25 شركة في العالم، ثرواتها أكبر من عدد كبير من دول العالم مجتمعة، فالأموال التي تملكها شركة «أبل»، تساوى الدخل القومي، لثلثي دول العالم. من بين هذه الشركات، تعتبر شركة أكسنتور مثالا للحلم الأمريكي، فهي من أكبر شركات الاستشارات والإدارة فى العالم وتدير عشرات المليارات من الدولارات سنويا، وبدأت فى الخمسينيات من القرن الماضى كجزء من حسابات وكالة آرثر اندرسون، وكان أول أعمالها تقديم استشارات لشركة جنرال اليكتريك لتأسيس نظام كمبيوتر لتسهيل عمليات الدفع،وبعد ذلك بعقود بدأت شركة اندرسون للاستشارات عام 1989، قبل أن تتحول لاسم اكستنور عام 2001، إلا ان أعمال الشركة حاليا أصبحت خارج أمريكا بالأساس ليس لأنها فتحت فروعا فى المكسيك واليابان ودول أخرى لكن لأنها وجدت فوائد كبيرة خارج السوق الأمريكى مثل ضرائب أقل وعمالة أرخص وقوانين تعاقدية أكثر تساهلا، وانتقلت من جزر برمودا إلى أيرلندا عام 2009 فى مكان أقل ضرائب من ذى قبل.. وحاليا يعمل 373 ألف موظف فى أكسنتور يتوزعون على 200 مدينة فى 55 دولة.
ووصف تقرير لمجلة فورين بوليسى الأمريكية شركة اكسنتور بانها مثال على الشركات «عديمة الجنسية» وهو مصطلح ظهر عام 2001 فى كتاب رصد ظاهرة الشركات التى تعتبر معاملاتها الاستثمارية تخترق كافة حدود الدول على عكس الاتجاه السائد فى خمسينيات القرن الماضى حينما كانت الشركات تفتخر بانتمائها لبلد معين. شركات مثل إكسون موبيل، ويونيليفر، وبلاك روك HSBC, DHL, Visa اختارت جميعها أماكن مصانعها ومكاتبها الادارية وحساباتها البنكية بناء على تساهل اللوائح والقوانين وتوفر الموارد.. وتقوم أذكى الشركات «عديمة الجنسية» بفتح مقر قانونى لها فى بلد ومقر ادارى فى بلد اخر وتكون الادارة المالية فى بلد ثالث والفريق الادارى يتوزع على عدة بلدان.
بعض الشركات التى انطلقت من أمريكا مثل ميكروسوفت وجنرال اليكتريك التى تمتلك تريليونات من الدولارات تفضل البقاء ضمن شركات «الأوف شور» المعفاة من الضرائب عبر شركات قابضة فى دول مثل سويسرا، ولوكسمبورج، وجزر كايمن، وسنغافورة.
وفى مؤشر عن التوتر بين صناع السياسات وتلك النوعية من الشركات أطلق بعض المراقبين عليها «دخل بلا دولة» بينما وصف الرئيس الأمريكى باراك أوباما اكتناز تلك الشركات للأموال بانهم شركات قابضة هاربة.
ويوضح تقرير «فورين بوليسي» أن ظهور الشركات عديمة الجنسية أعطى تعريف جديد للقوة العظمى الدولية، ولذلك يحاول حاليا مسئولون فى الاتحاد الاوروبى وضع نظام ضرائبى موحد يمنع الشركات الكبرى من الاستفادة من اختلاف النظم الضريبية ولكن اذا حدث ذلك - وهو أمر مستبعد- ستبحث الشركات عن فرص خارج القارة الاوروبية لتكون شركات «بلا جنسية»، وهو ما يدل على دخول العالم عصر جديد قانون القوة فيه ليس للسيادة وانما للعرض والطلب.
لكن هل يتحول «البيزنس» من انعدام الجنسية إلى كونه افتراضيا؟ بعض المحللين يتوقعون ذلك حيث تحولت شركات وادى السيليكون المتخصصة فى البرمجيات لتكون أقوى من شركات وول ستريت والحكومة الامريكية نفسها، كما توقع المحللون تشكيل مجتمع أعمال إلكترونى افتراضي.