صالح الصالحى
صالح الصالحى


وحى القلم

الحب فى زمن الإنترنت

صالح الصالحي

الأربعاء، 26 يوليه 2023 - 11:13 م

نطالع يوميا ونسمع ونشاهد حوادث وجرائم قتل لأسباب مختلفة، لكن هذه الحادثة كان من الضرورى الوقوف أمامها كثيرا..

طالبة بالمرحلة الثانوية تنهى حياة صديقتها وزميلتها.. الخبر قد يبدو عاديا وغير مستغرب فى هذه الأيام.. وذلك لكثرة جرائم القتل التى نقرأ ونسمع عنها يوميا.. ولكن عندما تطالع محتوى الخبر لتتعرف على تفاصيله.. لابد أن تقف حائرا مندهشا ومستغربا!!

طالبة لا يتعدى عمرها ١٨ عاما تستدرج صديقتها فى نفس عمرها تقريبا إلى شقتها، ثم توجه لها طعنة نافذة بسكين.. وتتركها داخل الشقة لمدة ٣ أيام.. وتقوم بتقطيع قدميها وتحمل أجزاء الجثة فى جوال وتلقيها فى الترعة.. والعجيب أن ذلك كله يحدث من أجل الحب.. خلاف على حب شاب ومن يفوز بقلبه.

ومهما كان الخلاف بين الطالبة "الجانية" مرتكبة الجريمة وبين صديقتها "المجنى عليها".. لا يمكن أن أتصور أن تصل الأمور إلى هذه البشاعة فى ارتكاب الجريمة.. وهنا يحاصرنى عدد من الأسئلة..

أين أسرة الفتاة القاتلة؟.. ولماذا تركت الجثة فى شقتها ٣ أيام، تعيش وتتعايش معها؟!

القاتلة مازالت فى مرحلة الطفولة أو بداية الشباب "١٨ سنة" تقتل.. وتقطع الجثة.. وتضعها فى جوال وتلقى بها فى المصرف.. فعلت كل ذلك بمفردها وبدم بارد وأعصاب لا تهتز.. إيه القسوة دى؟!.. وإيه القلب ده؟!

والعجيب أن سبب كل ذلك هو الحب.. أى حب هذا؟!.. وقلبها ملىء بهذه القسوة والغل والبشاعة.

هذه الجريمة التى أرى أنها لم تتجاوز سوى المساحة التى كتبت فيها.. ولم تحظ باهتمام أحد رغم خطورتها باعتبارها مؤشرا خطيرا على ما نحن فيه وما نحن ذاهبون إليه. فإذا كانت هذه هى طبيعة الجيل.. فماذا نحن فاعلون؟!

هل انتزعت الرحمة من القلوب؟.. هل هذا هو الحب؟!

الحب الذى نعرفه يصفى القلوب ويسمو بها إلى فضاء فسيح ملىء بالبهجة والسعادة، يعلو بالنفوس للتسامح والصفاء والرضا.. أم أنه حب من نوع جديد.. حب فى زمن الإنترنت.. حب يخلو من المشاعر النبيلة والقيم الجميلة والأخلاق الحميدة.

لأبد أن نقف عند هذه الجريمة ليحللها خبراء علم الاجتماع وعلم النفس.. لنتعرف على الدوافع الكامنة فى طيات نفوس جيل بعضه لا يعرف الرحمة ولا الإنسانية.. لابد أن نتعرف على الأسباب التى أدت بفتاة فى مقتبل العمر إلى ارتكاب مثل هذه الجريمة.. وأنا هنا لا أقصد جريمة القتل فقط والتى من الجائز حدوثها إثر خلاف بين الطرفين.. ولكن أقصد ما بعد القتل.. ترك الجثة فى الشقة ثلاثة أيام ثم تقطيعها والتخلص منها..

رغم أنها فتاة صغيرة فى السن تحمل مشاعر وعاطفة نبيلة وتتسم بالأنوثة والرقة والعذوبة والعطف والحنية والطيبة.. وتتخلص من كل ذلك فى لحظة وبمنتهى السهولة وتتحول إلى قاتل محترف لا يعرف الرحمة.. بل تعرف كل معانى الكراهية لصديقتها والانتقام منها.

كل هذا يتطلب أن نقف جميعا لنعيد حساباتنا مع أبنائنا وطريقة تربيتهم فى زمن الإنترنت، قبل أن نندم أشد الندم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة