جلال عارف
جلال عارف


فى الصميم

نصر أكتوبر.. أقوى من كل التزييف الصهيونى

جلال عارف

الجمعة، 06 أكتوبر 2023 - 07:21 م

خمسون عاماً من الأكاذيب الإسرائيلية التى تروج لها الصهيونية العالمية بكل أمكانياتها، لم تفلح فى إخفاء الحقيقة حول حرب أكتوبر المجيدة وانتصار مصر والعرب الذى أذهل العالم وأرغم المعاهد الكبرى المتخصصة فى الاستراتيجية والحروب أن تعيد النظر فى قواعد أساسية (أو كانت كذلك) قبل أن يغيرها جيش العبور العظيم فى حربه المنتصرة!!

الحقيقة أن أمريكا حين قالت ـ عن طريق كيسنجر ـ قبل أكتوبر إنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً لحل الأزمة إلا إذا تغيرت الأوضاع على الأرض.. فإنها كانت مطمئنة تماماً إلى أنها تتحدث عن المستحيل فى ظل تفوق السلاح الأمريكى الذى يذهب بكرم شديد إلى إسرائيل، ومع يقين كل أجهزة المخابرات الأمريكية والغربية بأن التفوق العسكرى الإسرائيلى على كل الجيوش العربية أمر لاجدال فيه، وأنه لا سبيل أمام مصر إلا القبول بالأمر الواقع وبشروط إسرائيل أو انتظار هزيمة أقسى!!

كان هذا هو اليقين الأمريكى حتى بعدما بدأت المعركة وعبرت طلائع جيشنا قناة السويس (!!) كان تقرير كيسنجر وباقى القيادات الأمريكية أن إسرائيل ستسحق الهجوم المصرى خلال يومين أو ثلاثة.. لكن المفاجأة جاءت بعد ذلك حين وجد كيسنجر أن الموقف مختلف، ووجد جولدا مائير تستغيث باكية بأن إسرائيل على وشك السقوط، وجاءت كل التقارير لتؤكد أن جيش إسرائيل يعيش كارثة حقيقية فى مواجهة الهجوم المصرى، وأن الدبابات الأمريكية تتحطم وطائرات الفانتوم الحديثة تخسر المعركة أمام طائرات مصر الميج والسوخوى، وأن جنود الجيش الإسرائيلى الذى أشاع أنه لا يقهر، يهربون من المعركة أو يساقون أسرى، وهكذا انفتحت مخازن السلاح الأمريكية وقام الجسر الجوى لنقل السلاح لإسرائيل حتى لا يكون السقوط كاملاً!!

ورغم الدعم الأمريكى غير المحدود، والمراوغات السياسية والضغوط الغربية.. فقد فرضت نتائج حرب أكتوبر نفسها على الجميع، ولم يكن ممكناً إلا أن تنسحب إسرائيل من كل شبر من أرض مصر، وأن تنتهى للأبد حكاية أن جيش إسرائيل لا يهزم، وأن تتحول أكتوبر إلى جزء مهم مما تدرسه الأكاديميات العسكرية فى العالم بما قدمه أبطالنا فيها من إبداع عسكرى فاق كل التوقعات..

بدءاً من هدم السد الترابى وعبور القناة دون خسائر، ومروراً بمواجهة جندى المشاه لمدرعات العدو بسلاح بسيط «الآر. بى. جى» والانتصار عليها وتحويلها إلي  كومات من حديد محترق، ووصولاً إلي  تسجيل انتصار الجندى المصرى فى أول حرب إلكترونية يشهدها العالم.. وحتى «الثغرة» التى يتباهون بها يعرف خبراء العسكرية فى العالم أن سحقها لم يكن يستغرق منا إلا ساعات لولا الاعتبارات السياسية، وأكثر من ذلك أن الإسرائيليين أنفسهم يعرفون أنها كانت مجرد مغامرة للحصول على «لقطة للدعاية» كان يمكن أن يكون ثمنها الآلاف من جنودهم!!.

وحتى الآن.. وبعد خمسين عاماً على أكتوبر المجيد، تظل محاولات تزييف الحقائق من جانب إسرائيل قائمة.. كما تظل محاولة تثبيت الصورة عند يونيو ١٩٦٧ وكأنها لم تكن بداية حرب استمرت ست سنوات، وانتهت بصراخ جولدا مائير وهى تستغيث بأمريكا، وانهيار «موشى ديان» وهو يبكى ضياع إسرائيل بعد العبور العظيم (!!) ومن أجل الهروب من حقيقة الهزيمة سخرت إسرائيل كل أمكانياتها، ووقفت الصهيونية العالمية تدعمها وتروج أكاذبيها.. وسوف تستمر فى ذلك لأن الكيان الذى قام على المزاعم الكاذبة لن يستطيع الاستمرار إذا أقر بالهزيمة.. خاصة إذا جاءت من مصر!!

سيواصلون قصصهم الكاذبة وأفلامهم الزائفة.. وآخرها فيلم «جولدا» الأمريكى عن رئيسة وزرائهم أثناء هزيمتهم فى حرب أكتوبر.. وفى نفس الوقت يستمرون فى حجب وثائق التحقيق مع قياداتهم العسكرية والسياسية من «لجنة إجرانات» والتى انتهت بعزل كل القيادات العسكرية والسياسية التى كانت تقود إسرائيل فى هذا الوقت، ولن يقولوا لماذا عزلوا هؤلاء الذين حققوا لهم «النصر المزعوم».. أو الهزيمة التى يحاولون عبثاً التغطية عليها!!

ويبقى السؤال المهم: ماذا عنا نحن.. وكيف ننتصر للحقيقة ونفضح زيف كل الروايات الصهيونية عن حرب أكتوبر؟.. أنا وجيلى عايشنا النصر العظيم ونعرف تفاصيله، ولكن.. ماذا عن أجيالنا الجديدة وكيف تكون كل انتظاراتنا الوطنية جزءاً من تكوينهم، ودافعاً لهم لكى يضيفوا لانتصاراتنا المزيد والمزيد؟..

وكيف نطلق طاقات الإبداع عندنا لتواجه حرباً تشارك فيها السينما ووسائل الإعلام الأمريكية لتزييف الحقائق حول حربنا المنتصرة؟..

فى أدراج المسئولين عن ذلك العديد من السيناريوهات لأفلام منعت ظهورها صراعات سياسية ما كان لها أن تختلف حول أكتوبر العظيم، وأظن أن الآوان قد آن لظهورها.. لكن الأهم أن يكون ذلك جزءاً أساسياً من ثقافة أطفالنا..

ليس فقط ليتذكروا انتصارات الماضى، ولكن ـ قبل ذلك وبعده ـ لكى يصنعوا ويدركوا أن المستقبل مرهون بأن يحققوا فى كل يوم نصراً جديداً أمام التحديات، وأن يكون لهم أكثر من أكتوبر يعبرون معه إلى المستقبل الذى تستحقه مصر، وتعرف كيف تحققه.
كل أكتوبر.. ومصر تسير على دربه، ولا تلتفت لأكاذيب الأعداء.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة