاعله شرعًا، كما أنه فعلٌ تأنف منه النفوس السويّة وتترفع عنه، وتنبذ فاعله، وتجرمه كل القوانين والشرائع.

وأكد الأزهر الشريف أن تجريم التحرش والمتحرِش يجب أن يكون مطلقًا ومجردًا من أي شرط أو سياق، فتبرير التحرش بسلوك أو ملابس الفتاة يعبر عن فهم مغلوط؛ لما في التحرش من اعتداء على خصوصية المرأة وحريتها وكرامتها، فضلًا عما تؤدي إليه انتشار هذه الظاهرة المنكرة من فقدان الإحساس بالأمن، والاعتداء على الأعراض والحرمات.

حملات ومبادرات وبرامج تدريبية وقوافل دعوية

أطلق الأزهر خلال التسع سنوات الماضية العديد من الحملات والمبادرات والبرامج التوعوية من أجل تصحيح المفاهيم المغلوطة والقضاء على العادات والتقاليد التي ظلمت المرأة وسلبتها حقوقها منها: حملة "نَصِيبًا مَّفْرُوضًا" للتوعية بفلسفة الميراث وأحكامه والتي تناولت بعض ‏أشكال الظلم التي تتعرض لها المرأة بسبب العادات والتقاليد أو فهم ‏البعض الخاطئ لأحكام الشريعة، كما أطلق الأزهر  حملة بعنوان "وعاشروهن بالمعروف"، للتوعية بأسباب الطلاق ‏ومخاطره، وتوضيح الأسس السليمة لبناء أسرة سعيدة ومتماسكة، فضلا عن حملة "أولو الأرحام" التي استهدفت ‏التوعية بخطورة العنف الأسري، ومعالجة أهم أسبابه، وكيفية نشر قيم الود ‏والمحبة بين أفراد الأسرة.‏

كما أطلق الأزهر مبادرات جماهيرية حول "تصحيح المفاهيم وبناء الوعى" تضمنت العديد من اللقاءات والمحاضرات حول المرأة المصرية ومواجهة القضايا والعادات الموروثة حول المرأة مثل زواج القاصرات وختان الإناث، بالإضافة إلى تنظيم أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ وباحثي الفتوى برامج تدريبية لإعداد المدربين لتأهيل المقبلين على الزواج، وإعداد وتأهيل المصلح الأسري؛ وعلى مستوى المبادرات المجتمعية أطلق مجمع البحوث الإسلامية مبادرة موسعة لمواجهة التكاليف الباهظة للزواج في محافظات الجمهورية بعنوان: «لتسكنوا إليها»؛ لتحقيق مجموعة من الأهداف التي تقضي على العادات السيئة والمتبعة في الزواج، حيث اشتملت المبادرة على عدة مراحل؛ بدءًا من فترة الخِطبة، ثم مرحلة الإعداد للزواج، وأثناء الزواج، وتم عقد قرابة 100 ألف لقاءٍ توعويٍّ بالمساجد، وقصور الثقافة، والنَّوادي، كما أطلق مجمع البحوث الإسلامية العشرات من القوافل الدعوية استهدفت العمل على إيجاد حلول للمشكلات الأسرية المتنوعة التي تهدد استقرار الأسرة خاصة في توقيت تعاني فيه الأسرة بعضًا من المشكلات والعقبات التي تحتاج إلى تكاتف جماعي للمؤسسات والهيئات بل والأفراد لمواجهتها.       

عشرات الكتب ناقشت أهم قضايا المرأة وفندت موروثات وعادات خاطئة ظلمتها

أصدر الأزهر الشريف العشرات من الكتب التي تخص المرأة، تناولت كل قضايا المرأة والأسرة باعتبارهما عنصر مهم في المجتمع، فالمرأة ركيزة رئيسة في الأسرة وعليها دور مهم في استقرار المجتمعات وتماسكها وترابطها، لذا عني الأزهر بالمرأة في العديد من الكتب منها: مشروع الأزهر للأسرة ..اعتراضات وردود، الأزهر الشريف ومواقفه تجاه قضايا المرأة، الحالات التي ترث المرأة فيها أضعاف الرجل- دراسة استقرائية تطبيقية في (147) حالة، مَبادئ الإسلام في تنظيم الأسرة، المرأة وداعش.. قضايا بارزة في إطار اجتماعي، النساء في صفوف الجماعات المتطرفة، أفكار الحداثة الخاصة بالأسرة في ميزان الشريعة الإسلامية  والقانون المصري، التغيرات المعاصرة وآثارها في العلاقات الاجتماعية والأسرية،  التفكك الأسري وآثاره الاجتماعية، المسؤولية الأسرية بين الواقع والمأمول، جوانب الإنصاف والإصلاح للمرأة في الشريعة الإسلامية، المرأة في البيان القرآني، هدي الرسول في تكوين الأسرة.

