عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

«الحكيم» سميرى «2» !

عمرو الديب

الأحد، 30 يوليه 2023 - 08:36 م

تماما مثل بكارة إحساس تجربة الحب الأولى، وتفرد الشعور بالبدايات المذهلة جاءت خطواتى الأولى فى دنيا القراءة الساحرة مع عالم الأديب الكبير الراحل توفيق الحكيم الذى احتضن شهر يوليو المودع ذكراه إذ غادر عالمنا فى  أجوائه الحارة المرهقة، وكما ذكرت فى مقال الأسبوع الماضى وفى مقال سابق منذ فترة أسرنى تراث الحكيم الرائع بعمقه وثرائه وبسلاسته وتدفقه المذهل، وقد جاء اللواذ بكتبه فى تلك السن المبكرة فرارا من قيظ أغسطس منذ سنوات بعيدة فقد جذبنى عالمه بحواره الأخاذ، ونصوصه الرشيقة، وسرده المنساب بلا تكلف، مازلت اذكر أحاسيس الروعة التى انتابتنى رغم سنوات عمرى المعدودة حينها وأنا أسبح فى أفق نصه الباهر «أهل الكهف»، وأحاول فض مغاليق طرحها العميق، وحين انتهيت منها صرت أسيرا لهذا العالم بل متيما بدنيا القراءة السحرية، وأذكر أننى فى تلك الأيام البعيدة، انقضضت متلهفا باشتياق بالغ على كل مؤلفات «الحكيم» التى كان شقيقى الأكبر يقتنيها فى مكتبته الصغيرة، ولم ينقض ذلك الصيف البعيد إلا وقد انتهيت من قراءتها جميعا، إلى جانب أخرى له اشتريتها سعيدا، ومازلت احتفظ بها حتى الآن، ولابد حين يقع بصرى عليها اليوم من أن أتذكر ليالى القيظ فى يوليو، وأغسطس، وفترة الصبا، وكم من خلجة فى نفسى تنبض بالحنين وأنا أتذكر علامات منجزه الحى التى لا أستطيع نسيانها ما حييت: «شهرزاد»، «بجماليون»، «عودة الروح»، «يوميات نائب فى الأرياف»، «رحلة الغد»، «لعبة الموت»، «أشعب»، «زهرة العمر»، «عصفور من الشرق»، «أرنى الله»، ورائعته التى كتبها عن النبى الكريم -محمد صلى الله عليه وسلم- ومن أروع كتبه غير المشتهرة «تحت المصباح الأخضر» الذى التهمت صفحاته مستمتعا بلغة «الحكيم» السلسة وأدائه اللغوى الذى يبدو كالسهل الممتنع، وأدين لذلك الفذ دائما ليس فقط لانه منحنى أوقاتا ممتعة مفعمة بالأحاسيس المحلقة، ولكن أيضا لأنه أهدى فترة الصبا قيمة وبهاء بمنحها مفاتيح ذلك العالم، عندما كان سميرى فى الليالى الصيفية الحارة، فإذا بى على زورقه أجوب أنحاء تلك الدنيا الخلابة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة