عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

محفوظ فى ذاكرتى

عمرو الديب

الأحد، 03 سبتمبر 2023 - 09:20 م

كأنه الأمس القريب.. ذلك اليوم البعيد الذى جاءنا على متنه نبأ الرحيل، وفيه صدمنا خبر الغياب بلا رجوع، ومازلت أستشعر على الرغم من كر السنين مذاق الفقد المرير، وأحس وخز الألم، كلما تذكرت ذلك اليوم المكفن فى لفائف العقود، ففيه صفعنا نبأ مغادرة أحد الضمائر الحية لمصرنا الخالدة، ونفاد العمر الأرضى لواحد من أفذاذ الكلمة فى تاريخنا الحديث والمعاصر بعد رحلة عطاء حافلة، ومنجز إبداعى هائل مرموق يسمو كثيرا عن الجوائز البارزة التى تقلدها، وفى مقدمتها جائزة نوبل التى لم يسع أديبنا المنتمى العاشق لوطنه..

نجيب محفوظ إلى الحصول عليها، ولم يتنازل يوما عن أية قناعة فى حياته، من أجل نيلها والافتخار بها، كما فعل البعض من الذين تصوروا ان الاجتراء على المأوى مغازلة وخطب لود المؤثرين من السادة المانحين، فقد أتته أرفع الجوائز الأدبية العالمية، وهو جالس فى مكانه ببيته المعروف على أحد ضفاف نيل القاهرة، فذلك الإنسان الأنبل -رحمه الله تعالى- وهذا المبدع الاستثنائى لم يقدم سوى ذوب نفسه فى نصوص آسرة بالغة الروعة والحميمية والدفء، لم يفتعل المواقف الزائفة، أو الضجيج اللافت ترويجا لأدبه، وتسويقا لاسمه، كما يفعل البعض لاهثين وراء الجوائز، والعطايا وفتات الدوائر المغرضة، لذا يومض نجيب محفوظ الذى حلت ذكرى مغادرته دنيانا الفانية منذ أيام فى ضميرى دوما ليس فقط كمبدع مذهل، ولكن كنموذج إنسانى باهر، وكمعنى يجل عن الوصف، ويستعصى على الشرح، ويبدو أن افتنانى بنموذجه الإنسانى يرقى إلى مستوى انبهارى وتأثرى بنصه الخلاب العابر للأزمنة، وكما ذكرت مازلت أحس بتلك المرارة، وذاك الالتياع الذى تملكنى فى ذلك اليوم البعيد من أيام عام 2006، على الرغم من كل هذه السنين التى تراكمت من بعده، ومازلت أذكر كيف ضغطت على نفسى، وهى تتلوى ألما تحت ضربات الوجيعة، وصفعات الفقد كى أعد موضوعا عنه، وكتبت نبأ وفاته لنشره فى الصفحة الأولى من جريدتنا العريقة «الأخبار» حيث جلست محاولا الانفصال عن ذاتى لأكتب ما أعرفه عنه مستعينا بخلاصة حواراتى معه، ومتذكرا أبرز ملاحظاتى التى أسفر عنها عدد من اللقاءات معه كنت معتزا جدا بها، ونشر الخبر والتقرير عن وفاة نجيب محفوظ فى صدارة الجريدة؛ وهو الفذ الذى عاش فى صمت ودون ضجيج، ولم يفتعل يوما لذيوع اسمه وترويج نصه.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة