صورة موضوعية
صورة موضوعية


مشهد روسيا وأوكرانيا يتكرر قريبًا| أمريكا «تستدرج» الصين إلى مستنقع تايوان

آخر ساعة

الخميس، 10 أغسطس 2023 - 06:52 م

■ كتبت: دينا توفيق

تنفذ إدارة الرئيس الأمريكى «جو بايدن» خطة لوضع تايوان فى مواجهة عسكرية مباشرة مع الصين.. خطة تحمل العديد من أوجه التشابه مع الاستراتيجية التى تم استخدامها فى أوكرانيا، حيث تم استفزاز روسيا ردًا على التهديدات لأمنها القومي. وفى هذه الحالة، من المتوقع أن ترد بكين على التحديات المتزايدة لوحدة أراضيها من قبل وكلاء الولايات المتحدة وحلفائهم السياسيين العاملين في تايوان، ستؤدى هذه التحريضات حتما إلى دعم مادى أكبر من الولايات المتحدة التى عملت خلسة خلف الكواليس من خلال وسائل الإعلام لخلق أزمة.

◄ واشنطن تقدم الدعم اللوجستى لتايوان.. ومخاوف من حرب بالوكالة مع بكين

◄ الصين تمثل التحدى الجيوسياسى الأكثر أهمية للولايات المتحدة

◄ أمريكا تعلن حزمة أسلحة بـ345 مليون دولار لتايوان كدفعة أولى

تم تحديد خطة مواجهة الصين عسكريًا فى استراتيجية الأمن القومي لعام 2022 التى تم فيها تحديد الصين على أنها «التحدى الجيوسياسى الأكثر أهمية للولايات المتحدة» الذى عبر عن «نيته إعادة تشكيل النظام الدولي».

أعقب تحليل إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي هذا التزام صريح بالسيادة فى الصراع للسيطرة على منطقة «المحيطين الهندى والهادئ» التى «تغذى الكثير من النمو الاقتصادى العالمى وستكون بؤرة الجغرافيا السياسية للقرن الحادى والعشرين.» تؤكد استراتيجية إدارة بايدن على الدور الحاسم الذى سيلعبه الجيش فى المواجهة الوشيكة مع الصين: «سنقوم بتحديث وتقوية جيشنا حتى يكون مجهزًا للعصر المنافسة الاستراتيجية مع القوى الكبرى.. أمريكا لن تتردد فى استخدام القوة للدفاع عن مصالحنا الوطنية».

إن دفع الصين إلى مستنقع تايوان هو المرحلة الأولى من استراتيجية احتواء أوسع تهدف إلى الحفاظ على مكانة الولايات المتحدة الأولى فى النظام العالمى مع منع الصين من أن تصبح الاقتصاد المهيمن فى المنطقة، تتضمن الخطة أيضًا عناصر اقتصادية وسيبرانية ومعلوماتية مصممة للعمل بالتنسيق مع الخطة العسكرية. تريد واشنطن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء إلى ذروة النظام العالمى أحادى القطب عندما حددت الولايات المتحدة الأجندة العالمية ولم يكن لها أى منافس.

تدعى الولايات المتحدة أنها ملتزمة بسياسة صين واحدة. فى زياراتهم الأخيرة لبكين، حيث صرح مسئولو إدارة بايدن الثلاثة؛ وزير الخارجية «أنتونى بلينكين» ووزيرة الخزانة «جانيت يلين» والمبعوث الأمريكى للمناخ «جون كيري» علنًا بدعمهم الثابت لسياسة الصين الواحدة.

ووفقًا لمجلة «فوربس» الأمريكية، قال بلينكين خلال لقائه مع الرئيس الصينى «شى جين بينج» إن الولايات المتحدة تتبنى سياسة «صين واحدة» ولا تدعم استقلال تايوان، لكنها تشعر بالقلق إزاء «الأعمال الاستفزازية» الصينية على طول مضيق تايوان.

تمهد الولايات المتحدة لحرب بالوكالة على الصين، وقد تم تصنيف تايوان على أنها خطوط المواجهة فى تلك الحرب. إن حركة الاستقلال مجرد غطاء اختارته واشنطن لإخفاء أهدافها الحقيقية. هذا هو السبب فى أن تايوان أصبحت نقطة اشتعال فى العلاقات الأمريكية الصينية.

لذا كان هناك عدة زيارات لوفود بقيادة واشنطن إلى تايبيه للتعبير عن دعمهم الضمنى لاستقلال تايوان، بالإضافة إلى تخصيص الكونجرس ملايين الدولارات لتسليح الجيش التايواني، وإرسال البحرية الأمريكية سفنًا حربية عبر مضيق تايوان وإجراء مناورات عسكرية مكثفة فى محيط الصين؛ مما يزيد من استفزاز الأخيرة بشأن القضية الأكثر حساسية. كانت هذه الخطوة تهدف إلى إثارة غضب الصين وتحديها فى قضية يوجد اتفاق عالمى بشأنها.

ووفقًا لموقع «بوليتيكو» الأمريكي، الولايات المتحدة تعلن عن حزمة أسلحة بقيمة 345 مليون دولار لتايوان كدفعة أولى من العتاد العسكرى الذى تبلغ قيمته مليار دولار سنويًا. تستخدم إدارة بايدن نفس المخطط لتزويد أوكرانيا بمليارات الدولارات من المعدات العسكرية الأمريكية لتكثيف الحرب ضد روسيا. كما دفعت روسيا إلى صراع فى أوكرانيا، تعمدت الولايات المتحدة إثارة صراع مع الصين حول تايوان؛ لقلب الرأى العام ضد الصين من خلال تصويرها على أنها معتدية عنيفة تشكل تهديدًا واضحًا لجيرانها.

بالإضافة إلى بكين عن حلفائها وشركائها التجاريين الإقليميين. وصرح المتحدث باسم السفارة الصينية فى واشنطن «ليو بينجيو»، أن «الصين تعارض بشدة العلاقات العسكرية الأمريكية ومبيعات الأسلحة لتايوان.» وطالب واشنطن بالتوقف عن بيع الأسلحة لتايوان، وعن خلق عوامل جديدة يمكن أن تؤدى إلى التوترات فى المضيق.

ومؤخرًا، أجرى الجيش التايوانى مناوراته الحربية السنوية التى تستمر عدة أيام والمعروفة باسم تدريبات «هان كوانج»، والتى ركزت على صد الغزو الصينى للجزيرة. وتعاملت تدريبات هذا العام بشكل أكبر من ذى قبل على التهديدات التى تتعرض لها البنية التحتية الرئيسية ومراكز النقل، بما فى ذلك مطار تايوان الدولى الرئيسى بالجزيرة. وفى حديثه إلى وسائل الإعلام، برر رئيس الوزراء التايوانى «تشين شين جين» التدريبات، قائلاً: «تدريبات اليوم فى تاينان، بما فى ذلك محاكاة سيناريوهات الحرب، ليست فقط بسبب الحساسية الدولية المتزايدة التى أثارتها الحرب الروسية فى أوكرانيا، بل إنه انعكاس للتهديدات والاستفزازات المستمرة من الصين الموجهة لبلدنا».

وفى الحقيقة هى أن الولايات المتحدة، وليس الصين، هى التى قلبت الوضع الراهن فى شمال شرق آسيا رأساً على عقب، مما مهد الطريق لصراع فى المحيطين الهندى والهادئ بين القوى المسلحة نووياً، حتى مع تكثيف الحرب مع روسيا فى أوكرانيا. ومثلما ضحت بعدد لا يحصى من الجنود والمدنيين الأوكرانيين، فهى على استعداد لفعل الشيء نفسه فى تايوان وتحشد حلفاءها الإقليميين، بما فى ذلك اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، إلى الحرب.

◄ اقرأ أيضًا | بايدن: سأزور فيتنام «قريبا» لتحسين العلاقات

تشير كل هذه التطورات إلى أن خطط الولايات المتحدة لصراعها مع الصين فى مرحلة متقدمة وأن برميل البارود التايوانى يمكن إشعاله فى أى وقت. ويوضح الكاتب الأمريكى والمحلل الجيوسياسى «مايك ويتني»، أن قدرًا كبيرًا من العداء تجاه الصين هو نتيجة الدعاية الإعلامية التى لا هوادة فيها والتى تهدف إلى شيطنة المنافس الاقتصادى الأكثر رعباً للولايات المتحدة. وعلى سبيل المثال، كيف أُصيب الشعب الأمريكى بحالة جنون بسبب منطاد صينى انحرف عن مساره وعبر أجزاء من الولايات المتحدة والذى لا يشكل أى تهديد لأى شخص. حولت وسائل الإعلام هذه الحادثة غير المهمة إلى قصة مروعة عن التجسس الدولى حيث أطلق على المنطاد المدنى الخاطئ اسم «منطاد التجسس الصيني» الذى كان هدفه الشائن هو «جمع المعلومات الاستخباراتية من عدة مواقع عسكرية أمريكية حساسة». 

تعد الصين هى المنافس الوحيد الذى لديه نية لإعادة تشكيل النظام الدولي، لامتلاكها القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية للقيام بذلك. لذا فإن العدو الأول للولايات المتحدة هو الصين، التى تمثل التحدى الجيوسياسى الأكثر أهمية، وتلتزم الولايات المتحدة وحلفاؤها التزامًا تامًا بالانتصار فى صراع القوى العظمى مع روسيا والصين، ولديهم فهم واضح للأهداف التى يريدون تحقيقها ومستعدون للمخاطرة بأى شىء من أجلها.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة