السبت، 01 يوليه 2023 - 04:18 م

■ بقلم: محمد على السيد

 •••
(  يونيو 1989 )
••
مغامرة
لم تتحمل سيارتنا الصغيرة مطبات وأعماق رمال الطريق المنهوش بعربات النقل بمقطورة العملاقة الثقيلة بمكعبات خام الالباستر البيضاء لمصانع البلاط 
••

ميكروباص متهالك ••صحراء جافة  
ملتهب الأجواء •حديدى المقاعد •تلاشت حشوات الاسفنج ••يتماوج  صعودا وهبوطا وعلى الجانبين •تقذف عجلاته سحابات غبار 
من شبابيك بلا زجاج •وباب معدنى مخلوع 
وأرضية  صلب زلقه بالتراب 
••
زجاجات مياه شرب حارة ••عطش  غريب ••
وجوم وزهق
••
 وبشرهم بعذاب أليم!!
 -ده القشرة  ••أنتم لسا شفتوا حاجه ؟!
••
يضعف الكثيرون •يتعلقون بأبواب عربات النقل المحملة •عائدين للمدينة 
••  
 3ساعات-70 كم من بنى سويف الى محاجر الألاباستر ••شرق طريق الصعيد الصحراوي
دهر بين النار•
والجنة  أكشاك الوصول •أستراحات وإدارة •
(خشبية عتيقة متأكله قددتها الشمس 
فواصل جدرانها وبابها مخلع 
وشباكها المتدلى بلا نسمة وكراسي عضم خشب ومعدن  
نتلهف زجاجات مياه لا تروي 
••

قل لى إلى أين المسير  ؟!
••
المحجر 54 -وادى سنور مساحة 10 كم (10 محاجر  حوله )
- الفراعنة قطعوا الخام بالمناشير لتقليل الهادر 
- حاليا (بالحش) الدائري تفجير بالديناميت 
والجرار يصعده للعربات والمقطورة
 (10م مكعب يوميا 300م شهريا) 
هبط منسوبها  تحت الارض لأول مرة
••
ينحدر  مدخل المحجر حلزوني 
لمنسوب 50 م تحت سطح الأرض  (عمق 17دور )
••
الخام •معدن صلب ناصع البياض ناعم الملمس 
سهل التطويع للتماثيل و أدوات الزينة••
مزهرية الآله ( باستيت ) هيئةقطة •ربة المرح والسعادة
•أم معتدلة •مربية للملك •ابنة رع •عين القمر
••
 (يستخدم حاليا فى صناعة البلاط)
••
ملاحظة بلا فضول ؟!
فى السيول الموسمية (ربيع -خريف ) تغرق المحاجر ويتوقف العمل
الا محجر 54  تختفى مياهه سريعا
لماذا وأين تتسرب ؟!
لم يسأل أحد ؟!
••

التفجيرة الأخيرة أجابت دون سؤال !!
 فتحة 3 م رسم عين تؤدى لأرضيته 
بحبل متين هابط  6 م (دورين )
كشفت الكهف القابع قلب الخام ( سنين عددا )
فراغ شكل قوقعه مفتوحه زاوية 60 درجه 
عمق 30 م يعلو ميل سقفها خام (70 م -24 دور )
سيوف هوابط رفيعة باترة من السقف 
وصواعد من قاعدته تمزق أى شيء •
وفراغ نصف متر  بين جداره الغربى وأرضيته •
غابة مشرعة حادة قاتله
-لو أفلتت يديك من الحبل وسقطت عليها
  لن نجازف لأعادتك  
لن يتبقى منك ما نجمعه!!
_شكرا!
••
أرضيته •جزء منبسط على كرة ضخمة 
سطحها  رؤوس مدببة ناعمة صغيرة تنزلق عليها 
و كور صخرية  2-3 م بينها شقوق وفواصل 
بأطراف مدببة حادة كالشعب المرجانية 
(أقفز بلا توقف حتى القاع - 30 م )
••
-ها نخرج أزاى ؟!
-ربنا يسهل !!
••
 خشى العاملون على معداتهم الثقيلة 
يبتلعها فراغ كهوف أخرى 
نزل الجسور بحبل يستطلع
 (حلم كنوز مغارة على بابا •• شغف الباب 100 الموصد فى القصر المسحور •الف ليلة وليلة •رغم سماح 99 غرفة غيره)
وأخبروا المسئولين •جاءهم 
الجيولوجيين •عطية مخلوف وأحمد معوض 
ولجنة لدراسة على الطبيعة  
كنت الوحيد الذى هبط معهم  
•• 
زعق إبراهيم مسلم 
-ما ليش دعوة بجنانك!!
أكتفى بصورة خارجية للفتحه  وما حولها
ورفض أعطائى الكاميرا 
-دى عهده ؟!

••
منحدر المحجر حاد ضيق لا يستوعب إلا الجرار  
يصعد بالخام للسيارات المنتظرة ••يتعذر نزولها  
‎يتلوى 17 دور 
•• 
نصل بصعوبة وبطأ لآخر نقطة فى قلب المحجر•
حولنا الخام الناصع البياض ومعلق منه فوق رءوسنا20م 
تستند على الجدار الخارجى بشقوق التفجير
-سيبها لله!!
••
ماكينة كهرباء للإضاءة وحبل سميك ملتف بصخرة كبيرة وكرات  عقد كبيرة متتاليةنقبض عليها بكفينا للهبوط 
6 م من حافة الفتحة المنحدرة الحادة قليلة العرض 
نصل المستوى الأول ثم القاع 30 م  ( 10 أدوار )•
••
يمتد  شمالا  150 م وجنوبا 350 م ••يمتلىء بصواعد وهوابط ••أعلاه عامود خام 40 م(14 دوراً ً) 
الحائط الغربى واجهة تشغيلة
**
 الحبل أجهدعضلاتى و سجحات الكف والساعد والكوع ورعب العيون  .
يسحبه أحد العمال خطأ ••أتعلق فى الهواء  
أصرخ •يتركه وأهبط
*
أأتنس  بالاصوات والظلال •
 مناظرة علمية بين الدكتور عبد العزيز عبد القادر 
مدير مركز المعلومات بهيئة المساحة الجيولوجية ••
والدكتور مرتضى العارف •أستاذ بعلوم القاهرة، 
••
•الكهف •طبقتان متوازيتان بينهما طفلة
••
المنطقة منذ 20 أو 50 مليون سنة كانت مطيرة 
تسربت المياه فى الشقوق  وإزالت الطفلة •
فرغت الكهف ••أذابت  الخام يهبط من السقف باشكال مختلفة متبلورا أبيض شفاف ومعتم بشوائب 
ثقل بعضها  تساقطت أجزاءه •• صواعد 
وتواصل بعضها من أعلى لأسفل عمود متصل)
••
بكشاف كهربائى يدلل د عبد العزيز  على 
شقوق  السقف والجوانب والهوابط و الصواعد 
وأحتمال  وجود فراغ أسفلنا  تسربت له المياه والطفلة ••
ويكشف مجرى أسفل الجدار الشرقي 
مبطن بطفلة جافة-
قد تكون هناك سلسلة كهوف بنفس المنسوب
أو جزءاً من مربع شقوق تماثل صينية  بسبوسة مقسمة مربعات 
(لا يستبعد أستفسارى هبوط مربعنا لفراغات أخرى !!)
-ممكن 
-الله يطمنك !!
••
 بالضوء فى الجزء الشمالي هوابط مائلة 
من الغرب إلي الشرق نخفض رؤسنا بشدة نعبرها 
 لمناطق أوسع بهوابط أشكال وأطوال مختلفة ،
بعضها لا يتحمل ثقله ينذر بالسقوط. 
(صرخوا حين حاولت إمساك إحداها )
.. الصواعد بعضها قوى والاخر يسهل تحريكه 
الأرضية جافة صلبة ••بها شق قالوا من أخر أمطار
••
الجنوب أطول الأجزاء (350 م)  بدايته نجتاز هوابط قرب فتحة الكهف أنخفض السقف لحد الزحف
ثم متسع بلا هوابط
سقف أرتفاع ( 30 م ) أرض طفلية ناعمة منبسطة 
( بعضها  حمراء لخام حديد )إلا أرتفاع  وقفنا عليه ••أصدر رنينا ••هبطنا 
  طمئنا د. مرتضى ••
-لو أنخفض ••يصل منسوب أرضية الكهف  فقط
*
رعب تسلق الأمتار الست فى الصعود  من عمق 80م (27 دور)قليلة الاكسوجين  •• الأنفاس مقطوعة،   
العرق يلصق الملابس بالاجساد تعوق عضلاتنا المطلوبة للنجاة 
 فوجئنا بسلم حبال .. بدرجاته مستطيلات خشبية مثل قوات الصاعقة فى تسلق خط بارليف اكتوبر 1973
يلصقنى  السلم بالحائط الغربى ••أسفلى خندق السيوف وأعلى قلق متانة الحبال •مناغشات اللذين هابوا  الهبوط 
تشبع البنطلون الجينز  يقيد ساقى 
ببطء شديد أرفع اليمنى أوازي الدرجة التالية 
أرتكز  عليها بصعوبة •جسدى فى الهواء ثوان 
أموت رعبا ••حتى الحافة، أنحدر برأسى أغوص ببطء لقاع المحجر •لاعب أكروبات اتدحرج تهزنى أنفاسي !
••
بعد ساعه أصعد المنحدر
••

الكشك الخشبى ••مع اللجنة التى أمر بتشكيلها 
المستشار ••عبد الفتاح غلوش ••محافظ بنى سويف  صحبتهم بصداقتى فى الميكروباص ذهاب وعودة 
أسمع وأشارك مناقشاتهم 
بعفوية يملينى رئيسهم التقرير  ينتفضون (ده صحافه )
يملى أحدث الحيلوجيين أواصل كتابتى  معهم: 
د جورج فيليب جيولوجيا علوم القاهرةود• ماهر عزمي الجيولوجيا الاقتصادية- •••مصطفى لطفى مدير عام المناجم والمحاجر بهيئة المساحة الجيولوجية••
محمد إبراهيم • المحميات الطبيعية بجهاز شئون البيئة 
د•مصطفى الزعيري •مدير عام أثار مصر الوسطى 
د فتحي الكيكي جيولوجيا بني سويف،
••
_الكهف ظاهرة جيولوجية ••ليس للأنسان دور فيه،  وليس أثراًيتبع هيئة الأثار
الأول في مصر والثالث عربيا بعد لبنان (جعيدة وقديشة)
- المحمية الطبيعية  الرابعة بعد غابات المعادي المتحجرة وقبة الحسنية طريق إسكندرية الصحراوي،  وسانت كاترين
• لا يصلح للسياحة ••غير أمن ••صعب الوصول إليه- -تكاليف تجهيزه مرتفعة 
-يسمح بزيارته للمتخصصين 
-نظام العمل به غير أمن 

-لابد من دراسة السلامه به وبالمحاجر المحيطه.
-ودراسة علمية لأمتدادها و خاماتها وطرق أستخراجها
 (دراسة جيلوجيا  -علوم بنى سويف ••للمحافظة )
-إيقاف المحجر لا يضر الصناعة حوله 10 محاجر 
لن يضار المتعاقدين بنص العقود : 
فى حالة ظهور أثار فى المحجر أو خطورة يتم  ردالتأمين لمستغله.
••
الكهوف من سمات المنطقة الصخرية بالبحر المتوسط، المطيرة قديما  
 ظهرت فى يوغوسلافيا، منطقة (المكارست) 
أسمها مصطلح علمى للكهوف
وفي ايطاليا واليونان واسبانيا وبريطانيا 
•  أكبركهف فى العالم نيو مكسيكو طوله 1250 م عرضه  400 م ارتفاعه 180 م ..
وتجهز  بإضاءة تظهر جمالها ••مزار سياحى يحقق دخول
••
من المتضررين  
سعد جبيلي،  متعاقد على المحجر مارس  1988 ويعمل فيه من 1975 ينقل الخام لمصانع البلاط بالقاهرة.
السيارة تحمل 3م مكعب خام تراها المحافظة 10م 
توقف العمل وسداد المستحقات فبراير  1989 
لحين إنتهاء المشاورات  
أخشى بعد الكهف الغاء العقد لتوقف العمل 
أكثر  من 3 شهور  أمل أن يتفهموا  موقفنا .
••
3
يتلقانى سائقى (على محمد على ) ثالث فريق عملى •كفاءة القيادة وسرعتها  •سيارته دائما جاهزة  •
مبادر فى جمع المعلومات 
نقتسم الوقت ••نعمل لأخر نفس ••يصلى يرتاح 
نغرق فى نوم ليل المسافات ••مطمئنين بيقظته
••
-الصحفيون فى التكييف •أنتظروا مؤتمر  على الجاهز؟!
المحافظ سافر والسكرتير أخذ التقرير 
أفشى أحدهم نزولك وتقريرك 
لا وقت لحرجك والزمالة والشهامة وأهدار انفرادنا 
••
ينطلق يتوارى بين مقهى ومطعم 
ومنضدة تكشف الطريق ••يسبقونا  
يطلب غدائنا وشاى وشيشه ••على حسابي !!
أنت كبير المأمورية !!
••
قيادى بالمجلة قدم الموضوع لرئيس التحرير مشفوعا (جريمة  غير مسبوقه ••عدم تصوير 
قلب الكهف وصورة خارجية وحيدة ••
ويوصى عدم  نشره !!
••
سكرتير  التحرير يواصل حملات تذمره  !!
‎?!يرمى لى ورقتين وصورة الوان يتيمة-
-تعرف أتنفذوا  ازاى ؟!
-شغلك!!
••
ترقبنى الأستاذ وجدى قنديل •• لموضوع جديد
-ايه حكايه الكهف؟!
أشرح المخاطروأعذار المصور
•• 
(لو أنى أعرف خاتمتى ما كنت بدأت )
••
بأبوه
-يا أبنى لم أطلب منك تعريض نفسك لمثل هذا الخطر!!
••
فى عدد آخر ساعه(  14 – 6 – 1989 )
 موضوع3 صفحات الوان 
(مغامرة لآخرساعه فى قلب كهف الألاباستر )
ومقدمة بقلمه
(الطريق لمحاجر الألابستر ••غرب مدينة بني سويف •تحسب فيه كل خطوة.. 
النزول للكهف •سير  علي حبل مشدود•
أي اهتزازة تؤدي للاعودة•رغم الأخطار •عاش •
محمد علي السيد محرر أخر ساعة 
والمصور إبراهيم مسلم 
لحظة بلحظة ليقدما هذه المغامرة المثيرة