انتصار عبد المنعم تكتب : ترجمة المعلقات العشر إلى اللغة الإسبانية:الشعر  يوحد الجميع
انتصار عبد المنعم تكتب : ترجمة المعلقات العشر إلى اللغة الإسبانية:الشعر يوحد الجميع


انتصار عبد المنعم تكتب : ترجمة المعلقات العشر إلى اللغة الإسبانية:الشعر يوحد الجميع

أخبار الأدب

الخميس، 06 يوليه 2023 - 01:57 م

الشعرالمعلقات، أو القصائد العشر الطوال، من أروع وأنفس ما قيل فى الشعر العربى القديم، ويقال إن هذه القصائد كانت تكتب بماء الذهب وتعلق على أستار الكعبة قبل مجيء الإسلام، وبقيت القصائد إلى اليوم، عالقة ليس فى ذاكرة الشعوب العربية، بل فى روحهم ودواخلهم كمرجع أساسى لفهم خصوصيتهم الشعرية والتاريخية والاجتماعية.

ولمكانة المعلقات جاء الاهتمام بتقديمها إلى جيل الألفية باللغتين العربية والإسبانية احتفاء بالقيم الإنسانية والجمالية والفلسفية الغزيرة التى تفيض بها.. فى إسبانيا، صدرت مؤخرا الطبعة الإسبانية لكتاب «المعلقات لجيل الألفية» إشراف وتحرير الكاتب والمترجم: د. عبد الهادى سعدون أستاذ العربية فى جامعة مدريد المركزية، عن دار نشر سيال بجماليون الإسبانية بالتعاون مع مؤسسة إثراء، فى 397 صفحة من القطع الكبيرة، طبعة مزدوجة اللغة عربى إسباني.


 لكن، «ماذا يعنى أن يقرأ القارئ الإسباني، فى القرن الحادى والعشرين، نصوصا من حقبة ضاعت فى غبار الزمن، من المناطق الجغرافية التى نحتاج إلى تحديدها فى الهوامش، وبلغة وهيكل بنائى بعيد كل البعد عن العصر الحالي، مع عادات لم يعد لها وجود ولا حتى فى ذاكرة القدماء، ولا حتى فى الحكايات القديمة للشيوخ؟ ما الذى يضيفه لقارئ الشعر الحالي، سواء كان قارئا شابا أو قارئا متمرسا؟ بماذا يشعر عند قراءة قصائد من القرن السادس الميلادى فى القرن الحادى والعشرين؟» أسئلة أثارها الشاعر «خوسى مانويل لوثيا مخياس» أستاذ كرسى فى جامعة مدريد المركزية، والكاتب والمترجم د. «عبد الهادى سعدون» مشرف ومحرر الطبعة الإسبانية من المعلقات..


 فى مقدمته، أشار المترجم والأكاديمي»عبدالهادى سعدون» أن ترجمة المعلقات لجيل الألفية مشروع مهم ينقل للقارئ الإسبانى عموما، والشباب منهم على وجه الخصوص، أهم القصائد العربية الكلاسيكية المسماة ب(المعلقات)، وإن كان هذا المشروع موجها للفئة الشابة، فهو متاح لأى قارئ معاصر، سواء كان خبيرا بالأدب العربى أو مستجدا.

وعن المنهاج الذى سارت عليه ترجمة المعلقات ذكر «سعدون» أنه جرى الاتفاق على القيام بترجمة دقيقة أولا، أى تقديمها كاملة غير منقوصة مع مراعاة الوصول بالمعنى إلى أعلى قيمه الشعرية باللغة الإسبانية، مع الحرية الكاملة للمترجم للقيام بترجمة مفهومة ومعاصرة، والتوصل قدر الإمكان لنص متين متوازن وقريب البنية فى المعنى والشعرية للنص الأصلي، مع مراعاة عدم الاستفاضة فى الشرح فى الهوامش قدر الامكان لمنح القصيدة وأبياتها فرصة شرح نفسها بنفسها والوصول إلى القارئ عبر الجماليات الشعرية والمعانى والصور والإحالات الخاصة، مع تفسير الأشياء التى يشوبها الغموض لبعدها عن الحالة الشعرية والمعنوية لعالمنا المعاصر..


 وفيما يخص ترجمة المعلقات العشر، قام كل مترجم بكتابة مقدمته الخاصة عن القصيدة والشاعر، بحيث تكون كل مقدمة بمثابة رأى خاص وفى الوقت نفسه مدعاة للبحث فيما بعد. وفى كل مقدمة كتبها المترجم عن المعلقة، نجد مزيجا من آرائه وقناعاته الخاصة مضافا لها ما كتب عنها فى متون كتب التاريخ الأدبى العربى وموسوعاته الكبرى قديما وحديثا..

على سبيل المثال، وفى مقدمة ترجمتها لمعلقة «لبيد بن ربيعة» أطلقت الأستاذة فى جامعة مدريد المركزية (كومبلتنسة) ماريا لويسا برييتو، على الشاعر «لبيد» لقب مراقب الطبيعة الحساس، وفى ترجمتها لمعلقة أمرؤ القيس أطلقت عليه لقب أمير الشعراء العاطفي، فيما أطلقت الكاتبة والمترجمة «نويمى فييرو بانديراس» على عنترة العبسى أسطورة الفتى الأسود فى مقدمة ترجمتها لمعلقته، وهكذا فعلت فى ترجمتها لمعلقة عمرو بن كلثوم.. 


 وتحت عنوان «شعرية زمننا الحالي»، يناقش الشاعر «خوسى مانويل لوثيا مخياس» أستاذ كرسى فى جامعة مدريد المركزية، فكرة الزمن والفضاء المكانى والأعراف والتقاليد المتضمنة فى المعلقات، التى تختلف عما يعرفه القارئ باللغة الإسبانية فى القرن الحالي.. فيما يخص الزمان أو زمن كتابة المعلقات، يشير إلى أن أزمنة الحضارات والثقافات تتحرك بمنطق لا علاقة له بالدروس المتناسقة فى كتب التاريخ، فإذا عدنا بالزمن إلى القرن السادس الميلادى أى إلى الفترة التى كتبت فيها المعلقات، وبحثنا فى المنطقة الجغرافية التى تشغلها إسبانيا اليوم، لن نجد إلا أناشيد ريفية تدور حول أساطير وخرافات شعبية، ولن نجد ما يقارب المعلقات، وسننتظر أكثر من ستة قرون أخرى، حتى يمكن الحديث عن قصيدة غنائية يمكن مقارنتها بالمعلقات العربية، قصيدة غنائية قادرة على خلق عالم شعرى خاص، أى شعر منشدى التروبادور البروفنسالي، الشعراء الجوالون الذين وضعوا أسس الغنائية الحالية فى القرن الثانى عشر. 


 وفيما يتعلق بالفضاء المكانى للمعلقات، يذكر «خوسى مانويل لوثيا مخياس» أن الصحراء هى جغرافية المعلقات، وهى الحياة وجغرافية الحياة فى هذه القصائد، حياة يومية، حياة مرتحلة، حياة تكون فيها الخيام المدن والبلدان. وبعد حين ستختفى جميع المخيمات، المؤقتة أو الدائمة ، كما أنشد لبيد بن ربيعة فى بداية معلقته، كل ما يلمسه الانسان، كل ما يبنيه، كل ما يحلم به ويحارب من أجله، سيختفى جميعا، وتبقى الصحراء الموجودة دائما، ليحارب من أجلها بكرم وإخلاص وبملحمية كما فعل عمرو بن كلثوم فى معلقته، أى سيبقى الشعر.

أما فيما يتعلق بموضوع وبنية القصائد ذاتها، يشير «خوسى مانويل» إلى أن للقصيدة بنية ثابتة، تبدأ باستحضار الحب الأول، إلى وصف الشروع بالرحلة عبر الصحراء، مع المديح للغير، وتنتهى بمديح الذات والمآثر المجيدة له ولقبيلته. وفى نفس الوقت، لكل شاعر تجربته الخاصة، ويستطيع أن يفاجئنا، ويحملنا إلى مناطق غير متوقعة، من التغنى بالحرب والنبيذ، إلى الشباب والحب. كل شيء مبرر، الحب المليء بالتحديات والنكهات والعشق. الشعر أغنية للحياة، والحياة متعة سريعة الزوال، يمكن أن تنكسر فى أية لحظة، كما يعبر «طرفة بن العبد» فى معلقته.. كل هذا جاء فى المعلقات العربية المكتوبة فى القرن السادس الميلادي، فى حين كان: «علينا أن ننتظر حتى العصور الوسطى، أى فى القرن الثالث العشر، لنحصل على قصيدة تتغنى بالنبيذ والمتعة الحسية، بعيدا عن المسالك الضيقة للأعراف الاجتماعية. أى بعد سبعة قرون من شعراء المعلقات» هكذا أضاف « خوسيه مانويل».


 وفى ختام مقدمته يذكر عضو الهيئة الاستشارية لمشروع ترجمة المعلقات إلى الإسبانية «خوسى مانويل لوثيا مخياس» أهمية ترجمة المعلقات فى ثلاثة أسئلة تتعلق بزمان ومكان ومضمون المعلقات: ماذا يهم فى أن تكون هذه القصائد قد كتبت فى القرن السادس الميلادي، أى قبل خمسة عشر قرنا؟ ماذا يهم فى أنهم قاموا بذلك لتكون مسموعة فى الخيام، الدائمة والمؤقتة، حيث يجتمع أهل البادية فى الصحراء؟ ماذا يهم إذا تحدثوا إلينا عن العادات والأماكن والمجتمعات البعيدة عن عصرنا، وأن حياتهم اليومية التى تنعكس فى هذه القصائد لا علاقة لها بحياتنا إطلاقا؟ ويجيب «خوسيه مانويل» هذه هى عظمة الشعر، هذه عظمة المعلقات، هذه هى عظمة الشعر فى أى عصر.


فهو مكتوب من الحياة اليومية للشعراء، وتم التفكير به ليتكيف أدبيا وخطابيا مع المؤلف والمستمع.. لكن عندما تكتب القصيدة فعلا، وعندما تنتشر القصيدة وتصبح صوتا لشعب ولقراء، فى ذاكرتهم وذكرياتهم، حينئذ يختفى الزمن، ويتلاشى الفضاء، ولا يباعد بيننا أعراف ولا تقليد أدبي.. كلنا نصبح واحدا، وهذا ما يجب أن نشعر به.. هذه عظمة الشعر، الشعر الحقيقى القادر على تثبيت نفسه فى الزمن الشعري، على الرغم من أنه يأتى من أزمنة بعيدة، ويملأ جميع الأثاث بغبار الصحراء.. 


عن مشروع ترجمة المعلقات
تمت ترجمة ونشر كتاب القصائد العربية الكلاسيكية المعروفة بالـ المعلقات وتحت إشراف هيئة عربية إسبانية: د.عبدالهادى سعدون (مشرف عام على الطبعة الإسبانية)، بندر الحربى (مدير المشروع)، عبدالوهاب العريض (المستشار الأدبى للمشروع).


 المترجمون: «ماريا لويسا برييتو» أستاذة فى جامعة مدريد المركزية (كومبلتنسة)، «سلفادور بينيا مارتين» أستاذ فى جامعة مالقا، «أغناثيو غوتيريث دى تيران غوميث بنيتا» أستاذ فى جامعة مدريد المستقلة(أوتونوما)، 


«خوان بيدرو مونفيرار سالا» أستاذ كرسى فى جامعة قرطبة، «نويمى فييرو بانديراس» كاتبة، مستعربة ومترجمة. المراجعة اللغوية والتحرير الأدبي: «بيلار غوميث رودريغث» روائية وصحافية. 


الفريق الإستشاري: بيلار غوميث المحررة الأدبية، خوسى مانويل لوثيا مخياس أستاذ كرسى فى جامعة مدريد المركزية وشاعر، يولاندا كاستانيو ناقدة أدبية وشاعرة، خوسى ساريا كويباس شاعر وناقد أدبي، باسيليو رودريغث كانيدا عضو نادى القلم الدولي، ناشر وشاعر، ثيثيليا ماريدنى آلباريث شاعرة وأستاذة لغة، مارينا باترون سانشيث باحثة جامعية وشاعرة، آليخاندرو تروخيّو سواريث باحث جامعى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة