كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

النسيج الوطنى

كرم جبر

الأربعاء، 30 أغسطس 2023 - 09:48 م

الشعب والإقليم والسيادة، هى ثلاثة مكونات لأى دولة مستقرة فى العالم، واستطاعت مصر أن تحافظ عليها رغم الظروف الصعبة التى مرت بها فى سنوات سابقة.

قوام الشعب المصرى هو الحفاظ على النسيج الوطنى، وأهم عناصره العلاقة المتينة بين المسلمين والأقباط، وكلما كانت هذه العلاقة مستمرة وقوية، ازدادت حصانة المجتمع وقدرته على مقاومة الفتن.

حاول المستعمر دق الأسافين قبل ثورة 23 يوليو، بهدف إشعال صراعات بين المصريين بعضهم البعض، لتخفيف حدة المقاومة الشعبية ضد المستعمر الإنجليزى، وقابل المصريون ذلك بشعار عظيم هو «الدين لله والوطن للجميع».

وتعانق الهلال والصليب ودقات الأجراس مع صوت الأذان، والاجتماعات المشتركة بين رجال الدين من الجانبين فى مختلف المناسبات، ولم يجد الداهية اللورد كرومر المندوب السامى البريطانى فى مصر مفراً من أن يعترف لحكومته بفشله فى تمزيق النسيج الوطنى المصرى.

وفى الثمانينات والتسعينات لجأت الجماعات المتطرفة إلى مؤامرات من نوع مختلف فيما سُمى بأسلمة القاصرات، وإثارة النعرات بين الشباب من الجانبين، إلا أن الأزهر والكنيسة وقفا بالمرصاد لكل المحاولات، وفشلت المؤامرة.

وتحطمت على جدران المحبة فتاوى التطرف التى تمس العلاقات المتوارثة بين المصريين، مثل التهنئة فى الأعياد والاحتفالات وشم النسيم ورأس السنة الميلادية، وتجسدت المشاعر الطيبة فى احتفال المسلمين بمولد السيدة العذراء، وإقامة المسيحيين لموائد الإفطار فى شهر رمضان، وغيرها من مظاهر التألف والتواصل.

وكان الاختبار الأهم عندما تولى الإخوان الحكم وظن المتطرفون أنه ضوء أخضر لتمزيق النسيج الوطنى ليس بين المسلمين والأقباط فقط، ولكن بين المسلمين والمسلمين بإثارة الخلافات التاريخية بين مختلف المذاهب خصوصاً بين السنة والشيعة، ورفض المصريون التورط فى الصراع.

وحدث فى عام حكم الإخوان أكبر عدد من الاعتداءات على الكنائس، فوقف المسلمون يحمون الكنائس ورفعوا شعار كنائسهم مثل مساجدنا، وتبرع المسيحيون لإخوانهم المسلمين بالدم فى الحوادث الإرهابية، ليؤكدوا للجميع أن هذا الرباط القوى سيظل إلى يوم القيامة.

ورسخت الدولة المصرية مبادئ مهمة: المواطنة التى تضم الجميع تحت رايتها بعيداً عن الفتن، والمساواة فى الحقوق والواجبات دون النظر إلى الديانة، وإقرار مبدأ العدالة القانونية لحسم المشاكل التى قد تنشأ دون النظر إلى ديانة مرتكبيها.

ما تحقق فى ملف التسامح والتعايش والمحبة إنجاز كبير ينبغى التمسك به والدفاع عنه، فلأول مرة يشعر المسلمون والأقباط بارتياح شديد فى العلاقات بين الطرفين، بسبب حرص الدولة أن تكون حارساً أميناً على الوحدة الوطنية.

قوة الدولة فى حكمتها وقدرتها على الحفاظ على نسيج المجتمع، والتدخل بحسم لعلاج المشاكل أولاً بأول، وإشعار الجميع بعدالتها ووقوفها على قدم المساواة مع مواطنيها.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة