جلال عارف
جلال عارف


فى الصميم

«أهو ده اللى صار»..

جلال عارف

الثلاثاء، 19 سبتمبر 2023 - 06:53 م

رغم جهود مشكورة للاحتفال بمئوية رحيل عبقرى الموسيقى العربية سيد درويش، فمازلت أعتقد أن الاحتفاء بهذه الذكرى يمكن أن يكون أكبر من ذلك بكثير.. ليس فقط لقيمة المجدد الأعظم لموسيقانا حتى اليوم، ولكن أيضاً لأننا نحتاج لذلك إذا أردنا أن نفتح الباب أمام نهضة فنية جديدة لن تسير فى طريقها الصحيح إلا إذا انطلقت من عند سيد درويش.

ولنتذكر جيداً.. أن سيد درويش انطلق وسط مناخ وطنى ومع ثورة شعب مصر عام ١٩١٩ وفى ظل متغيرات أنتجت جيل النهضة الذى جاء بسيد درويش فى الموسيقى ومختار فى النحت وشوقى وحافظ فى الشعر ثم الرواد العظام لثقافة التنوير مع طه حسين والعقاد ولطفى السيد.. والقائمة لا تنتهى والدرس باقٍ ليؤكد أن الإبداع العظيم لا ينفصل عن مسار الوطن ولا عن أشواق الناس للعدل والحرية والجمال.

ولعلنا نذكر أيضاً أن التراجع الذى أصاب مصر مع بقاء الاحتلال وتلاعب القصر وفساد حكومات الأقلية خلق مناخاً عمل على حجب فن سيد درويش بعد رحيله حتى تغيرت الأوضاع مع ثورة يوليو والنهوض الوطنى الشامل الذى واكبته نهضة فنية غير مسبوقة مع أجيال جديدة من المبدعين ومتغيرات سياسية واجتماعية فتحت أبواب الابداع فى المسرح والسينما والأدب والموسيقى التى انفتحت على العالم، لكنها أيضا عرفت أن البداية لابد أن تكون من سيد درويش. وأتذكر وأنا فى سن صغيرة كيف أخذنى الدكتور حسين فوزى فى برنامجه الشهير عن الموسيقى العالمية إلى عالم سيد درويش منطلقاً من لحن «الشيطان» ليضعه بين الكبار فى الموسيقى العالمية.

نحن الآن بدأنا النهوض الثقافى والفنى بعد سنوات من النضال ضد أفكار الجاهلية الجديدة التى سممت المناخ العام.. وبعد إهمال طال لقوتنا الناعمة من الفنون والآداب والثقافة الواعية والمعبرة عن وطن لم يتوقف عن النضال من أجل مستقبل أفضل. وطن يحتاج أن يكمل ما بدأنا من فن يكون البشير بالأجمل، ويكون التعبير الحقيقى عن الناس كما كان سيد درويش العظيم.

الاحتفاء بسيد الموسيقى المصرية والعربية فى ذكراه يعنى أننا جادون فى إحداث نهضة حقيقية نستعيد بها دور قوانا المؤثرة من فنون وثقافة وأدب بعد سنوات أوصلتنا إلى غناء «المهرجانات».. و.. «أهو ده اللى صار» كما قال سيد درويش فى لحنه البديع قبل أكثر من قرن من الزمان!!

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة