عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

سرعة «العشماوى» القصوى..!

عمرو الديب

الأحد، 09 يوليه 2023 - 08:28 م

ما زلت أذكرها وأتوق إلى أيامها الأثيرة المحببة.. تلك الجلسات المطولة التى خلونا خلالها إلى متون قديمة هائمة فى فراغ التنظير لعلم ناشئ حينها يتلمس خطواته على دروب ثقافتنا، حيث تصدى المبرزون لتأسيس علم النقد الأدبي، وعلى الرغم من تطور نظريات النقاد، فإن كثيرًا من طرح هذه المؤلفات التأسيسية ظل حيًا نابضًا نظرًا لأصالته، ودائما ما أتذكر مقياس الأقدمين فى تقييم النصوص الأدبية، وأصحابها، حيث كانوا يعتمدون اعتبارين مهمين يقدمون على أساسهما المبدعين، هما: غزارة الانتاج، وتفرد الطرح، فالشاعر المُجيد المُكثر أفضل عندهم من المُقل المتفرد، لأن الإكثار والغزارة دليل عندهم على أصالة الموهبة، وتأكيد على أن المبدع مطبوع، وليس مدعيًا، وكثيرًا ما تلوح لى هذه المقولات وأنا أقرأ النتاج الجديد لمبدعينا على اختلاف أفق تجليهم،

تماما كما حدث مع الرواية الجديدة للأديب البارز المستشار «أشرف العشماوى» الذى أهدانى نسخة منها بكلمات رقيقة منذ أيام، وقد اختار لها عنوانًا لافتًا هو «السرعة القصوى صفر»، وقد انتهزت بعض أيام الإجازة، وخلوت إلى نص «العشماوى» الجديد، وقد التقيت مجددًا بسلاسة ذلك المبدع، وتدفق سرده المغزول ببراعة محنك يحكم أدواته دائما، ويعد «العشماوى» بالنسبة إلى بعض أبناء جيله والأجيال التالية له غزير الإنتاج ولا شك، على الرغم من أنه ليس متفرغًا للكتابة الأدبية فهو رجل قانون يمنح مهنته الكثير من وقته، فالعشماوى من المكثرين المجيدين، ولفرادة سرده حصد العديد من الجوائز المرموقة، ومنها جائزة معرض القاهرة الدولى للكتاب فى الرواية، كما وصلت أكثر من رواية له إلى التصفيات النهائية فى عدد من الجوائز العربية البارزة، وقد عرفته مبدعا منذ الروايات الأولى،

وجذبتنى روايته «صالة أورفانيللى» الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، فقد بلغ فيها ذروة يصعب اجتيازها نظرًا للجهد الفائق اللازم لتشييد مثل هذا الصرح الروائى، أما أحدث رواياته «السرعة القصوى صفر»- الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية أيضًا- فهى نص معقد مركب، ومع ذلك لا يفارقك أثناء قراءته الشعور بسلاسة الحكى وانسيابيته، وقدرة الروائى على إحكام خيوطه دون ضجيج، فالرواية تاريخية وثائقية تتتبع وقائع وأحداثا متشابكة حينًا، ومتشعبة كثيرًا، ومع ذلك لا يشعر القراء بالتشتت، وتلك براعة- دون شك- من مبدع النص الذى حاول أن يشيد صرحًا روائيًا جديدا بعد «صالة أورفانيللى» اسمه «السرعة القصوى صفر».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة