صورة موضوعية
صورة موضوعية


حامد عز الدين يكتب: سؤال لا ينتظر الإجابة: أيها المشرعون الأمريكيون.. ألا تستحون؟!

آخر ساعة

الثلاثاء، 22 أغسطس 2023 - 10:50 م

■ بقلم: حامد عز الدين

بعد يومين فقط من التقرير الذى نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية وأكدت فيه- نقلا عن مسؤولين أمريكيين ومصريين - أن مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى رفضت الرضوخ لمطالب الولايات المتحدة بإرسال أسلحة وذخائر إلى أوكرانيا لدعمها فى مواجهة روسيا وتمسكت بموقف الحياد فى هذه الحرب، حدث تطور عجيب غريب. فقد وجه 11 من النواب الأمريكيين مذكرة تحمل توقيعاتهم إلى وزير الخارجية يطالبونه فيه بعدم التراجع عن خصم ما قيمته نحو 300 مليون من المساعدات الأمريكية العسكرية لمصر البالغة 1.3 مليار دولار (نحو ربع قيمة المساعدة المنصوص عليه فى اتفاقية بين الدولتين بعد توقيع معاهدة السلام المصرية- الإسرائيلية) بحجة عدم حدوث تقدم فى ملف حقوق الانسان فى مصر.. 

وقد اطلعت على الرسالة تفصيلا وكان من الواضح أن الإدارة الأمريكية تحاول فحسب الضغط على الحكومة المصرية التي التزمت بالحياد لأنها تتعامل «بشرف في زمن عز فيه الشرف» فيما النواب يلحون في طلب التراجع عن التزامات أمريكية «موثقة». 

والطريف أن مقدمة الرسالة تحمل إشادة بمصر كما جاء بالنص في المقدمة التي أنقلها هنا نصا: «مع اعترافنا بالعلاقة التاريخية الثنائية عميقة الجذور بين الولايات المتحدة ومصر، القائمة على الروابط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المشتركة. وإدراكا منا وتأكيدًا على الدور المهم الذي لعبته وتلعبه مصر في الشرق الأوسط، تاريخيًا في اتفاقيات كامب ديفيد وما تلاها من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وكون مصر هي أول دولة عربية تعترف وتطبع العلاقات مع إسرائيل في مسعى دبلوماسي شجاع وجريء. ونعلم كذلك أن مصر واصلت مصر لعب دور استباقي في المنطقة من خلال دعم وتشجيع الجهود المتعلقة باتفاقات السلام وكذلك في تسهيل المحادثات بين الحكومة الإسرائيلية والجماعات الفلسطينية ومحاولة نزع فتيل التوتر والتوصل إلى تفاهمات بين الطرفين». 

وبعد هذه المقدمة وإذا بالخطاب يطالب بقوة وزارة الخارجية بعدم التراجع عن تجميد نحو ثلث المساعدات العسكرية البالغة 1.2 مليار. وهو نفس المبلغ الذي لم يزد دولاراً منذ العام 1980 حتى اليوم. ولا أظن أن الحديث عن عدم وجود تقدم في ملف حقوق الإنسان هو السبب في هذا الموقف بالمرة ، وإنما من المؤكد أن شعور جماعات الضغط بالتغير في طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر في السنوات الأخيرة حيث لم تعد الإدارة المصرية تتصرف بحساب وتطلب الإذن من الإدارة الأمريكية، وفي ظل انتهاء واضح ومتسرع الإيقاع لنظام القطب العالمي الواحد إلى نظام متعدد الأقطاب «تلعب فيه مصر دورًا محوريًا» وراء هذه المحاولة الأمريكية البائسة للعودة إلى أسلوب التهديد والوعيد بتقليص المساعدات. 

فقد صنعت السياسية الأمريكية مجموعة من العلاقات الممتدة غربا وشرقا. فمن الغرب أصبحت العلاقات المصرية الفرنسية السياسية والعسكرية وثيقة وقوية ومتعددة وخصوصا في المجالين الاقتصادي، من خلال مشاركة العشرات من كبريات الشركات الفرنسية في المشروعات التنموية العملاقة التي تشهدها، وهو نفس الأمر- بإيقاع أقل قليلاً- مع كل من ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهي دول تعتبر مصر هي القائد للقارة، والقوة صاحبة الثقل صاحبة الصوت المسموع على مستوى الشرق الأوسط من خلال علاقاتها القوية مع مختلف الدول العربية، وبصفة خاصة مع دول الخليج العربية. أما عن العلاقات المصرية مع كل من الصين وروسيا فهي غنية عن الإيضاح من خلال تعاون ضخم مع الدولتين اقتصاديا وسياسيا وعسكريا. مما أدى إلى نجاح عملي لمصر في مجال تنويع مصادر الأسلحة. وهو أمر بلا شك أزعج شركات السلاح الأمريكية، المتحكمة إلى حد كبير في توجهات الإدارات الأمريكية جمهورية كانت أم ديمقراطية. ولم تنس الإدارة المصرية تعميق علاقاتها مع كل القوى في القارتين الأفريقية والآسيوية والأمريكية الجنوبية الأخرى. 

ويبدو أن الإدارة الأمريكية «الديمقراطية» بقيادة الرئيس الأمريكي «التائه» جو بايدن، لم تنس كيف واجهت مصر المخطط الشرير بإسقاط الدولة المصرية بدعم كامل معلن لجماعة الإخوان المسلمين التي أسقطها الشعب المصري إلى غير رجعة، بثورته الشعبية في 30 يونيو، وكذلك بصنع ودعم وتمويل لجماعتي القاعدة وداعش الإرهابيتين اللتين أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب- ولم يعلق على كلامه أحد- أنهما صنيعتا الرئيس الأسبق باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون. 

وكم كنت أتمنى لو أشار النواب الديمقراطيون في رسالتهم إلى الدور المشبوه، الذي لعبته الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس الأسبق باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون في مؤامرة مفضوحة تحت ما عرف بـ«التدمير الخلاق» التي أسفرت عن الفوضى التي شهدتها مصر في تلك الفترة التي كانت ذروتها أحداث الفوضى في يناير 2011، التي كانت إدارة بايدن تتابعها بسعادة، وتسكب الزيت على النار بتصريحات: الآن .. أي الآن». وهي الفترة التي استمرث آثارها الكارثية على الاقصتاد المصري «وعندها كانت مصر على وشك أن تصبح دولة غير قابلة للحكم» . 

ولولا توفيق الله سبحانه وتعالى ومن بعده تماسك الشعب المصري وقوته، وتدخل الجيش المصري الوطني لاستعادة زمام الأمور، وإسقاط نظام الحكم الإخواني «المصنوع أمريكيًّا» من خلال اتفاقات بعضها معلن وبعضها سري مع خليط من جماعة الإخوان وعملاء الاستخبارات الأمريكية- بعضها مسجل بالصوت والصورة - وكذلك الدور المشبوه والمستمر حتى اليوم للاستخبارات البريطانية لكان السقوط لمصر مؤكداً!. واليوم يخاطبنا هؤلاء معتبرين أن وجود 5 آلاف مسجون مدان بأحكام قضائية بعد محاكمات شهد العالم كله بنزاهتها في درجات التقاضي، انتهت بإدانة الكثيرين بالعنف وللبعض بالخيانة والتآمر على الوطن، هي انتهاكات لحقوق الإنسان.

وكأن حقوق الإنسان بالمفهوم الأمريكي هي حقوق الإنسان في العمالة لأمريكا بالخيانة والتآمر على الأوطان.

سؤالي الاستفهامي الاستنكاري للإدارة الأمريكية ولكافة مؤسساتها، وللكونجرس الأمريكي بمجلسيه: أيها المشرعون الأمريكيون.. ألا تستحون؟!.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة