حامد عزالدين
حامد عزالدين


آخر صفحة

حامد عزالدين يكتب: وماذا عن اسم حواء؟

حامد عز الدين

الثلاثاء، 19 سبتمبر 2023 - 04:46 م

ورد اسم آدم عليه السلام في القرآن الكريم 25 مرة، وهو نفس عدد المرات التى ورد فيها اسم عيسى عليه السلام - وذلك موضوع نتناوله فيما بعد - كما ورد اسم آدم فى التوراة والإنجيل بنفس الحروف والنطق.

 وعلى رغم ذلك لم يرد اسم حواء مطلقا فى القرآن الكريم باللغة العربية، وورد فى التوراة والإنجيل مرات عدة تحت الاسم اللاتينى «إيف و إيفا». وعرف المسلمون اسم حواء عليها السلام بهذا اللفظ من السنة النبوية المطهرة؛ فقد ورد ذكرها فى أحاديث منها «لَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ» متفق عليه. 

إذن ماذا يعنى تعريف اسم حواء؟.. فعلها حوى بمعنى احتوى واسم الفاعل للمذكر «حاوى» وللمؤنث حاوية. أما صيغة المبالغة على وزن فعال فهى حواء، أى كثيرة الاحتواء للحياة. وعليه يصبح الاسم حواء هو تأكيد لوظيفة الأنثى فى الكون. فحواء تحتوى النطفة الذكرية في رحمها الذى خلقه الله معدا - بلا نتوء ولا شعر ولا عظم - لاستقبال النطفة الذكرية وحفظها حتى تنقسم وتتكاثر ويتكون الجنين حتى اكتمال نموه ثم خروجه للحياة . وبعد الولادة تكون الأنثى أيضا هى المسئولة عن استكمال المهمة بإرضاع الوليد مما وهبها الله في ثدييها من حليب فيه كل أسباب اكتمال الحياة (هل رأيتم إنثى ترضع وليدها واقفة؟). بل إن المرأة هى المسئولة بعدها عن احتواء الأسرة بالمساعدة فــى ترتيب كل ســبل الحـــياة. واللافت أن المعنى العربى للاسم اللاتينى أيضا هو الحياة والحفاظ على الحياة. 

وهنا يبقى مهما الإشارة إلى الآية 149 من سورة الذاريات (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). فالله سبحانه وتعالى خلق كل شيء - بمعنى الشمول والإحاطة - من زوجين لضمان استمرار النوع. فأصغر حبة سمسم في داخلها فلقتان  مختلفتان (سالب وموجب) تنبت من خلالهما بمجرد زرعها فى الأرض، بل إن كل شىء بالمعنى المعنوى هو من زوجين كالليل والنهار.  

والنطفة الذكرية هي المسئولة عن تحديد نوع الجنين لأنها هى التى تقوم بتخصيب البويضة الأنثوية التى لا تصلح وحدها. وهذا هو المعنى الذى تحمله الآية الرقم 189 من سورة الأعراف (هُوَ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) ، وقوله سبحانه: (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا).

فالنفس الواحدة هى آدم المخلوق بحيث يحمل الزوجين المسئولين عن التكاثر، فيما زوجه - أى حواء - فهى مجعولة. والفارق بين الخلق (الإيجاد من عدم)، والجعل «الإيجاد من موجود»، هو تفسير خلق حواء من ضلع شديد الانحناء كان موجودا في صدر آدم لحماية القلب. فنحن جعلنا خشب الشجر مكتبا، وجعلنا الحديد دبابة! والضلع ليس أعوج بمعنى ملتو، لكنه أعوج بمعنى شديد الانحناء حتى يمكنه حماية القلب. لهذا اكتسبت الأنثى حنانها وطبيعتها  وأمومتها. وفسّر الإمام الشعراوي الضلعَ الأعوج في الحديث تفسيراً لطيفاً يراعى فيه شعور المرأة، فقال بأنّ معنى الضلع الأعوج ليس فيه انتقاص من المرأة، وإنّما هو دلالة على اختصاصها بطبيعة تختلف عن الرجل، وهو دلالة كذلك على استقامتها للمهامّ التى أُنيطت بها فى الحياة، فالمرأة يغلب فيها جانب العاطفة على العقل، ليناسب المهامّ التى تقوم بها من رعاية الأطفال، والحنوّ عليهم، بينما ترى الرجل يغلب فيه جانب العقل على العاطفة، ليتناسب مع واجباته ومهامّه فى الحياة.

أرجو من الله سبحانه أن أكون وفقت فى توضيح الفكرة. وعلى الله قصد السبيل. وإلى الأسبوع المقبل بمشيئة الله إن كان فى العمر بقية.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة