صورة موضوعية
صورة موضوعية


نداء من الشارقة .. العالم في خطر| خارطة طريق منتدى الاتصال الحكومي لإنقاذ مُستقبل الإنسان

آخر ساعة

الثلاثاء، 19 سبتمبر 2023 - 08:07 م

■ الشارقة - خاص لـ«آخر ساعة»

تحت شعار «موارد اليوم .. ثروات الغد»، تم عقد الدورة ال 12 للمنتدى الدولي للاتصال الحكومي، الذى نظمه المكتب الإعلامى لحكومة الشارقة، وعلى مدار يومين شهدت قاعة المؤتمر الرئيسية والعديد من القاعات الفرعية خلايا نحل بشرية لمناقشة هموم العالم منذ تلك اللحظة التى أعطى فيها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إشارة بدء الفعاليات، والتى انتهت بإصدار مجموعة من التوصيات المهمة والملحة، وفى مقدمتها دمج سياسات الاستدامة فى ممارسات المؤسسات وثقافة المجتمع، وإطلاق برامج متخصصة توظف الذكاء الاصطناعي فى الاتصال والإعلام، بالإضافة إلى تبنى برامج الاتصال الحكومى الداعمة لمشاريع الأمن الغذائي، والعمل على دعم الجهود الاتصالية التى تعمم فكر المدن المستدامة، ووضع مناهج أكاديمية حول تنمية واحترام الموارد للصفوف الأساسية والجامعية، وإعداد مؤشر الصحة النفسية للموارد البشرية فى بيئة العمل.

وبتعبير طارق علاي، مدير عام المكتب الإعلامى لحكومة الشارقة، فقد طرح المنتدى حلولاً فى غاية الأهمية لتحديات الموارد والثروات، تشكل بوصلةً لمساعى العالم نحو تحقيق التنمية المستدامة والرفاه الاجتماعي، وترشد فرق الاتصال الحكومي والإعلاميين فى كل مكان نحو تبنى القضايا والرسائل المناسبة ليكونوا مساهمين فى بناء عالم يستثمر موارده ويحولها إلى ثروات حقيقية ترتقى بمستوى وجودة حياة الإنسان وتعزز أمنه واستقراره.

المنتدى شهد العديد من الخطابات والكلمات والتجارب الملهمة، تدور كلها حول سؤال رئيسي طرحه الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي نائب حاكم الشارقة رئيس مجلس الشارقة للإعلام  فى الافتتاح، وصاغه فى تلك الجملة: كيف يمكننا تحويل الموارد إلى ثروات على أرض الواقع؟ موضحا أن الله لم يخلق هذه الأرض إلا وجعل مواردها تكفى من يسكن فيها، مثلث الإجابة عن هذا السؤال: «مورد طبيعي، مورد بشرى مؤهل، وتكنولوجيا متطورة»، وكان من الكلمات الملهمة التى تستحق التوقف عندها، مفهوم الشراكة والمشاركة التى أكد عليها طارق سعيد علاى مدير عام المكتب الإعلامى للحكومة، فى حديثه عن التحديات التى يواجهها العالم فى مجال الثروات والموارد، حيث أكد أنه على العاملين فى الاتصال الحكومى التوجه برسالتهم  لكل شخص ونقول له: «أنت قادر على التغيير مهما كان موقعك؛ سواء كنت إنساناً عادياً أو مقرراً فى الشئون الكبرى أو قائد مؤسسة اقتصادية».

◄ الضيوف الجميلة
القاضى الأمريكى فرانشيسكو كابريو، المعروف «بالقاضى الرحيم»، كان أحد الضيوف الجميلة الكثيرة التى حضرت المنتدى، تحدث خلالها حول رحلته كقاضٍ وكيف تعلم من والده أن يكون رحيماً ومتفهمًا مع الناس الذين يأتون إلى قاعة المحكمة، ومن كلماته الملهمة قوله: «القاضى ليس مجرد موظف حكومى يطبق القانون بحرفية، بل هو إنسان يتعامل مع إنسان. لذلك، يجب أن يكون القاضى عادلاً ومنصفاً ومحايداً، وكذلك رحيماً ومتفهماً لظروف الناس الذين يأتون إلى قاعة المحكمة، وأستمع لهم بقلبي»، وتحت عنوان: «كيف نرسم خريطة عالم خالٍ من الجوع؟»، كانت تلك الكلمات الملهمة للناشطة البيئية فاندانا شيفا، الباحثة والناشطة البيئية: «الطعام هو أكثر من مجرد ضرورة للبشر، بل هو العملة الأساسية للحياة على الأرض» ، وقولها: «علينا العمل على تحويل نظام غذائنا، وتعليم الأجيال الجديدة كيفية حماية صحة الأرض من خلال إنتاج الغذاء بطريقة مستدامة، وليس بطريقة تزيد من تداعيات التغيّر المناخي».

◄ التجارب الملهمة 
ومن الكلمات إلى التجارب الملهمة التى تعددت وتنوعت فى المؤتمر، ومنها تجربة يولاند راندريانامبينينا، المتخصصة فى الطاقة الشمسية، حيث ساهمت من خلال نساء القرية، فى تجهيز أكثر من 200 منزل بألواح الطاقة الشمسية فى قرية صغيرة فى مدغشقر بتمويل محلى فقط، ورغم عدم إجادتهن للغة الإنجليزية، استطعن التواصل مع الخبراء الهنود بلغة الإشارة ، ومن الأشياء اللافتة بقوة تسليط الضوء فى المنتدى، على تجارب قصص نجاح شبابية لنخبة من الرواد العرب، تحولت معها الإمارات إلى محطة للشباب العربي، ومن بينهم رامى القواسمي، المؤسس والرئيس التنفيذى لمنصة «موضوع دوت كوم» الحائز على لقب أفضل موقع فى الوطن العربي»، وطلال الطباع، مؤسس كوين مينا للعملات المشفرة، وعبده مدادحة، مؤسس مشروع «ارتقِ» بهدف توعية الشباب ومحاربة السلبية، بالإضافة إلى يوسف عمورة صاحب شركة «صقر للطائرات المسيّرة» التى أسسها أثناء دراسته الجامعية، وتصل قيمتها السوقيّة اليوم إلى حوالى 50 مليون دولار، كما حكى لنا مصطفى عبد الله  قصة إنشاء منصة «EYouth» التي  تهدف إلى تمكين الشباب، ونجحت بشكل كبير فى توظيف أكثر من نصف مليون شاب.

◄ الفيل في الغرفة
وكان من أهم الجلسات تلك التى حملت العنوان: «التحديات الاقتصادية.. من يتحدث عن الفيل فى الغرفة؟»، حيث أكد عدد من خبراء الاقتصاد أن العولمة أصبحت فى خطر نتيجةً لتراجع النمو وتنامى مؤشرات الركود والتضخم بسبب الأحداث الجيوسياسية العالمية والتنافس التجارى بين الأقطاب العالمية المركزية، وأشاروا إلى أن معالجة التضخم الاقتصادى تتطلب وقف الانقسام والتنافس الاقتصادى بين الصين والغرب وتحقيق التكامل بين الأسواق، فضلا عن ملاحظة جديرة بالنظر شهدتها قاعة «نقاشات تنمى مجتمعات»، حيث أكد الدكتور خالد غطاس الباحث وأحد الشخصيات المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي: إحدى الدراسات حول معدل الوفيات حسب أيام الأسبوع ، أوضحت أن أغلبها يحدث يوم الإثنين، والسبب ببساطة أنه أول أيام أسبوع العمل، وملايين الناس يموتون فى هذا اليوم بسبب الاكتئاب الناجم عن ضغوط العمل، ولكونهم غير راغبين فى الاستيقاظ والذهاب إليه»، وعن المهارات الناعمة كانت هناك مناقشة فى برنامج «دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية»، فى جلسة «سدّ الفجوة فى المهارات الشخصية لتنمية رأس المال البشري»، أكد أمامها الشيخ سعود بن سلطان بن محمد القاسمي، مدير مكتب الشارقة الرقمية، أن أهم الأهداف ورؤية منصة الشارقة الرقمية، والتى تتلخص فى دمج جميع الخدمات الحكومية لحكومة الشارقة فى منصة واحدة، فيما وضع عبدالله أبو شيخ، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذى لشركة «أسترا تك»، يده على حقيقة مهمة، وهى أنه لا يجب أن ننظر فقط إلى المؤهلات والدرجات العلمية، ويجب العمل على توظيف المهارات الناعمة، وهو الأمر الذى أكده أيضا داون ميتكالف، استشارى ثقافة بيئة العمل ومؤسس شركة PDSi، وعدد المهارات الناعمة فى أشياء مثل التحدث مع الآخرين، والإقناع والتواصل، وكلها مهارات يمكن أن تتم من خلال مايسمى ب«التدريب أثناء العمل».

◄ رسالة من الأرض 
وتعددت الرسائل للمجتمع العالمى فى جلسة «رسالة من الأرض»، حيث أكدت أن الاتصال الفعّال المعزّز بالثقة والشفافيّة، محور أساسى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وأهمية مشاركة وإشراك الأفراد والمجتمع المدني فى تلك المهمة، حيث تم التأكيد على أهمية الاتصال الفعّال فى تعزيز ممارسات التنمية المستدامة التى من شأنها أن تعود بالنفع على استراتيجيات التوظيف الأمثل للموارد الطبيعية واستغلالها بالشكل الذى يُحقق أكبر قدر ممكن من النفع على المجتمعات حول العالم، مشيرين إلى أن إشراك الجمهور ومؤسسات المجتمع المدنى وعدم اقتصار التواصل بين الحكومات؛ من شأنه أن يسهم فى إحداث تحوّلات جذرية فى آلية إدارة الموارد الطبيعية والاقتصادية، وكل ما قيل فى تلك الجلسة يلخصه الدكتور ألكسندر ليكويتال، رئيس منظمة الصليب الأخضر الدولية، بأن هناك أهمية كبيرة لإشراك الناس وربط أرباح وخسائر المصالح الفردية بالجماعية، مشيراً إلى أنه من خلال خبرته الطويلة فى العمل مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية فلن يكون التواصل فعّالاً كما يجب إلا إذا كان مفتوحاً للطرفين بشكل شفاف وصريح.

◄ تجربة مصر والإمارات
وفى جلسة حوارية عقدت تحت عنوان «موارد العالم فى عصر التغيرات: بين الحلول والاستدامة»، حذر الخبراء من كارثة إنسانية قد تحدث فى العام  2050 فى ظل المتغيرات البيئية والمناخية القاسية التى يعيشها العالم، إذا  لم نتحرك تجاه الأمن الغذائي، حيث دعت الجلسة إلى عقد قمة للمستقبل يلتقى فيها الرؤساء والخبراء من كافة أنحاء العالم لمناقشة أفضل الخطط لمعالجة مشاكل الأرض المستعصية على أمل التوصل لصيغة مشتركة، باعتبار أن العالم يستهلك خلال 9 أشهر ما ينتجه فى 4 سنوات، وهو مايتطلب قرارات حكومية عالمية تحقق الأمن الغذائي، ودعم عالمى وإرادة لحماية حقوق الدول النامية، وإلى قوى واستثمارات جديدة تستطيع إحداث تغييرات جذرية، وتم فى الجلسة تسليط الضوء على مضاعفة مساحة الأراضى الزراعية فى مصر، وعلى عدة تجارب إماراتية ودولية ناجحة فى تدوير المصادر الطبيعية، كتجربة زراعة القمح في الشارقة، وأكد محمد أبوالعينين، وكيل مجلس النواب أن كل المؤشرات تؤكد أننا سنعيش واقعاً مأساوياً فى عام 2050 إن لم نتحرك بشكل جدى من الآن، فمشروع الأمن الغذائى هو مشروع القرن، حيث تعانى الكثير من دول العالم من نقص فى الغذاء والدواء، وبالطبع تلعب الإرادة السياسية دورها، ويجب على قادة العالم أن يؤمنوا بضرورة وحتمية هذا التغيير، فالمشاكل والأرقام اليوم مفزعة والهدر يصل إلى ثلث الغذاء المنتج، وسلط أبو العينين الضوء على تجربة حضارية جديدة لتحقيق الأمن الغذائى فى مصر، حيث أكد أن المساحة المستغلة على ضفاف النيل هى 7%‎ وتم العمل على مضاعفتها خلال العشر سنوات الماضية لتصل اليوم إلى 14%‎، ومازال العمل جارياً على مضاعفة المساحات المخصصة للزراعة حتى العام 2030. ويتم العمل على هذا المخطط وفق قناعة تجسدت حول كون الأمن الغذائى مرتبط بالأمن القومى الذى يمس كل فرد.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة