آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

رأس الأفعى!

آمال عثمان

الجمعة، 25 أغسطس 2023 - 08:35 م

حينما زرتُ الصين لأول مرة فى تسعينيات القرن الماضي، كانت الحكومة تنتهج سياسة «الطفل الواحد» منذ الثمانينيات، والتى فرضتها الدولة بصرامة على جميع مواطنيها بسبب الزيادة السكانية الهائلة، التى أدت إلى أسوأ مجاعة عرفتها البلاد فى تاريخها الحديث، وبعد عقدين من الزمن، ومع بداية الألفية الثانية، زرتُها مرة أخرى، وفوجئت بأن الدولة بدأت تتساهل فى سياستها، ولكن كثيراً من الشباب أضحوا يُحجمون عن الإنجاب، وهو ما أدى إلى تراجع تعداد السكان، بنحو 850 ألف نسمة عن العام السابق لأول مرة منذ 6 عقود.

تلك المعضلة السكانية التى نجحت الصين فى مواجهتها دون تهاون، هى أكبر مشاكل بلدنا، والمصدر الرئيسى للمصاعب والأزمات والأثقال التى ينوء بها الوطن، ورأس الأفعى التى أنجبت الفقر والبطالة، وأدت إلى تدهور الصحة والتعليم، واستفحال الفساد ومخالفات المباني، والاعتداءات على الأراضى الزراعية، ونمو العشوائيات، واشتداد الزحام والتكدس، وتفاقم طمع وجشع من يبيع سلعة أو خدمة، وانهيار الأخلاق والسلوكيات، وارتباك حركة مرور السيارات فى الشوارع، حتى صارت القيادة فى الطريق نوعاً من الصراع، والحصول على مكان لوضع السيارة، أصبح أمراً من رابع المستحيلات!

لقد هبطنا وتراجعنا وتخلفنا بسبب طغيان ذلك الغول المفترس، ومبدأ «كل طفل يأتى برزقه»، ومع ذلك لم نتخذ أى إجراءات صارمة لوقف تلك المفاهيم المتخلفة، ووضع حد لمواجهة هذا الوحش الكاسر الذى يقضى على الأخضر واليابس، ويستنزف أى نمو أو زيادة فى الدخل القومي، وينسف كل تقدم أو تحسن فى جودة الحياة.

 إن الصين التى كانت نموذجاً يُحتذى فى استثمار الموارد البشرية، أصبح تعدادها السكانى يتناقص عاماً بعد الآخر، فى حين تعداد مصر السكانى يزداد بالملايين عاماً تلو الآخر، حتى كسرنا حاجز 120 مليون نسمة، ومازالت الزيادة مستمرة بنجاح منقطع النظير!!

إننى أطالب الدولة بتشكيل لجنة علمية من مختلف التخصصات، لديها كافة الصلاحيات، لإيجاد حلول قوية وناجعة، لا تقتصر على التوعية والترغيب والإرشاد، وإنما تشمل أيضاً إجراءات صارمة، تتصدى لتلك المعضلة الصعبة، على أن تكون قراراتها ملزمة لكل الجهات، وتُنفذ بكل حسم وجدية، ودون أى تهاون أو استثناءات، هذا إذا كنا حقاً نريد إنقاذ بلدنا وحماية شعبنا.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة