عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

ما أشبه الليلة بالبارحة!

عمرو الديب

الأحد، 24 سبتمبر 2023 - 09:38 م

لا أعرف السر فى إلحاح تلك المشاهد على ذاكرتى، وتكرار مداعبتها لوجداني، فهى تتراءى لى هذه الأيام بإصرار عجيب لا أدرى سببه، وأول تلك المشاهد المذهلة التى لكثرة ما قرأت عنها، وأثرت فَىَّ صارت جزءاً من حياتى، وكأننى حضرتها وشاهدتها عياناً مثل مشهد الجيش المصرى العظيم يجتاح كل الموانع، ويقف على أبواب «الأستانة» مركز العثمانيين..

ومقر حكمهم، وقد توقف أبطال جيشنا البواسل أمام المقر العالى فى انتظار الأمر بالاجتياح من القائد العسكرى الفذ إبراهيم باشا، وأبيه بَنّاء مصر الحديثة، وصانع مجدها فى القرن التاسع عشر، وقد مثل هذا المشهد ذروة صعود المشروع المصري، فتكالبت الدول الكبرى على المشروع، وزعيمه، وعلى مقدرات هذا الشعب العظيم، حيث اجتمعوا فى مؤتمر «لندن» ليتآمروا على مصر، ويصدروا معاهدتهم المشئومة المعروفة بمعاهدة «لندن» عام 1840، والتى سعت إلى تحجيم دور مصر، وكسر إرادتها، وكان من أسوأ بنودها تحديد عدد أفراد الجيش المصرى لتحجيمه، وإضعافه، مما مثل وصمة عار فى جبين كل المصريين لم يمحها سوى ضباط مصر الأحرار فى يوليو 1952 حيث أعادت الثورة إلى الجيش المصرى الجسور اعتباره وألغت إجراءات تحجيمه، مما أثار حفيظة نفس الدول المتكالبة علينا، وأثاروا العواصف على مصر، وعلى زعيمها الطموح جمال عبد الناصر الذى بنى قاعدة صناعية عملاقة، فتجمعت تلك القوى- ليس فقط فى العدوان الثلاثى الشهير عام 1956 إثر إعلان تأميم قناة السويس- بل فى جولاتٍ شرسةٍ انتهت بمحاولة تحطيم الجيش المصرى فى معارك متتالية استطاع أبطال القوات المسلحة المصرية فى آخر فصولها أن يحسموا جولاتها ويلقنوا كل هؤلاء درس المهانة، وهذا هو المشهد الثانى المُلح على الذاكرة بتآمرهم وتكالبهم، ويبدو أن المشهد الثالث يلوح لخاطرى هذه الأيام أثر قفزات مصر إلى المستقبل، ومشروعاتها العملاقة التى تدق بها أبواب الغد بأيدى البنّائين المخلصين فى حماية الحفظة الكرام من حراس مصر المقاتلين، وأشقائهم اليقظين الساهرين، وقد ازداد جيشنا قوة وتطوراً ومنعة، لذا أستشعر أن المتربصين بأوطاننا الطامعين فى مقدرات شعوبنا، خرجوا من الأوكار ليعيدوا سيناريوهاتهم البغيضة، وربما يكون هذا هو سر إلحاح تلك المشاهد على ذاكرتى هذه الأيام، فما أشبه الليلة بالبارحة، وما أشبه أبطال الأمس المُخلصين بفرسان اليوم المُظفرين.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة