توماس جورجيسيان
توماس جورجيسيان


يوميات الأخبار

سر الأفلام وسحرها.. كمان وكمان

الأخبار

السبت، 15 يوليه 2023 - 08:17 م

السينما المصرية لها تاريخ مجيد. وحواديت أفلامها وحكاويها الحلوة يجب أن نقوم بسردها من جديد حتى لا تغادر ذاكرتنا مع مرور السنين !
 

الاثنين

كم من أفلام مصرية شدت انتباهنا وحلقت بخيالنا وسرحتنا. وأحيانا طيرت النوم من عينينا. وهناك بالطبع أفلام أبهرتنا وعششت فى نفوسنا ونحب نشوفها كمان وكمان .. وهناك أفلام بعد مشاهدة أجزاء منها قلنا توبة من هذه النوعية من الأفلام!!

واذا لجأنا لكنوز ذاكرتنا السينمائية لكى نكتشف كل ما له قيمة ومعنى فى تراثنا الإبداعى والفنى نجد أن فى مثل الأيام من ٩٠ عاما

وتحديدا فى الأول من أغسطس ١٩٣٣ تم الانتهاء من تصوير فيلم «الوردة البيضاء» فى باريس بعد أن تم التصوير فى القاهرة. هذا الفيلم من إخراج محمد كريم وبطولة محمد عبد الوهاب. ويعتبر أول فيلم مصرى ناطق بأكمله. وقد تكلف ١٢ ألف جنيه.وكان أجر المخرج ٤٥٠ جنيها.

وحسب ما ذكره المؤرخ السينمائى الكبير أحمد الحضرى فى موسوعة «تاريخ السينما فى مصر» فان هذا الفيلم عرض فى القاهرة يوم ٤ ديسمبر من نفس العام (١٩٣٣) أما فى الإسكندرية فقد عرض يوم ٩ فبراير من عام ١٩٣٤. والتصوير فى باريس بعد القاهرة كان الهدف منه الوصول الى الفيلم الناطق بالكامل.

ولا شك أن مذكرات محمد كريم تعد مصدرا أساسيا لمعرفة كافة تفاصيل هذا الفيلم وكل ما حدث قبل وأثناء وبعد تصوير الفيلم وإنتاجه بشكله النهائي. و»الوردة البيضاء» هو الفيلم رقم ٣١ فى تاريخ الأفلام المصرية الطويلة. ويضم ٨ أغان لعبد الوهاب الذى شارك بالثلث فى إنتاج الفيلم ـ مقابل مجهوده مع كل من شركة بيضافون وسيدة قيل أن اسمها زبيدة الحكيم وقد شاركت فى تأليف قصة الفيلم.

عام ١٩٣٣ شهد عرض تسعة أفلام مصرية روائية طويلة منها فيلم «الزواج» ـ من إخراج فاطمة رشدي. وحسب الحضرى فإن هذا الفيلم أول فيلم مصرى تخرجه مصرية.. الفيلم من تأليفها ومن إخراجها وحدها من بداية العمل الى نهايته ومن خلال شركة الانتاج الخاصة بها..

وكانت فى ال٢٤ من عمرها .وتكلف الفيلم ما يقرب من ٧ آلاف جنيه .. وتم التصوير فى مصر وفرنسا واسبانيا. ويعد الفيلم رقم ٢٥ فى تاريخ السينما المصرية.

وشارك فى التمثيل بجانب فاطمة رشدى كل من على رشدى ومحمود المليجى وحكمت فهمى ونجمة إبراهيم. وقد عرض «الزواج» لأول مرة فى القاهرة فى ١٩ يناير ١٩٣٣ وفى الإسكندرية ٢١ فبراير ١٩٣٣

كما أن فى العام ذاته (١٩٣٣) شهدت السينما المصرية حدثا مهما هو بدء تسجيل الصوت محليا فى بعض الأفلام. كما صدرت فى شهر أكتوبر ١٩٣٣ مجلة متخصصة هى «السينما» ثم أصبح اسمها «فن السينما»

السينما المصرية لها تاريخ مجيد. وحواديت أفلامها وحكاويها الحلوة يجب أن نقوم بسردها من جديد حتى لا تغادر ذاكرتنا مع مرور السنين !

الثلاثاء

شيمى وحكاياته ..

هذا الفنان المبدع لم يصور فقط اللقطة السينمائية وإنما عاش تفاصيل تلك اللقطة وأيضا اللقطات التى تليها. وذلك من خلال عين تنظر وترى وتريد أن تكتشف الجمال وتحتفى بى فى أى لحظة ..

انه سعيد شيمى الاسم العلم فى التصوير السينمائى وإدارته من خلال ١٠٨ أفلام روائية طويلة وأكثر من ٧٥ فيلما قصيرا..وخلال ٥٠ سنة عمل وتصوير وتدريس وتأليف كتب (أكثر من ٣٠ كتاب) وبالطبع حضور فنى متميز فى حياتنا السينمائية ..

الأستاذ الجميل احتفل بعيد ميلاده ال٨٠ فى شهر مارس الماضي. ومن يعرفه عن قرب يستطيع القول بأن قعدته حلوة وسرده ممتع وتجربته ثرية وحواديته الشيقة مابتخلصش ..

شيمى يذكرنا فى كتاب أخير له: «الكاميرا ليست مجرد آلة لتسجيل حدث أو ملامح شئ. الكاميرا مع المصور المبدع آلة تظهر الجمال والحدث وهنا تكون مبدعا، والجمال فى كل شئ، حتى الأماكن والأشياء غير الجميلة يمكن أن تكون جميلة برؤيتك من خلال الصورة.. « من الأفلام الروائية التى قام بتصويرها ضربة شمس والحريف وسواق الأتوبيس والرصاصة لا تزال فى جيبى .. وجحيم تحت الماء

كتبه التى صدرت فى السنوات الأخيرة تضم ما بين صفحاتها ذكرياته ورسائله مع المخرج محمد خان ( فى ثلاثة أجزاء) وأيضا أيامه ومشواره مع كل من المخرج عاطف الطيب والناقد السينمائى سامى السلاموني..

كما أن سعيد شيمى لم يبخل أبدا فى أن يشاطر معنا خبراته وتأملاته فى جمال الصورة واللقطة السينمائية. كتبه جديرة بالاهتمام ومليئة بالمعلومات وخبرات التجربة السينمائية وأيضا بمشاعر الإخلاص فى العمل والوفاء تجاه الأصدقاء .. أنه عالم ثرى وممتع وجميل لا يجب أن تفوتك زيارته .

الخميس

فى محبة الفريدو ..

ما من عاشق للسينما إلا وتجده يريد أن يتحدث عن أفلامه المفضلة وحكاياته معها. يأتى فى بالى دائما الفيلم الايطالى الرائع «سينما باراديزو».وقد شاهدته مرات عديدة بكل استمتاع وبهجة ..

فى هذا الفيلم الفريدو هو «مكنجى السينما»، أىْ عامل تشغيل ماكينة عرض الأفلام. وأحداث الفيلم تدور فى قرية ايطالية صغيرة وفى أجواء دار العرض الوحيدة بها سينما باراديزو. و«باراديزو» بالإيطالية تعنى «الجنة»

أما توتو فهو الصبى الشغوف بالأفلام والبشر ومشاهد الحياة .. والنساء والقبلات فى شرائط السينما. وقد اقترب وتواصل مع الفريدو فصار الأخير أستاذه فى عشق السينما.. وصديقه الذى علمه الكثير من خلال الأفلام وماكينة العرض. مخرج الفيلم جوزيبى توماتورى جسد فى هذا الفيلم تجربته الشخصية فى ولهه بالسينما والاقتراب من بريقها وسحرها وجاذبيتها. وفيلم «سينما باراديزو» حصل على جائزة أوسكار أحسن فيلم أجنبى لعام ١٩٨٩

فى الفيلم نرى أن الفريدو هو من نصح توتو الشاب بالانطلاق والخروج من قريته الى أماكن أرحب وأوسع ليرى الدنيا ويعيشها. الفريدو المعلم قال ل»توتو» فى الفيلم «انك تعيش هنا يوما بعد يوم، وتعتقد بأن هذا هو مركز العالم. وتعتقد أيضا بأن لا شيء سوف يتغير حولك. ثم قد تترك هذا المكان لعام أو عامين. وعندما تعود سترى أن كل شئ تغير. وأن الخيط انقطع. وما أتيت إليه لكى تجده ليس هناك. وما كان لك قد ذهب» ثم قال «ألفريدو» فى كلماته ل»توتو» الصبى «وبالتالى عليك أن تذهب بعيدا لزمن طويل ولسنوات عديدة .. قبل أن تأتى وترى ناسك والأرض التى ولدت به. لكن الآن ليس فى إمكانك أن تفعل ذلك. فى الوقت الحالى أنت أكثر عمى مني»ـ

وكان الفريدو المكنجى فى الفيلم قد فقد بصره نتيجة حريق اشتعل فى كابينة عرض الأفلام.

وبما أن «توتو» كان قد اعتاد أن يسمع من «ألفريدو» كلاما تردد من قبل فى الأفلام فكان من الطبيعى أن يتساءل: «من قال هذه الكلمات ؟ جارى كوبر؟ جيرى ستيوارت؟ هنرى فوندا؟ من؟ عندئذ قال «الفريدو»: لا يا توتو. لا أحد من هؤلاء قال هذه الكلمات.هذه المرة كلها أقوالي. والحياة ليست مثل الأفلام. الحياة.. أشد قسوة»ـ

وحتى يخفف من وطأة قسوة كلماته استكمل «الفريدو» نصيحته ل»توتو» ليحثه ويدفعه أكثر نحو الحياة:»أيما فعلت يا توتو ففى نهاية الأمر أعشق الدنيا.أعشقها بالطريقة التى أحببت بها كابينة عرض الأفلام عندما كنت طفلا صغيرا”..ـ

السبت

عن عشقى للسينما أتحدث

أقولها بصراحة.. وبصرف النظر عن رأيك فى الأفلام وموقفك من السينما (حلالها وحرامها!! ـ حسب ما يصفها البعض) يجب أن أقر وأعترف لك «وأنا بكامل وعيى وقواى العقلية» بأن الدخول الى عالم السينما متعة لا مثيل لها ولذة «بشكل» لا يراها ولا يعيشها ولا يدرك معناها ولا يتلذذ بطعمها الا «من يرى ويعيش الشاشة المنورة فى القاعة المظلمة» و»من يعيش الفيلم من أوله لآخره .. لقطة لقطة» والأهم «من يخرج من قاعة السينما مولودا جديدا .. مقبلا على الحياة وحاضنا لما فيها ومن فيها». و»جرب كده وأنت هتعرف انها نصيحة واحد بيحبك وبيعزك». ونعم، نهاية الفيلم قد لا تكون أحيانا أو غالبا سعيدة .. «الا انك فى النهاية دايما كسبان سرحة والتفاتة ومشهد حلو وجملة «علقت معاك» وبطلة «هوستك» أو بطل نفسك يظهر فى حلمك وعلمك». «ويا واد يا تقيل». وفى هذه اللحظة تحديدا أرى سعاد حسنى أمامي..وأراها معى ببهجتها وشقاوتها وحلاوتها وطعامتها ودلعها وهي» تونسنى وتملأ عليا الدنيا».. وخللى بالك “ الدنيا ربيع والجو بديع .. قفل لى على كل المواضيع”ـ

.. وهل عرفت يا بهاء ويا أمين ويا سوسن ويا أميرة لماذا عشقت ومازلت أعشق السينما .الوله بالسينما والهوس بها..أو الولع بالسيما «مالوش حل».وبالمناسبة أقول أحيانا بكل ثقة وحسم لمن أراه متعجبا من كلامى هذا «من لا يعشق السينما أكيد العيب فيه» كلاكيت ..كمان وكمان. وعلى فكرة «عمرى ما زهقت من الحديث عن السينما وفتنتها وسحرها». هى السيما وهى أيضا السينما .. وفى كل الأحوال بحبها موت. سواء كانت أبيض وأسود أم بالألوان الطبيعية ـ وسواء كانت صامتة أم ناطقة.. وعلى فكرة عمرها ما كانت بالنسبة لى سينما أونطة!!ـ

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة