كيفن مكارثى الذى تم عزله مؤخرًا
كيفن مكارثى الذى تم عزله مؤخرًا


أمريكا تواجه شبح الفراغ التشريعى

الأخبار

السبت، 07 أكتوبر 2023 - 06:04 م

مروى حسن حسين

دخل مجلس النواب الأمريكى مرحلة جديدة مضطربة، بعد نجاح أعضاء جمهوريين من التيار المتشدد فى خطتهم لعزل كيفن مكارثى من الرئاسة، بدعم من الديمقراطيين، حيث صوّت جميع النواب الديمقراطيين بالإضافة إلى ثمانية جمهوريين على قرار عزل مكارثي، فى إجراء يعتبر الأول فى تاريخ المجلس الممتد منذ 234 عامًا، كما شكل ضربة قوية لمكارثى بعد أقل من 9 أشهر على توليه منصبه. فى حدث غير مسبوق بتاريخ أمريكا، صوت أعضاء مجلس النواب الأمريكي، على عزل رئيس المجلس الجمهورى كيفن مكارثى من منصبه، تاركا مجلس النواب فى فراغ تشريعى حتى التوافق على رئيس جديد له. تم إعلان الجمهورى باتريك ماكهنرى رئيسا مؤقتا لمجلس النواب الأمريكي.

هذه المناورة الإجرائية التى نادرا ما تم اللجوء إليها فى تاريخ الولايات المتحدة تأتى فى أعقاب إقرار الكونجرس، ميزانية مؤقتة للإدارة الديمقراطية لمدة 45 يوما لتجنب إغلاقها رغم معارضة العديد من البرلمانيين الجمهوريين لهذه الخطوة. فقد صوّت المتشددون فى الحزب الجمهورى ضد مكارثى بعدما تعاون مع الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ لتمرير اتفاق مؤقت بشأن الموازنة، يضمن تمديد التمويل الفيدرالى حتى 17 من نوفمبر، من أجل تجنب أى إغلاق حكومي. اتهم النائب الجمهورى مات جايتس -الذى ترأس مهمة الإطاحة- مكارثى بانتهاك الاتفاقات التى عقدها معهم فى يناير الماضي، وبعقد اتفاق سرى مع البيت الأبيض لمواصلة تمويل أوكرانيا فى حربها ضد روسيا، وسط مفاوضات لتجنب إغلاق جزئى للحكومة وهو ما ينفيه مكارثي.

وأشار جايتس، إلى أن القيادة فى عهد مكارثى كانت فوضوية، وأن الشيء الوحيد المشترك بين البيت الأبيض والديمقراطيين فى مجلس النواب وتجمع المحافظين الجمهوريين هو أنهم لا يستطيعون الاعتماد على مكارثي. واستخدم جايتس من فلوريدا - وهو حليف لترامب - أداة إجرائية نادرا ما تُستخدم تعرف باسم «اقتراح إخلاء» من أجل الإطاحة بمكارثي. تولى باتريك ماكهنري، النائب الجمهورى من ولاية كارولينا الشمالية والحليف الكبير لكيفن مكارثي، رئاسة مجلس النواب مؤقتا، وأجاز عطلة لمجلس النواب مدتها أسبوع.

ومن غير الواضح ما إذا كان سيتمتع ماكهنرى بكافة صلاحيات المنصب، أم ستوكل إليه فقط الصلاحيات الإدارية، والقدرة على الإشراف على انتخابات جديدة. إلا أنه من المقرر إجراء التصويت على رئيس جديد فى 11 أكتوبر.  يتمتع الجمهوريون بأغلبية ضئيلة تبلغ 221 مقابل 212، ولم يتمكن مكارثى من أن يصبح رئيسًا إلا من خلال تقديم سلسلة من التنازلات للأعضاء الأكثر تحفظًا. واجتمع الجمهوريون فى مجلس النواب لرسم خطواتهم التالية. وقد يحاول الديمقراطيون بناء ائتلاف مع الجمهوريين قبل انتخاب الرئيس الجديد. ويأمل الرئيس جو بايدن أن ينتخب المجلس رئيسا جديدا بأسرع وقت، فبعد يوم واحد من التصويت التاريخى الذى أطاح برئيس مجلس النواب كيفين مكارثي، وتَرك المجلس فى فراغ، لا يوجد حتى الآن أى حل واضح للأزمة.

منذ أسابيع وإدارة بايدن تحذر من أن الأموال التى خصصها الكونجرس لمساعدة ودعم أوكرانيا فى حربها ضد روسيا قد نفدت تقريبا. وتوقع مستشار الأمن القومى جيك سوليفان «مقياسا متدرجا من الاضطراب والتشويش» فى الدعم الأمريكى اعتبارا من بداية أكتوبر إذا لم يأذن الكونجرس بتقديم عشرات المليارات من الدولارات الإضافية لتغطية بقية العام الحالي.

وتحت ضغط من الأعضاء اليمينيين فى مجلس النواب لم تتم الموافقة على صرف أموال إضافية. والآن، وبعد الإطاحة بمكارثي، يبدو أن احتمال تقديم مساعدات جديدة لأوكرانيا فى أى وقت قريب قد تضاءل إلى حد كبير. ويمكن لرئيس مجلس النواب الجديد أن يحاول دمج المساعدات الأوكرانية مع ميزانية الأولويات المحافظة كتمويل الحدود، الأمر الذى من شأنه أن يجعلها أكثر قبولا لدى اليمين.

ومع ذلك، فإن هذا الأمر من شأنه أن يعرض الدعم الديمقراطى فى المجلس للخطر، وقد رفض بعض النواب هذا المقترح  سابقا.وتسعى إدارة بايدن جاهدة لإيجاد طرق أخرى لمساعدة أوكرانيا، مثل تزويدها بالأسلحة الإيرانية المُصادرة.   وسيكون من الصعب على رئيس مجلس النواب المستقبلى أن يتوصل حتى إلى اتفاق بشأن الإنفاق الفيدرالى بين الجمهوريين فى مجلس النواب، إذ يدعو جايتس وحلفاؤه إلى تخفيضات هائلة فى الإنفاق بينما يتطلع المزيد من الأعضاء الوسطيين فى الحزب، وأعضاء صقور الدفاع، إلى تمويل أولوياتهم التشريعية. وسيتعين على مجلس الشيوخ الذى يسيطر عليه الديمقراطيون فى نهاية المطاف الموافقة على حزمة الإنفاق الحكومى الخاصة به. ومع عدم احتمال التوصل إلى تسوية، فإن احتمالات الإغلاق - وربما تمديده حتى نهاية العام - تتزايد بشكل كبير. فى العقود الأخيرة، نجت الولايات المتحدة من إغلاق العديد من المؤسسات الحكومية، كما أصبحت الآن تأثيرات الإغلاق مألوفة وواضحة. وسيعانى الموظفون الحكوميون والمقاولون أكثر من غيرهم، حيث ستتأخر رواتبهم، أو تنتهى بالكامل فى بعض الحالات.

ومن الممكن فى حال الإغلاق الحكومى أن تتقلص ميزانية بعض البرامج الحكومية المخصصة للفقراء. كل هذا سيخلق تأثيرات اقتصادية غير مباشرة، قد تدفع الولايات المتحدة نحو الركود ـ وهذا بطبيعة الحال سيؤدى لعواقب على الاقتصاد العالمي. ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وانتخابات الكونجرس بعد عام واحد فقط، فإن جمهور الناخبين الغاضبين والمحبطين قد يشكل مصدر قلق لشاغلى المناصب السياسية من كافة الأطياف.

 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة