نوال مصطفى
نوال مصطفى


نوال مصطفى تكتب: الـ «بريكس».. بوصلة العالم جنوبا وشرقا

نوال مصطفى

الثلاثاء، 29 أغسطس 2023 - 07:16 م

◄| هي خطوة كبيرة ومهمة تتطلب الإعداد الجيد لها، فالفرص التى يتيحها هذا التجمع الذى ولد «كبيرًا» بلا حدود

لفتنى هذا الاهتمام الهائل من الدول الست التى تم قبول طلب عضويتها للانضمام إلى تجمع دول «بريكس» وهى مصر، السعودية، الإمارات، إثيوبيا، إيران، الأرجنتين. قرأت العديد من الأخبار، والتقارير الصحفية المصرية، والعالمية التى تتحدث عن أهمية هذا التجمع خاصة بالنسبة للاقتصاديات الناشئة، والواعدة فى الوقت نفسه.

جمعت ما استطعت من معلومات تساعدنى على فهم الموضوع، فأنا لا أكتفى بالعناوين العريضة، والنتائج الجاهزة، بل أحاول أن أكون قناعاتى الخاصة المبنية على المعلومات والحقائق، وليس على التمنيات والأحلام فحسب.

وإليكم ما خلصت إليه فى موضوع تجمع «بريكس» وما أهمية وجودنا ضمن هذا التجمع.
أولاً:
«بريكس» هى الحروف الأولى المختصرة لأسماء الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادى فى العالم، وهى: البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا. ويبلغ إنتاج هذه الدول مجتمعة حوالى 23% من إجمالى الناتج العالمى، فى حين يبلغ عدد سكانها حتى الآن وقبل انضمام الدول الست الجديدة حوالى 42% من إجمالى عدد سكان العالم. وحجم تجارتها أكثر من 16% من إجمالى حجم التجارة العالمية. مساحة دول تجمع «بريكس» 25% من مساحة الكرة الأرضية، وتقع تلك الدول الخمس فى قارات العالم المختلفة، أوروبا، آسيا، أمريكا الجنوبية، أفريقيا وهذا يحقق فكرة التنوع المناخى والثروات الطبيعية.

ثانياً: لماذا هذا التجمع الاقتصادى الذى تم تأسيسه عام 2008 فى روسيا؟ و ما سر الإقبال من مختلف القارات للانضمام إليه؟ السبب الواضح هو ما يطرحه «بريكس» من رؤى وسياسات تسعى لترسيخ تعاون دولى أكثر عدالة، يتيح للبلدان الصاعدة والنامية أفقًا أوسع، ومن المؤكد أن أحد أهدافها الرئيسية هو إقامة علاقات دولية خالية من هيمنة القطب الواحد، وتقوم على التعددية، وكسر هيمنة الدولار الأمريكى على التعاملات المالية الدولية. ولهذا تركز على دعم العملات المحلية والتبادل التجارى باستخدامها. طبعا هناك طموح لدى هذا التجمع فى إصدار عملة موحدة للدول المشاركة فيه، لكنه فى رأيى هدف معقد، يحتاج إلى الكثير من الجهد والدراسة.
ثالثاً: تفعيل عضوية مصر فى تجمع «بريكس» سيبدأ فى الأول من يناير 2024. وهى خطوة كبيرة ومهمة تتطلب الإعداد الجيد لها، فالفرص التى يتيحها هذا التجمع الذى ولد «كبيرًا» بلا حدود، وأرى ضرورة تشكيل فريق عمل من كافة الوزارات، وليس وزارات المجموعة الاقتصادية فحسب لدراسة الفرص والتحديات، وإمكانية التشبيك والتعاون من دول وقارات مختلفة تفتح آفاقا مختلفة للانطلاق فى النمو الاقتصادى، ونحن نملك من الموارد الطبيعية، والموقع الجغرافى، والتأثير السياسى والاستراتيجى ما يؤهلنا إلى الدخول بقوة فى هذا القطب الاقتصادى الواعد. لقد نجحنا فى الانضمام إلى «بريكس» كواحدة من ست دول مختارة من 40 دولة تقدمت للانضمام، وهذا يعنى قناعة تلك النمور الاقتصادية بقدرة مصر على أن تلعب دورا مؤثرا فى مسارات تجمع «بريكس» ورؤيتهم لما تحقق من بنية تحتية قوية فى أقل من تسع سنوات على أرض مصر. والآن حانت اللحظة لكى نثبت لأنفسنا قبل الآخرين أننا فعلاً جاهزون ومستعدون لتلك الخطوة المهمة.


الانتخابات الرئاسية

يشغلنى هذه الأيام مثلما يشغل الكثير من المصريين موضوع الانتخابات الرئاسية التى اقترب موعد استحقاقها فى مصر بنهاية عام 2023 وبداية عام 2024. الانتخابات مسئولية إذا كنا فعلا نريد أن نكون شركاء فى صنع مستقبل بلدنا.
قراءتى للمشهد الحالى أعادتنى إلى شريط الذكريات التى مررنا بها خلال العشر سنوات الماضية. سنة من حكم الإخوان أصابت الأغلبية من الشعب المصرى بالضياع واليأس. عندما تولى الإخوان الحكم وبدأوا تنفيذ مخططهم الأسود لمحو هوية مصر، مصر التى تميزت عبر تاريخها بالانفتاح وتقبل كل الثقافات واحترام حرية العقيدة والتعايش مع الآخر، مصر التى ذاب فى نسيجها الثقافى العديد من الحضارات، وآمنت بالتعددية؟ جرت محاولة استبدالها بهوية مستبدة، دموية، متطرفة لا تقبل التعدد، ولا تتعايش مع الاختلاف. ظهر الرئيس عبد الفتاح السيسى فى ذلك الوقت كمنقذ لمصرنا الغالية، ولنا جميعا، وعبر بمصر أصعب منحدر كاد أن يهوي بها إلى بئر بلا قرار.
وضع الرئيس رقبته على كفه وخلص مصر من هذا الحكم البغيض، وبعدها دخل معركة طاحنة مع الإرهاب الذى استهدف بلادنا على أيديهم فى محاولة لزعزعة استقرار مصر، وكسر مفاصل الدولة.
ثم بدأ فى سنوات حكمه الأولى فى تأسيس البنية التحتية المنهارة، وأنجز العديد من المشروعات العملاقة التى تضمن مستقبل الأجيال القادمة، وتجذب المستثمرين، وتدعم الاقتصاد المصرى. فى وسط هذا كله أطلت أزمة فيروس كورونا بوجهها الكئيب لتدمر اقتصاد العالم كله، تأثرت مصر قطعا مثلما تأثرت دول العالم كله، وما أن مرت الجائحة وبدأ الاقتصاد المصرى يتعافى قليلا، حتى فاجأتنا الحرب الروسية الأوكرانية لتجعل الأمور أصعب، وأقسى.
رغم كل ذلك نرى المشروعات تجرى على أرض مصر، وتجمع «بريكس» يختار مصر ضمن الدول الست الجديدة للانضمام إليه. ولا يتوقف الرئيس عن دعم البسطاء فى بلادنا بمبادرات رائعة: «100 مليون صحة».. «حياة كريمة».. «مصر بلا غارمين أو غارمات» وغيرها من المبادرات التى تدعم أهل بلدنا الطيبين.

لذلك اختياري أن يستكمل الرئيس عبد الفتاح السيسى مشروعه الإصلاحى لبناء مصر المستقبل.


المتدرب

هو واحد من الأفلام الأثيرة عندى، لا أمل فعلا من مشاهدته كلما صادفته على إحدى قنوات الأفلام. ربما لأننى عاشقة للسينما، أصبح لدى ذائقة خاصة فى اختيار الأفلام المفضلة لدىّ، والمتدرب، أو «The Intern» اعتبره واحدا من أجمل الأفلام على قائمتى.
أكثر ما يعجبنى فى هذا الفيلم هو الرسائل غير المباشرة التى تتوزع بشكل طبيعى وتلقائى على امتداد مدة العرض. رسائل معجونة بخبرات الحياة، يحدث ذلك دون خطابة أو مباشرة، بل من خلال شخصية رجل سبعينى، أنهى خدمته فى دار النشر التى كان يعمل بها، وتوفت زوجته التى كانت الشريكة، الصديقة، والونيس.
شخصية «بن» تختلف كثيرا عن معظم الرجال، والنساء فى مثل سنه، فهو مليء بالحياة، منظم جدا، يعشق روتينه اليومى الذى اعتاد عليه طوال فترة عمله، وهو الاستيقاظ فى السادسة صباحا على صوت المنبه، ثم القيام مباشرة للاستحمام، واختيار ملابس الخروج بعناية وشياكة، من دولابه المنسق بدقة عالية، وبعدها ينزل إلى الشارع «الحياة» ليلتقى البشر، ويتفاعل معهم حتى ولو عن بعد. يتمشى، يجلس ليشرب قهوته ويقرأ جرائده.

فى أحد الأيام قرأ إعلاناً يطلب متدربين فى شركة للملابس الجاهزة «فاشون» أون لاين. كان على المتقدم أن يسجل فيديو قصيراً جداً يقدم فيه نفسه، ويشرح سبب رغبته فى الالتحاق بالعمل فى الشركة كمتدرب. برقت الفكرة فى عقل «بن» فسارع بالإستعانة بأحد الشباب فى إنجاز هذا الفيديو، وبالفعل تم قبوله كمتدرب فى الشركة.
طبعاً الموقف كان فى غاية الغرابة، فكل الموظفين فى الشركة فى العشرينات، أو أوائل الثلاثينات بمن فيهم صاحبة الشركة ومديرتها «جوليس»، لذلك تم إسناد مهمة قيادة سيارة «جوليس» إليه فى البداية، لأنها كانت الأقرب إلى تصورهم للدور الذى يمكن أن يشارك به فى الشركة. مع تتابع الأحداث نرى كيف تكونت بينه وبين معظم شباب وشابات الشركة علاقات إنسانية، دعمها وساندها استعداده، ورغبته الصادقة فى تقديم مهاراته المهنية، وكم المعلومات القادمة من خبرات الحياة المختلفة التى خاضها عبر سنوات ومراحل حياته.
مع الوقت أصبح «بن» صديق الكل والملاذ الحقيقى للشباب الذين يواجهون مشاكل مختلفة، كان يساعد أحدهم بنصيحة، ويستضيف أحدهم فى منزله الأنيق، المرتب بعناية حتى يجد سكناً بعدما اضطر لمغادرة السكن المؤقت الذى كان يسكن فيه، يسدى النصائح العاطفية لشاب لا يعرف كيف يقترب من فتاة زميلة له ويصارحها بحبه، والكثير من المواقف الشبيهة التى جعلت من «بن» الأب الروحى لكل العاملين فى الشركة تقريبا، ليس عاطفيا فحسب، بل بالدعم، والعطاء بكافة صوره.
يتجلى جمال شخصية «بن» فى موقفه العظيم مع ربة عمله الشابة «جوليس» التى كانت تعانى فى صمت، تضطرها صورتها كامرأة مستقلة، متحققة، تقود وتملك شركة ناجحة لأن ترتدى قناع القوة طوال الوقت، رغم ما يختبئ خلفه من آلام مبرحة، ووجع حقيقى.
يقرأ المتدرب المخضرم ما يدور فى عقل مديرته الشابة، يحس بما تعيشه وحدها من صراع عنيف، يتصرف بحكمة، دون أن يكلمها فيما قرأه، أو تصادف أن عرفه بشأن خيانة زوجها الذى تحبه لها، ورغبتها فى التخلى عن حلمها فى نجاح شركتها، من أجل أن تستعيد زوجها، وتحافظ على أسرتها الصغيرة زوجها، وطفلتها الوحيدة.
من المشاهد الرائعة المؤثرة جدا فى الفيلم هذا الذى تذهب فيه إلى غرفة المتدرب فى الفندق الذى يقيمان فيه أثناء سفرهما لمقابلة المدير التنفيذى الذى قررت أن تعينه بدلا منها لإدارة الشركة، تطلب «جوليس» من «بن» أن تبقى معه قليلاً لأنها فى حاجة لأن تتكلم.
تصارح «جوليس» «بن» بما عرفته، وبالمصادفة كان هو أيضا يعرف بهذا الأمر ولم يخبرها. تحولت المديرة وصاحبة العمل إلى طفلة صغيرة، ضعيفة، يعتصرها الألم ولا تدرى كيف تتصرف؟ إنها تحب زوجها لا تزال رغم ما عرفته، لكنها على استعداد أن تغفر وتستعيد حبها وحياتها، وتسأل المتدرب، هل قرارى بتعيين مدير غيرى سيحل المشكلة؟ ويجيء رأى المتدرب: «إنه حلمك وقد عشت طويلا تبنين وتعملين لتحقيقه، لا تدعي أى شيء يبعدك عن حلمك».

هذا الفيلم الملهم يقول الكثير، ويعطى أفكاراً عديدة حقيقية، طبيعية، وصادقة لما يجب أن نفعله بحياتنا، فى كل مرحلة من مراحل العمر، وأهم رسالة فى رأيى هى كيف ننظر إلى الكبار نظرة مختلفة، كيف نستفيد من خبرات نادرة، وحكمة معتقة، وروح إنسانية لا تزال تنبض بالحياة والأمل. الفيلم بطولة العبقرى روبرت دى نيرو والرائعة آن واثواى. إنتاج 2015.
كلمات:
«أعشق السير تحت المطر كى لا يشعر بى أحد حين أبكى».. شارلى شابلن.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة