علي الكريتي وزير خارجية السودان الأسبق
علي الكريتي وزير خارجية السودان الأسبق


لماذا تعاقب واشنطن الإخواني «الكرتي» ولم تعلن الجماعة تنظيم إرهابي إلى الآن؟

أخبار الحوادث

الأحد، 15 أكتوبر 2023 - 01:24 م

أيمن‭ ‬فاروق

واشنطن معروف سياستها تجاه جماعة الإخوان الإرهابية، فلم تعلنها أنها جماعة إرهابية، أغراض واستخدامات واشنطن تبدو خفية لكن الجميع يعلم غرض واشنطن من ذلك، لكن مؤخرًا وجهت واشنطن عقوبات وغرامات على وزير خارجية السودان أيام عمر البشير، وشركات أخرى، واتهمت واشنطن علي الكريتي وزير خارجية السودان الأسبق بمفاقمة عدم الاستقرار في السودان؛ حيث أودى القتال بحياة الآلاف وشرد ملايين المدنيين، فما هي الأسباب التي دفعتها لذلك؟، هذا ما سوف نبحث عنه الآن من خلال الباحثين والمتخصصين في ملف الإسلام السياسي.

ها هم الكيزان «الإخوان» يعودون إلى المشهد في السودان، فدائما يقومون بدور النافخ في كير الفتنة، المؤجج للصراعات، الراقصون على جثث الأوطان، فما يحدث من اشتباكات وحرب في السودان تدور رحاها بين طرفي الأزمة السودانية «الجيش السوداني»، و»الدعم السريع»، ورغم الجهود والمساعي في الداخل والخارج لحل الأزمة وإنهاء الاشتباكات، إلا أنها تتجدد بين الحين والآخر، ومن بين الأسباب وراء اشتعال الأزمة في الخرطوم، وتأجيج الصراع، الإخوان هناك، فطالما قاموا بعمليات تخريب واسعة ونهب لمنازل المواطنين والشركات، وحين فشل أذناب الرئيس المعزول عمر البسير في تحقيق هدفهم، ظهرت بعض القيادات في الولايات تحرض على الاقتتال والحرب، من أجل العودة إلى المشهد مرة أخرى، وعلى وقع الأزمة السودانية، التي دخلت شهرها السادس دون حل يلوح في الأفق؛ فرضت الولايات المتحدة عقوبات سياسية لتقويض الأطراف التي تغذي الأزمة، بداية وجهت تلك السياسة ناحية نائب قائد قوات الدعم السريع السودانية عبدالرحيم دقلو، ليأتي الدور اليوم على مسؤول سوداني سابق وشركتين، حيث اتهمتهم الولايات المتحدة، بمفاقمة عدم الاستقرار في السودان.

بداية صرح براين نيلسون وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والمخابرات المالية في بيان: «إن الإجراء الذي اتخذ يضع المسؤولية على أولئك الذين أضعفوا الجهود المبذولة لإيجاد حل سلمي وديمقراطي في السودان»، مضيفًا: «سنواصل استهداف الجهات التي تعمل على استمرار هذا الصراع لتحقيق مكاسب شخصية».

كما قالت وزارة الخزانة الأمريكية؛ إنها استهدفت علي كرتي وزير الخارجية في عهد البشير الذي أصبح زعيما للحركة الإسلامية السودانية بعد الإطاحة بالبشير في 2019.

فكرتي شخصية تعد من الموالين لحكم البشير الذين ناوروا لحماية مصالحهم واستعادوا بعض النفوذ في أعقاب عام 2021.

وأضافت وزارة الخزانة: «كرتي وغيره من الإسلاميين السودانيين المتشددين يعيقون بنشاط الجهود الرامية إلى التوصل لوقف إطلاق النار في سبيل إنهاء الحرب الحالية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والمدنيين السودانيين، والجهود الرامية إلى استعادة مرحلة الانتقال للديمقراطية في السودان»، كما فرضت عقوبات على شركتين أخرتين استهدفت عدم استقرار الأوضاع بالسودان، وفي بيان منفصل، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن؛ إن واشنطن اتخذت خطوات لفرض قيود على منح تأشيرات لأشخاص يُعتقد بأنهم جزء من الجهود الساعية إلى تقويض التحول الديمقراطي في السودان، بينهم إسلاميين سودانيين ومسؤولين سابقين، بالإضافة إلى آخرين «يقمعون حقوق الإنسان ومتورطين في انتهاكات أخرى»، ويجمد هذا الإجراء أي أصول للمستهدفين في الولايات المتحدة ويمنع الأمريكيين بشكل عام من التعامل معهم، ويخاطر من يشتركون معهم في معاملات معينة بالتعرض أيضا للعقوبات.

من هو؟

وكرتي معروف بقربه من الرئيس المعزول عمر البشير، وملاحق جنائيًا على خلفية قضايا فساد مالي وحيازة عدد ضخم من الأراضي السكنية دون وجه حق، كما أنه كان قياديًا في حزب المؤتمر الوطني المنحل، وشغل منصب وزير دولة للشؤون الخارجية، قبل أن يتولى منصب وزير خارجية السودان، بين عامي 2010 و2015، وكان كرتي قائدا لقوات الدفاع الشعبي أو الأمن الشعبي التي توجه إليها أصابع الاتهام لفض اعتصام المتظاهرين السودانيين بالقوة. أطلق عليه لقب «ملك الأسمنت» في السودان.

وكانت النيابة العامة في السودان أعلنت في مارس 2020، أن مكتب النائب العام أصدر أمرًا بإلقاء القبض على وزير الخارجية السابق علي كرتي لدوره في انقلاب 1989 الذي أتى بعمر البشير إلى السلطة.

قال رئيس الحركة الشعبية ياسر عرمان، في تغريدة عبر موقع تويتر اكس حاليا، إن «كسلا شرق» أضحت مركزًا من مراكز كبار قيادات الفلول المُختفين في السواقي والداعين لـ»الجهاد»، وأضاف أن «الفلول شعارهم دول النهر والبحر لنا وباقي السودان إن أمكن، ويعملون على توسيع دائرة الحرب وإطالة أمدها ومعاناة الناس».

فما أسباب تلك العقوبات الأمريكية، لوزير خارجية السودان إبان حكم البشير؟!، يجيب إسلام الكتاتني الباحث في الجماعات المتطرفة قائلا: طبيعي أن تجد بعض الإخوان من يشذ منهم عن العلاقة بينه والجماعة الأم، وتسير مصالحه مع نفس مصالح الجماعة، ولكن هذا لا يعني أن علاقة امريكا بالإخوان تسير وفق استراتيجية محددة فوارد أن يشذ منهم شخص، وربما قد يكون على كرتي وزير الخارجية السوداني الأسبق  لم يحقق مصالح أمريكا في السودان، ومواقفه لا تسير على هوى الإدارة الأمريكية لهذا قامت بالهجوم عليه ووجهت له الاتهامات السابقة.

وأضاف الكتاتني؛ أن سياسات الإخوان هي إثارة الفتنة بين المكونات الاجتماعية، وذلك بإعلاء قيمة القبيلة على الدولة، وعمد إلى تقريب قبائل على أخرى، مثلما ظل يعمل على اختراق وشق القوى السياسية، لكن هذا ليس معناه أن ملف الإخوان ليس ملفا استراتيجيا لدى أمريكا، والدليل أن الكونجرس الأمريكي لم يستطع أن ياخذ قرارًا حتى الآن، فهم لا يزالون كارت في يد أمريكا وبريطانيا والمشغل  الأساسي، وعليه فإن قرار أمريكا يسعد الإخوان، لذا تجد جماعة الإخوان في السودان تعمل على تأجيج الصراع بين طرفي الأزمة، ولا تمتلك موقفًا وطنيًا واضحًا في حالة الشماتة التي يعلنوها من بين الحين والآخر.

وأكد اسلام الكتاتني، على أن تصرف الكرتي، وزير الخارجية الإخواني الأسبق، ربما قد يكون خلفه موقف شخصي أو محاولة للعودة للمشهد مرة أخرى، لهذا أصدرت أمريكا عقوباتها ضده وشركتين اخرتين، مضيفا، أنه بالعودة للخلف إلى عام 2003، في الحرب الأمريكية ضد العراق، كان الإخوان يرحبون بالغزو الأمريكي وكانت تصريحات طارق الهاشمي واضحة في أثناء ذلك لأنهم كانوا يبررون ذلك  بأنه لإعادة الحياة السياسية بالتخلص من حكم صدام، فهم يلعبون دائمًا لمصالحهم الشخصية ولا ينظرون للوطن، فهم كارهو الأوطان وهادميها، حيث أن محاولاتهم للعودة مجددًا إلى الحكم عن طريق إزكاء نيران الفتنة القبلية في البلاد بعد فشل الانقلاب في الوصول إلى غايته، واختتموها بآخر الكروت وهي إشعال فتيل الحرب بين الجيش السوداني والدعم السريع، اعتقادًا منهم أنها الخطوة التي ستعيدهم إلى المشهد بقوة».

ازداوجية

وقال منير أديب الباحث في الجماعات المتطرفة: إن أمريكا تعاملت بازدواجية مع ملف تنظيمات العنف والتطرف والإرهاب، تارة تدعم التنظيمات في وجودها بالمنطقة العربية، وتارة أخرى وكأنها تواجه هذه التنظيمات، فنظام عمر البشير كان مرحبًا به من الولايات المتحدة الأمريكية كما أن العقوبات لم تكن كافية على نظام البشير، كما سقط نظام البشير ولم يسقط نظام الإخوان وقتها في السودان، ورغم ذلك تغاضت الولايات المتحدة على تواجد جماعة الإخوان داخل المشهد السياسي في السودان ولم تسقط الحركة الإسلامية الذي كان الإخوان في القلب منها، هنا واشنطن موقفها به نوع من الازدواجية.

وأضاف منير أديب؛ العقوبات التي فرضت على الكرتي وعلى بعض الشركات كان يجب على الولايات المتحدة أن تتخذ هذه القرارات مبكرًا لكنها تأخرت كثيرا، كما أنها دعمت كثيرا الحركة الإسلامية في السودان والمنطقة العربية، فقرار أمريكا كان متأخرًا ولا يعبر عن الحقيقة، فأمريكا رغم عقوبتها بوضع الكرتي على قوائم الإرهاب، يبقى السؤال أين الآلاف والمئات من التنظيم السوداني إذن لدى أمريكا مشكلة مع التنظيم الإخواني في السودان.

ووجه رسالة قائلة، إن إخوان السودان مثل إخوان مصر فلماذا يتم وضع الإخوان بالسودان على قوائم الإرهاب بينما لم تتخذ قرارًا تجاه إخوان مصر ووضعهم على قائمة الإرهاب فكلاهما واحد، إذن هناك مشكلة وازدواجية في تعامل أمريكا مع هذا الملف. 

اقرأ أيضا : برلمانية: الجماعة الإرهابية علاقتها قوية بالبرلمان الأوروبي


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة