د. نجلاء شمس مجمع البحوث الإسلامية
د. نجلاء شمس مجمع البحوث الإسلامية


بقلم واعظة

«على وجهه مسحة ملَكٍ»

الأخبار

الخميس، 24 أغسطس 2023 - 06:41 م

لا أذكر أنى مررت بوصف يملك النفس، وينشرح له الصدر، ويأخذ بمجامع اللب، وتستريح فى ظله الخواطر، لوجه جميل؛ كوصفه صلى الله عليه وسلم وجه جرير البجلى رضى الله عنه: بقوله: «على وجهه مسحة ملَكٍ» فأخرج من فِيهِ جملة لا يسمعها متأمل إلا تاه بخياله، وغمرته الغبطة، وتمنى من ذلك الوجه صورة يطالعها؛ لا ليبتسم لصنيع الله فيها فقط؛ بل ليذوق أيضًا حلاوة وصفه صلى الله عليه وسلم وجهًا جميلًا، أى وجهٍ كان وجهه؟.. وأى جمال بعدك يا جرير ظفر بواصف أعظم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ كل وجه جميل بعد وجه جرير يتيم أبتر!.. الْإِمَامُ أَحْمَدُ .قال: قال جَرِيرٌ: لَمَّا دَنَوْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ أَنَخْتُ رَاحِلَتِي، ثُمَّ حَلَلْتُ عَيْبَتِي، ثُمَّ لَبِسْتُ حُلَّتِي، ثُمَّ دَخَلْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَرَمَانِى النَّاس بِالْحَدَقِ، فَقُلْتُ لِجَلِيسِى يا عبد الله هل ذَكَرَنِى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نعم! ذكرك بأحسن الذكر بينما هُوَ يَخْطُبُ إِذْ عُرِضَ لَهُ فِى خُطْبَتِهِ وَقَالَ يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَوْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ مِنْ خَيْرِ ذِى يَمَنٍ، إِلَّا أَنَّ عَلَى وَجْهِهِ مَسْحَةَ مَلَكٍ قَالَ جَرِيرٌ: فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا أبلاني. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.. فأى ملك عظيم يا جرير قد ملكته!.. ومن أثنى وأعجب؟ رسول الله! نعم، لقد صبَّ الله الجمال فى قلبه عليه الصلاة والسلام؛ للحد الذى دعاه إلى استيعاب المعنى الذى انتهى إليه، كان رفيع الذوق، حسن التودد، إذا أعجبه شيء تهلل وجهه، وانطلق لسانه، وعبر تعبيرًا باهرًا يتغلغل فى الشغاف، وتميل له النفوس وتطمئن، كان يُثْنِى ويُثَنّى ثناءه بابتسامة، يقول ويفعل؛ لذلك يُعدّ الرسول الكريم رمزًا للأخلاق الإسلامية فى أكمل صورها، وكيف لا؟ وهو مثال الإنسانية الكاملة، وملتقى الأخلاق الفاضلة!!.. أما إنسانيته: فقد ولدت معه، ولازمته فى أطوار حياته، فكان نبتة رطبة بين قلوب قد قست، وطباع قد غلظت، ومشاعر قد تبلدت، وانتزع عن جدارة من بين القلوب الغلاظ، والألسنة الحداد، اعترافًا، بعلو إنسانيته، وأما أخلاقه، فكانت مستمدة من عند الله، فهو - سبحانه - الذى صنعه على عينه، وأدبه فأحسن تأديبه.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة