الرئيس عبدالفتاح السيسي
الرئيس عبدالفتاح السيسي


مصر كانت دوماً رائدة وسباقة فى انتهاج مسار السلام القائم على الحق والعدل والتوازن

السيسي بالقمة الإفريقية الروسية الثانية: دولنا تواجه عددًا ضخمًا من التحديات

أحمد حمدي

الجمعة، 28 يوليه 2023 - 08:27 م

شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي اليوم الجُمعة بمدينة سان بطرسبرج فى فعاليات النسخة الثانية من القمة الأفريقية الروسية. وألقى السيد الرئيس كلمة خلال الجلسة العامة للقمة تناول فيها الرؤية المصرية بشأن أسس تعزيز التعاون بين الجانبين الأفريقى والروسي، ونصها كالآتى:
«فخامة الرئيس «فلاديمير بوتين» رئيس دولة روسيا الاتحادية، فخامة الرئيس «غزالي عثماني» رئيس اتحاد جزر القمر ورئيس الاتحاد الأفريقى»، فخامة رؤساء دول وحكومات قارتنا الأفريقية.

◄ الرئيس يطرح رؤية مصر بشأن الظروف الدولية الراهنة وتعميق التعاون الاستراتيجي

◄ الدول الأفريقية ذات سيادة ويتعين أن تبقى بمنأى عن مساعى الاستقطاب فى الصراعات

◄ أهمية إيجاد حلول عاجلة لتوفير الغذاء والأسمدة بأسعار تساعد أفريقيا على تجاوز الأزمة

أود فى البداية أن أعرب لفخامة الرئيس «بوتين» عن تقديرنا لحفاوة الترحيب وكرم الضيافة، ويُسعدنى أن أتواجد اليوم فى الدورة الثانية للقمة الروسية الأفريقية التى تشرفت إلى جانب الرئيس «بوتين» بإطلاق نُسختها الأولى بشكل مُشترك عام ٢٠١٩ خلال رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى، حيث صاغ هذا المسار إطاراً مؤسسياً مُستداماً يليق بحجم وعُمق الشراكة التاريخية التى تجمع بين الدول الأفريقية وروسيا. 

وتأتى قمتنا اليوم في ظرف دولى بالغ التعقيد، ومُناخ عام يتسم بدرجة عالية من الاستقطاب، والتغيرات التى باتت تمس القواعد الرئيسية التى بنى على أساسها نظامنا الدولى بمفهومه الحديث، وتقف دولنا الأفريقية فى خضم ذلك لتواجه عدداً ضخماً من التحديات التي لا تؤثر فقط على قدرتها على استكمال مسارها التنموى وإنما تُهدد مُحددات أمنها، وحقوق الأجيال القادمة، وبحيث باتت شعوبنا تتساءل بشكل مشروع عما لدينا من أدوات وما نقوم به من إجراءات للتصدى لهذه التحديات، وتأمين مستقبل آمن لهم.

السيدات والسادة إن مصر كانت دوماً رائدة وسباقة فى انتهاج مسار السلام... سلام الأقوياء القائم على الحق والعدل والتوازن، فكان هو خيارها الاستراتيجى الذى حملت لواء نشر ثقافته، إيماناً منها بقوة المنطق لا منطق القوة، وبأن العالم يتسع للجميع. 

واسمحوا لى من هذا المنبر، وبمناسبة قمتنا اليوم، أن أطرح عليكم رؤية مصر بشأن الظرف الدولى الراهن، وكذا أهم المحاور التى نُقدر أهمية التركيز عليها كأساس لتعميق التعاون القائم تحت مظلة شراكتنا الاستراتيجية؛ أولاً: أن الدول الأفريقية دول ذات سيادة، وإرادة مستقلة، وفاعلة فى مجتمعها الدولى... تنشد السلم والأمن الدولى، وتبحث عن التنمية المستدامة التى تحقق مصالح شعوبها أولاً، ويتعين أن تبقى بمنأى عن مساعى الاستقطاب فى الصراعات القائمة. 

◄ اقرأ أيضًا | بوتين: التأكيد على عقد قمم روسية إفريقية كل ثلاث سنوات

ثانياً: أن صياغة حلول مستدامة للصراعات القائمة فى عالمنا اليوم، يتعين أن تتأسس على أهداف ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولى بما فى ذلك التسوية السلمية للنزاعات، والحفاظ على سيادة الدول ووحدة أراضيها، هذا بجانب ضرورة التعامل مع جذور ومسببات الأزمات لاسيما تلك المتعلقة بمحددات الأمن القومى للدول، وكذا أهمية الامتناع عن استخدام الأدوات المختلفة لإذكاء الصراع وتعميق حالة الاستقطاب، ومن بين ذلك توظيف العقوبات الاقتصادية خارج آليات النظام الدولى متعدد الأطراف.

ثالثاً: ضرورة الأخذ فى الاعتبار احتياجات الدول النامية وعلى رأسها دول قارتنا الأفريقية فيما يتعلق بالتداعيات شديدة الوطأة على اقتصاداتها جراء الصراعات والتحديات القائمة، وبالتحديد فى محاور الأمن الغذائي، وسلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الطاقة، وأؤكد فى هذا الشأن على أهمية إيجاد حلول عاجلة لتوفير الغذاء والأسمدة بأسعار تساعد أفريقيا على تجاوز هذه الأزمة، مع البحث عن آليات تمويل مبتكرة تدعم النظم الزراعية والغذائية فى أفريقيا، وأننى لأتطلع للتوصل لحل توافقى بشأن اتفاقية تصدير الحبوب يأخذ في الاعتبار مطالب كافة الأطراف ومصالحهم ويضع حداً للارتفاع المستمر فى أسعار الحبوب. 

رابعاً: تحتم التطورات الدولية المتلاحقة وتداعياتها التى باتت تمس كافة أرجاء عالمنا، وجود صوت أفريقى مؤثر وفعال داخل المحافل الدولية القائمة وبما يعمل على إيصال موقف الدول الأفريقية وإيضاح احتياجاتها ويحقق القدر المطلوب من التوازن عند مناقشة القضايا ذات التأثير المباشر على مصالحها، وأننى أعرب هنا عن تطلع مصر لأن تحظى المطالب الأفريقية فى إطار مجموعة العشرين، وكذا مساعى إصلاح المؤسسات التمويلية الدولية وصولاً لإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لأزمة أعباء الديون القائمة، بدعم الشريك والصديق الروسى.

إن الوثائق التى ستصدر عن قمتنا اليوم تثبت وبحق عمق العلاقات الاستراتيجية والروابط الهامة التى تجمع دولنا الأفريقية بالجانب الروسى، فضلاً عن الآفاق الواسعة لتعزيز العلاقات القائمة بيننا لاسيما فى المجالات محل الاهتمام المشترك وعلى رأسها تعزيز مقدرات السلم والأمن ومكافحة مهدداته، وكذا تفعيل مسارات التنمية الاقتصادية بالتركيز على قطاعات البنية التحتية والتصنيع الزراعى والتحول الصناعى بالاستفادة من التكنولوجيا الروسية، هذا بالإضافة لتعزيز الصلات الثقافية والروابط التاريخية بين شعوبنا.

وأننى أؤكد فى هذا الصدد، على التزام مصر باستمرار انخراطها بشكل جاد ومخلص فى جهود تعميق شراكتنا الاستراتيجية، إيماناً بالفرص ومساحات التعاون الواسعة القائمة فى إطارها، وذلك من خلال تسخير الأدوات والإمكانات المصرية على المستوى الوطني عبر تفعيل التعاون القائم بين الشركات المصرية ونظيرتها الروسية فى المجالات ذات الاهتمام المشترك، وعلى المُستوى القارى من خلال تفعيل رئاسة مصر للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات وكالة الاتحاد الأفريقى للتنمية «النيباد»، وكذا ريادة ملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد الصراعات على مستوى الاتحاد الأفريقى، لتدعيم جهود تعزيز السلم والأمن وتحقيق التنمية. 

وختامًا، أتقدم بالشكر مرة أخرى لروسيا ولفخامة الرئيس «بوتين» على عقد هذا المحفل، وأعرب عن التطلع لاستمرار التنسيق فى إطار الشراكة المحورية القائمة بيننا، متمنيًا للشعب الروسى وكافة الشعوب الأفريقية دوام التقدم والازدهار.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة