لقطة من فيلم «كيرة والجن» عن رواية لأحمد مراد
لقطة من فيلم «كيرة والجن» عن رواية لأحمد مراد


فى استطلاع رأى عن العلاقة بين الفيلم والرواية

أدباء ونقاد : الصُناع يفضلون سينما النجم

الأخبار

الثلاثاء، 08 أغسطس 2023 - 05:21 م

إيثار حمدى

استطلاع رأى ضيق أجرته «الأخبار» على عينة عشوائية من عشاق السينما، حول اختيار أفضل الأفلام التى ينصحون بمشاهدتها، وكانت النتيجة أن معظم الأعمال التى تم اختيارها - سواء أجنبية أو محلية - أدبية مأخوذة من عمل روائى أو قصة، ما جعلنا نطرح السؤال التالى على كاتب ومخرج وناقد: لماذا اختفت الأفلام المأخوذة عن الروايات فى السينما المصرية؟ فيما عدا فيلم «كيرة والجن» المأخوذ عن رواية لأحمد مراد لم يكن بين إنتاج العام الماضى أفلام مأخوذة عن روايات.

الكاتب يوسف القعيد يرى أن الدولة توقفت عن الإنتاج السينمائى، فى حين أن القطاع الخاص لا يعنيه كثيراً أن يقدم فيلماً عن رواية أو قصة قصيرة أو حكاية أديب معين أو قصته أو روايته، ويقول: كل هذا لم يعد له وجود على الإطلاق، وأصبح القطاع الخاص معنياً بسينما النجم، أى أن الفيلم يتم تفصيله على مقاس نجم معين بغض النظر عن قيمته الفنية والأدبية، فالأهم هو قيمته التجارية، وكم الإيرادات التى سيعيدها للشركة المنتجة.

أما دور مصر السينمائى باعتبارها أول دولة فى الشرق الأوسط عرفت الفيلم والعروض والنجوم السينمائية وعظمة الفن السابع فلا يهم القطاع الخاص، ويذكرنا القعيد أن مصر قادت الكثير من الدول العربية بفضل السينما باعتبارها الجوهر والأساس، ويدعو القعيد إلى استعادة صناعة السينما مرة أخرى بأى شكل من الأشكال نظرا لأهمية دورها الثقافى فى الوطن العربى وربما العالم الثالث بالكامل.

ويشير أنه فى أغلب دول العالم الأفلام التى تلاقى نجاحاً وجماهيرية واسعة هى المأخوذة عن روايات، ما كان يحدث قديما فى مصر فعلى سبيل المثال فيلم «دعاء الكروان» للكاتب طه حسين قام ببطولته فاتن حمامة وأحمد مظهر، وكذلك الأعمال المقتبسة من روايات العديد من الروائيين مثل نجيب محفوظ وغيره هى الأكثر نجاحاً وجماهيرية وشهرة أيضا، فثلاثية بين القصرين وقصر الشوق والسكرية، أهم فيلم من 3 أجزاء ما يزال يصنع تأثيره رغم مرور عشرات السنين على إنتاجه، فالأفلام التى اعتمدت على الرواية والقصة القصيرة هى التى استمرت حتى يومنا هذا.

ولكنه يعتقد أنه من الصعب العودة مرة أخرى كما كنا لأن الشركات الخاصة لا يعنيها سوى المكسب ولا يهمها الدور الثقافى، والربح يأتى وراء نجم معين بصرف النظر عن رأى المثقفين فيه أو تقييمهم له، وهذا الدور يجب أن تقوم به الدولة ممثلة فى أى جهة من الجهات، من أجل تقدم الأفلام التى تعيد دور مصر الثقافى والسينمائى فى الوطن العربى.

جمهور لا يقرأ !

أما الناقد السينمائى عصام زكريا رئيس مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة فيقول إن صناع السينما يريدون من الأدباء أن يذهبوا إليهم ليقدموا أنفسهم وهذا غالبا لن يحدث، وللأسف هذا من أهم أسباب غياب الأدب الروائى عن السينما فالمنتجون ينتظرون والأدباء لن يذهبوا وهكذا، إلا إذا كان هناك كاتب محظوظ مثل أحمد مراد لأن صديقه مروان حامد ساعده فى نقل رواياته بسهولة للسينما.

ويأسف زكريا لأنه لم يعد هناك اهتمام بنص السيناريو، ومواصفات النص حاليا أصبحت تجارية بحتة وهو ما يخص الصناعة بشكل عام، وفيما يتعلق بالسينما المستقلة فأصبحت ذاتية، فى المقابل يحتوى النص الأدبى على الكثير من الشخصيات والفقرات التاريخية، ويحتاج لبحث وإنتاج ضخم، فهم يقدمون نصوصاً خاصة بالعالم المعروف لهم والقريب من تفكيرهم، إضافة إلى أنه عامة السينما لا تناقش القضايا بشكل عميق للغاية وتتناول الأمور بشكل سطحى، وبالطبع كانت هناك فترة فيها طموح وجرأة بشكل أكبر وأعمال ضخمة تناقش موضوعات مهمة.

وأوضح: الصناعة بشكل عام تعانى وهناك استسهال فى تقديم الأفكار المعاصرة والحاضرة، والمشكلات اليومية الحالية، ومشكلة الأدب أنه يناقش موضوعات أبعد قليلاً عن الواقع ويناقش فترات تاريخية أقدم من الوقت الحالى، إضافة لضعف الثقافة بشكل عام، وللأسف الجمهور المستهلك للسينما لا يقرأ، ومستوى عمق الأفلام التى تعرض حاليا يزداد ضحالة.

للإنتاج حسابات خاصة !

يرى المخرج أمير رمسيس أن الرواية كانت موجودة قديماً ويؤخذ عنها الكثير من الأفلام ولكنها لم تكن من أساسيات صناعة السينما، حتى أننا لم نكن من الرواد لأننا لو نظرنا للسينما الأمريكية والفرنسية فسنجد إنتاجها أضخم كثيرا، ولكن يمكن القول بإن شغل السينما المرتبط بالأدب يعتمد بشكل أساسى على الروايات الأكثر مبيعاً، فى العالم كله، ما يحدث خارج مصر وحتى قديماً فى مصر عندما كانت تحول روايات نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وطه حسين كان هؤلاء بمقاييس الوقت هم أصحاب الروايات الأكثر مبيعاً فى مصر..

وأضاف: بعد تلك الحقبة اختفت الرواية ولكن مع بداية الألفية بدأت فى العودة نسبياً مع بعض الكتاب مثل أحمد مراد أو محمد صادق أو غيرهما، ولكن إذا دققنا فى الأمر فسنجد أن الرواية المصرية الأكثر مبيعاً أصبحت محدودة، بالطبع لدينا أعمال أدبية غاية فى الروعة، ولكن السينمائيين يجدون صعوبة شديدة فى تحويلها لفيلم لأن الحسابات الإنتاجية دائما ما تذهب للرواية التى حققت مبيعات مرتفعة، ومن الممكن أن تتجه السينما إلى الرواية التى يطلق عليها «B class novel» أو«airplane novel» وهى الروايات التى تتم قراءتها فى الطائرة للتسلية وتحصد شهرة أكثر من الروايات الأدبية لأنها تصلح لأن تتحول لفيلم سينمائى أكثر منها وهذا فى العالم كله.

وعن عودة الرواية للسينما المصرية قال: علينا أن نسأل فى البداية عن عودة السينما نفسها مرة أخرى، قبل أن نسأل عن عودة الأدب!


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة