صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


الكابوس المخيف ! 

سيد عبد النبى

الثلاثاء، 15 أغسطس 2023 - 02:30 م

دق جرس الباب فتحت أسماء لتجد أمامها صديقتها التي تزوجت منذ عدة أسابيع وقبل أن تعلن لها عن فرحتها برؤيتها أمسكت صديقتها بيدها بشدة مبتسمة من الفرحة وقالت "أنا جيبالك عريس لقطة يا أسماء بيشتغل في أمريكا وهو صديق زوجي شافك في فرحي وأعجب بيكي".

اقرأ أيضاً| حكايات| «لون شين» قصة قرية صينية هجرها أهلها.. صور

لم تصدق ما سمعته على لسان صديقتها التي عادت تقول لها بثقة عريس بيشتغل في أمريكا.. عارفة يعني إيه أمريكا يعني فلوس كتيرة قوي وحياة لم تريها من قبل، بعد يومين جاء العريس كان يبدو متغطرسا متلبدا لم يرق لوالد أسماء هذا الشاب المتعجرف.
قال لقد طبعت أمريكا عليه كل صفاتها الكريهة كيف يعاشر أبنتي وهو على هذه الهيئة.. ردت أسماء سوف يتغير يا أبي لا تنسى أنه يعيش هناك منذ عدة سنوات طويلة والغربة تعلم الإنسان القسوة والبرود، وتفقده مشاعر الدفء والحنان وسوف يتغير بعد الزواج.
وبعد عدة جلسات بين العريس ووالد أسماء تم الاتفاق خلالها أن يشتري شقة تمليك باسمه في مصر يتم تأسيسها لتكون مقرًا ثابتًا لابنته كلما جاء إلي مصر للزيارة وحتى تشعر بالاستقرار والأمان.
لم يطلب العريس شيئًا سوي أن تجهز أسماء نفسها للسفر خلال عام، حتى ينتهي هو من إعداد عش الزوجية هناك، وفي حفل عائلي بسيط قدم لها شبكة متواضعة سافر العريس اللقطة تاركًا وراءه فرحة كبيرة عمت أسرة هذه الفتاة التي لم تصدق أنها ستري يومًا بلاد العم سام وأنها ستعيش هناك أيامًا أكثر رغدا من تلك الأيام التي تعيشها هنا في مصر.

وعدت أسماء أمها وشقيقتها أن تشتري لهن كل عام ما يطلبنه من ملابس وغيره وسوف ترسلها إليهن في حالة عدم حضورها ولأن هذا الزوج لن يبخل عليها بأي شئ فهي سوف تضحي بالحياة وسط أسرتها وفي بلدها وسوف تسافر معه إلي الخارج حيث المجهول لتكون الحضن الدافئ الثري الذي يحتوي آلامه وأحلامه وتكمل معه مسيرة حياته العملية الصعبة هناك.


أحلام كثيرة لازمت شهورًا تلك المسكينة في الوقت الذي راح والدها يقوم بتأسيس الشقة بالمهر البسيط الذي تركه العريس المهاجر بل وقام بفك وديعة مالية صغيرة كان يخصصها لزواجها ليكمل بها تأسيس الشقة مرت الشهور وكلما دق جرس الباب اعتقدت أن طردًا كبيرًا سوف يصلها من أمريكا محملًا بالهدايا يعبر بها عريسها عن تقديره وحبه لها، ولكن هذا لم يحدث، بل فوجئت بخطاب يرسله اليها وكان بداخله مفاجأة غريبة ،كتب لها يؤكد أنه لن يستطيع الانفاق عليها في أمريكا وأن عليها إذا أرادت الذهاب هناك أن تستعد لأداء أي عمل تستطيع منه الانفاق على نفسها، وأنه في حالة عدم الموافقة على هذا الشرط تسليم شبكته ومهره إلي شقيقته التي ستمر عليها بعد يومين.


لم تصدق المسكينة مضمون هذه الرسالة الغريبة، صرخت من شدة الصدمة.. معقولة هذا الشاب ذو الجذور الشرقية المصرية يصدر عنه هذا الكلام ابن الرجولة ابن النخوة أبن أبن أبن ، إن والدها الموظف البسيط الذي يتقاضى بضع مئات الجنيهات التي تكفي بالكاد نفقاتها وشقيقاتها لم يطلب من أمها يومًا الخروج للعمل لمشاركته نفقات المنزل، إنه يبذل قصارى جهده لاسعادها ولم يرفض لها طلبًا، بل كان يعمل أعمالاً إضافية ليحقق مطالبها ومطالب أولاده حتى تخرجوا جميعًا في الجامعة، وبعد بكاء مرير على ضياع الحلم الذي لم يعد حقيقة بل تحول إلي كابوس مخيف راحت المسكينة تمسح دموعها التي أغرقت وجهها الصغير قالت في نفسها إن بنات الناس لسن لعبة.. سوف أحرق قلبه على شبكته كما حرق قلبي ورفضت أن تعيدها إلي شقيقته بل وكذلك المقدم الذي تم شراء أثاث بضعف قيمته وفي أحد مكاتب تسوية منازعات الأسرة دخل محامي العريس يقدم طلبًا باستعادة الشبكة والمهر لعدم إتمام الزواج قدمت أسماء صورة من خطاب الزوج الذي خيرها بموجبه بين السفر إليه والعمل والانفاق على نفسها وكأنه زوج من بلاستيك تمت إحالة الطلبات إلي محكمة الأسرة للفصل فيها.
 

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة