عبد الحميد بكر آخر سقا في مصر
عبد الحميد بكر آخر سقا في مصر


السقا مات.. وفاة عم عبد الحميد آخر سقا في مصر

أحمد عبدالرحيم

الأحد، 02 يوليه 2023 - 02:27 م

أثارت وفاة عم عبد الحميد بكر آخر سقا في مصر، أحزان المصريين، وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حكاياته معهم، وأخذوا يرددون أشهر عباراته "أشرب بالصلاة على النبي"، التي كان يقولها عم عبد الحميد لهم عندما كانوا يطلبون منه كوب من الماء، ليروون عطشهم، فكان عم عبد الحميد يمنح العطشان ماءً زلالًا، لكن السقا مات.

 

سببت وفاة آخر سقا في مصر حالة من الحزن لدي نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين أخذوا في سرد العديد من الحكايات عن عم عبد الحميد بكر، الرجل الصعيدي بشوش الوجه، الذي وُلد في اربعينات القرن الماضي،  في محافظة أسيوط،و كان جده يعمل سقاء، يروي ظمأ العطشى، ووجد عم عبد الحميد ضالته فقرر أن يمتهن مهنة جده السقا.

 

رفض والد عم عبد الحميد بكر أن يعمل ابنه في مهنة السقا، مهنة جده، لكن عم عبد الحميد أصر، وقام بصنع قربة الماء الخاصة به من جلد الماعز، فقد كان يريد أن يسقى الناس ماء باردًا ليروي عطشهم، فقربة الماء من جلد الماعز تحفظ للماء برودته لفترة طويلة.

 

المهنة الربانية

قدم عم عبد الحميد إلي القاهرة، بعد أن تزوج وأنجب 7 من الأبناء، كان يطلق علي مهنة السقا أنها المهنة الربانية التي لا يستطيع التخلي عنها لأي مهنة أخري، فهو يقوم على سقاية عباد الله مجانًا مرددًا عبارة "أروي عطشك يا عطشان".

لم يكل عم عبد الحميد بكر، آخر سقا في مصر، ولم يمل من عمله "الرباني"، حسبما كان يصفه، فقد كان يستيقظ عم عبد الحميد من الفجر، دأب الصالحين، يصلي الفجر ويبدأ في ملء قربته بالماء، وكان يعطر الماء بماء الورد، ويسير بجوار مسجد الحسين والسيدة نفيسة، فقد كان عم محبًا لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ليسقى العطشا من الزائرين ومحبي آهل البيت.

 

صندوق ماء مجاني

كان عم عبد الحميد يمنح كوب الماء للعطشى بدون مقابل، لكنه لا يرفض أو يرد من يمنحه القليل من المال تعبيرًا عن الامتنان، وذلك ما ذكره عم عبد الحميد في أحد لقاءاته "نحن قوم لا نطلب ولا نرفض مثل صندوق ماء مجاني بجوار ثلاجة خاصة، إذا أخذ منها الشخص بدون مقابل فلا بأس، وإن ترك فهذا خير وبركة، لكننا لا نطالبه بشيء أبدا، فلساني أخرس في هذا ويدي مقطوعة عن الطلب مثل أجدادي". 

كان عم عبد الحميد بكر، أو آخر سقا في مصر، معروفًا بوجههة البشوش، ولسانه العذب، لكنه كان معروف أيضًا بملابسه التي كان لا يرتدي غيرها، جلباب أخضر وعمامة خضراء، وقربة حمراء يحملها في أحد جوانبه، وأكواب فضية اللون.

 

آخر سقا في مصر جاء من عبق التاريخ

كل من قابل عم عبد الحميد السقا وصفه بأنه رجل جاء من الماضي، ليروي عطش الناس، فملامحه تحمل عبق الزمان الماضي وبراءته، فالشيخ البشوش ذو اللحية البيضاء، كانت تحمل ملامحه طيبة قلما وُجدت في هذا الزمان، وبشاشة وحب لكل الناس.

 

كان لعم عبد الحميد السقا أمنية وحيدة، يريد أن يختم حياته بحج بيت الله، لكن القدر لم يمكنه من تحقيق أمنيته، فقد توفي أمس، رابع أيام عيد الأضحى المبارك، لكنه ترك أثرًا بالغًا من الحزن داخل نفوس كل من عرفه، وبقلوب حزينة أخذوا يرددون "السقا مات".


توفي آخر سقا في مصر، عم عبد الحميد بكر، عن عمر ناهز 80 عامًا، وقد اشتهر بحمله قربة ماء على ظهره وبها كمية ليست بالقليلة من ماء الورد، وكان ماءه ذو مذاق خاص، لدرجة أن الناس كانت تُقبل عليه فور رؤيته في الموالد والاحتفالات خاصة في حي الحسين والسيدة نفيسة.


اقرأ أيضا:حكايات| الشيخ عاطف.. كفيف تفنن في تصليح الدراجات


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة