الجمعة، 08 سبتمبر 2023 - 07:10 م

كلما زرتُ مانهاتن، أحرص بشدة على الذهاب إلى ميدان التايمز بقلب نيويورك، لمشاهدة مسرحية موسيقية من الأعمال الفنية المعروضة فى شارع برودواي، أشهر مكان فى العالم فرض نفسه كفضاء للعروض المسرحية الموسيقية الغنائية، وذلك لعشقى الشديد لمشاهدة ذلك النوع من العروض المسرحية، التى تجعل المتفرج فى حالة من النشوة والاستمتاع الوجداني، وتصحبنا إلى عالم من الخيال والجمال والإبهار، وتسحرنا وتمنحنا طاقة جبارة من البهجة والسعادة. 

والشارع الذى يطلق عليه شارع الفن والموسيقى والمسارح، وجعل من نيويورك عاصمة ثقافية للغرب فى القرن العشرين، يزوره كل عام أكثر من 14 مليون سائح، ويحقق دخلاً يصل إلى 2 مليار دولار سنوياً، لذا يقولون: إذا لم تشاهد ولو عرضاً مسرحياً واحداً فى شارع برودواي، فإنك لم تقم بزيارة نيويورك!

 وحين تلقيتُ دعوة من الصديق المبدع مدحت العدل لحضور عرض «شارلى شابلن»، مرت بخاطرى صور ومشاهد من مسرحيات موسيقية عديدة، سبق وشاهدتها على مسارح برودواي، وانبهرت بديكوراتها واستعراضاتها، لكننى أفقتُ من الحلم الذى عبر بى المحيط، ووصل إلى المدينة الأمريكية، لأننى أعلم يقيناً ما تحتاجه مثل تلك العروض من ميزانيات ضخمة، حتى تظهر بالصورة المدهشة والمبهرة التى نراها فى برودواي، لذلك بات التصدى لإنتاج مثل تلك الأعمال يعد مغامرة غير محسوبة العواقب. 

وبمجرد أن بدأ العرض ذهبتْ كل مخاوفى أدراج الرياح، وكأن الحلم أبى إلا أن يتحقق رغم بُعد المسافات، واختلاف الأمكنة والتوقيتات. شاهدتُ استعراضات وأداءً تمثيلياً يخطف الألباب، وإضاءة ومؤثرات وملابس وديكورات وتقنيات غاية فى الاحترافية، وسينوغرافيا ورؤية إخراجية حديثة ومبهرة، ونصاً غنائياً مدهشاً، يختزل باقتدار قصة حياة الأسطورة الفنية «شارلى شابلن» أهم الممثلين والمخرجين فى عصر السينما الصامتة، والفيلسوف الذى أضحك وأبكى العالم برغم صمته وحزنه! 

 وقد سعدتُ باختيار هذا العرض الفنى الملىء بالتحديات، ليُعرض خلال حفل افتتاح مهرجان المسرح التجريبي، وفى وجود مسرحيين من مختلف دول العالم، جاءوا ليقدموا تجاربهم المسرحية المعبرة عن ثقافة مجتمعاتهم، فتحية لمخرج العرض المبدع محمد البوهى، والمؤلف د. محمد العدل الذى وقف خلف هذا الحلم الفنى، وراهن عليه، حتى تحول لواقع جميل وكسب الرهان.