25 قضية وظاهرة ناقشها وواجهها الأزهر تخص المرأة

واجه الأزهر الشريف وإمامه الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، العديد من القضايا  التي تخص المرأة وبيّن فيها حكم الإسلام وعالج الكثير من السلبيات التي ترتبط بالمرأة، كما منحها حقوقا منعتها العادات والتقاليد، كما هدم موروثات خاطئة ما أنزل الله بها من سلطان، كان على رأس هذه القضايا: حق المرأة في التملك والانفراد بالذمة المالية، القوامة ومعناها، النشوز، مواجهة المغالاة في المهور، الطلاق الشفوي، معايير الكفاءة في الزواج، حقوق الزوج والزوجة والحقوق المشتركة بينهما، إنهاء فوضى الطلاق، مساواة الرجل بالمرأة ما لم يكن مخالفا للشريعة الإسلامية، تبرئة المرأة من وصمة الخطيئة الأولى المتعلقة بمسؤوليتها عن إغواء آدم عليه السلام، العنف ضد المرأة، بيت الطاعة، التحرُّش الجنسي، الطلاق التعسفي، تولى المرأة الوظائف العليا، ظُلم العادات والتقاليد للمرأة باسم الدِّين، الحكم الصحيح في تعدُّد الزوجات، وسفر المرأة بدون محرم، وختان الإناث، والإجبار على الزواج، وضرب الزوجات، وزواج القاصرات، وحرمان المرأة من الميراث، ونصيب المرأة في ثروة زوجها التي أسهمت في تنميتها، وتهميش المرأة.

ندوات ومؤتمرات ولقاءات موسوعة داخليا وخارجيا دعما للمرأة

للتعريف بقضايا المرأة والدفاع عن حقوقها وجه فضيلة الإمام الأكبر بضرورة التركيز على وضع المرأة وتوجيه أكبر قدر من الاهتمام بها من خلال الأنشطة والفعاليات المختلفة التي يتولاها الأزهر الشريف وخاصة الندوات والمؤتمرات واللقاءات الموسعة، لذا شارك فضيلته في افتتاح القمة العالمية لرئيسات البرلمانات والتي عقدت في العاصمة الإماراتية أبوظبي، تحت عنوان "متحدون لصياغة المستقبل"، بمشاركة العشرات من القيادات البرلمانية النسائية حول العالم، وألقى فضيلته خطابًا تاريخيًّا خلال افتتاح القمة شدد فيه على أهمية تكريم المرأة ومناصرة حقوقها التي كفلتها الشريعة الإسلامية لها، وفي حوار فضيلته مع إذاعة الفاتيكان على هامش زيارته للعاصمة الإيطالية روما، تحدث عن حقوق المرأة في الإسلام، والفرق بين الحقوق التي كفلها لها الإسلام في ظل بيئة يُشكل الدِّين فيها أساسًا لا يهتزُّ في بناء ثقافتها وأنماط حياتها، وبين حقوق صاغتها حضاراتٌ معاصرة وأعطتها للمرأة بعد ما ضربت بأخلاق الدِّين ومشاعر الفطرة الإنسانية عرض الحائط، وخلال استقبال فضيلته بمقر مشيخة الأزهر، الشيخ عبد اللطيف بن عبد العزيز آل شيخ، وزير الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي، لبحث التعاون المشترك بين الطرفين، تناول اللقاء الحديث عن حقوق المرأة في الإسلام، أكد فضيلته ضرورة إحياء فتوى "حق الكد والسعاية" من تراثنا الإسلامي؛ لحفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهدا في تنمية ثروة زوجها.

ورعى الإمام الأكبر المؤتمر الدولي الذي عقدته كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر، تحت عنوان "المرأة ومسيرة التطور التنويري الواقع والمأمول"، فيما نظم مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، ندوة حوارية بعنوان "المرأة بين إنصاف الإسلام وظلم جماعات الاٍرهاب"، ونظم جناح الأزهر في معرِض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ49 سلسلة من الندوات والفعاليات والاصدارات الخاصة بالمرأة، كما نظم جناح الأزهر  بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته (٥٤)، ندوة تثقيفية حول طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة بعنوان:" الرجل والمرأة تكامل وتعاون".  

وشارك مجمع البحوث الإسلامية في كثير من الفعاليات المتعلقة بقضايا المرأة منها: قضايا المرأة بين الشرع الحنيف والعادات الموروثة، وحلقات نقاشية متخصصة لواعظات الأزهر عن الاستشارات الزوجية والأسرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى إصدارات السلسلة العلمية للمجمع ومنها: أفكار الحداثة الخاصة بالأسرة في ميزان الشريعة الإسلامية والقانون المصري- دراسة فقهية-، فيما عقدت مجلة الأزهر في نفس الإطار، ندوة حوارية بعنوان: «حق الكَدِّ والسِّعاية.. رؤية فقهية اجتماعية معاصرة» وشهدت الندوة مناقشات علمية مهمة بحضور نخبة من العلماء والمتخصصين، كما عقد الجامع الأزهر الشريف ملتقى "شبهات وردود "، عن الشبهات المثارة حول حقوق المرأة في الشريعة الإسلامية.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة