في تطور جديد وخطير للأزمة السورية، أعلن العميد أحمد عسيري، مستشار وزير الدفاع السعودي، أن طائرات حربية سعودية وصلت إلى قاعدة إنجرليك التركية للمشاركة في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي.
وقال عسيري، إن ذلك يأتي في إطار التحالف الدولي لمحاربة التنظيم الإرهابي، مضيفا أن السعودية تستعد للحملة البرية التي أعلنت عنها للتدخل في شمال سوريا بالتعاون مع القوات التركية، لافتا إلى أن الحرب البرية ستكون في محيط منطقة الرقة السورية المعقل الأول لتنظيم داعش.
هذا التصعيد السعودي الذي جاء بعد أيام من فشل مباحثات جنيف لحل الأزمة السورية بين النظام وقوى المعارضة، ينهي عصر الحرب بالوكالة لتبدأ مرحلة جديدة قد تكون هي شرارة بدء الحرب العالمية الثالثة مع تناقض الأهداف والغايات وتكون التحالفات الدولية على أرض سوريا.

خطوات تصعيدية
فبهذه الخطوة تصعد السعودية من حربها غير المباشرة مع إيران، أحد أهم أسباب بقاء بشار الأسد حتى الآن، وتنقل حربهما غير المباشرة في اليمن لساحة سوريا لتصبح المواجهة السعودية مباشرة مع الحرس الثوري الإيراني، وهي المواجهات التي ستدعمها كل دول الخليج لتقويض المد الصفوي، والسيطرة على منطقة الخليج العربي، خاصة بعد أحداث التفجيرات الأخيرة التي طالت السعودية بشكل خاص وتوتر العلاقات السعودية الإيرانية مؤخرا، عقب إعدام رجل الدين الشيعي المعارض نمر النمر.
كما ستواجه أمريكا روسيا مباشرة في ساحة حرب مفتوحة على الأراضي السورية. وهذا يعني ضربات متبادلة وخسائر متوقعة للطرفين والشئ الأكثر خطورة هو اتساع رقعة الحرب لتشمل ضرب أهداف داخل المملكة العربية السعودية فضلا عن المواجهات المتوقعة في اليمن بين الفريقين. وهنا يحاول كل فريق رسم مستقبل سوريا، فالتحالف الأمريكي السعودي التركي الذي يدعم المعارضة يرفض بقاء الأسد و يقابله تحالف إيراني روسي قوي يصر على بقاء الأسد.

الرياض تقامر على واشنطن
وقد أرادت السعودية أن تقامر لإجبار أمريكا على التدخل بشكل أكبر وأكثر تأثيرا في الحرب السورية لأن جميع الأطراف التي دعمت التحالف الأمريكي في حربه على داعش تدرك أن أمريكا لا تفعل ما كان يجب عليها أن تفعله، وأنها لم تقض على داعش، ولم تقض على نظام الأسد، بل على العكس زاد الطرفان قوة ونفوذا. كما أن هذا العجز الأمريكي هو الذي دفع أطرافا أخرى وعلى رأسها روسيا للتدخل وإعادة الوضع لنقطة الصفر.
وبعيدا عن دق طبول الحرب والاستعدادات التي تجري لتوسيع دائرة الحرب تظهر أمريكا بأنها معنية أكثر بالتفاوض لوقف إطلاق النار، كما جاء في مؤتمر ميونيخ للأمن، إلا أن جون كيري وزير الخارجية الأمريكي، أكد في الوقت نفسه، أنه لن تتوف الحرب ما دام بشار الأسد في السلطة. واعتبر كيري، أن السوريين قد أضاعوا فرصة التسوية السياسية بعد فشل مباحثات جينيف قبل أيام. ورغم هذا الاهتمام الأمريكي المزعوم بوقف إطلاق النار، إلا أن كيري، أكد في الوقت نفسه، أن القضاء على "داعش" سيستغرق وقتا طويلا.
وتناقلت الأنباء خبر وجود اتفاق أمريكي روسي على تعزيز التعاون الدبلوماسي لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية للمدن السورية المحاصرة، والحديث عن تشكيل جبهة موحدة لمكافحة الإرهاب بين الدولتين، إلا أن الواقع يشير أنه لا يوجد أي اتفاق بين الدولتين، فروسيا تريد بشار، وأمريكا لا تريده، وروسيا تضرب مواقع المعارضة السورية وأمريكا تدعمها ولكن الشئ الأكيد أن روسيا وأمريكا قد اتفقتا على إطالة أمد الحرب، وكلا الطرفين يستعدان لمواجهات أكبر في الفترة القادمة.
الجيش الروسي أعلن عن إرسال سفينة حربية تحمل صواريخ "كاليبر" وكاسحة ألغام بحرية، وأنهما غادرتا قاعدة "سيفاستوبول" في البحر الأسود متجهة إلى سواحل سوريا في البحر المتوسط، وأنها المرة الأولى التي تتوجه فيها هذه السفينة إلى البحر المتوسط.
كما أرسل حلف الناتو طائرات أواكس إلى تركيا للمشاركة في عمليات التحالف الدولي، وهي طائرات للاستطلاع والتجسس ودورها الأساسي يكمن في ردع روسيا والتصدي لها.

رعد الشمال

من ناحية أخرى، تتأهب السعودية خلال الساعات القليلة القادمة لوصول القوات المشاركة في "رعد الشمال"، المناورة العسكرية الأكبر من حيث عدد الدول المشاركة والذي تشارك فيه 20 دولة عربية وإسلامية إضافة إلى قوات درع الجزيرة، وهذه الدول هي: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والأردن، والبحرين، والسنغال، والسودان، والكويت، والمالديف، والمغرب، وباكستان، وتشاد، وتونس، وجزر القمر، وجيبوتي، وسلطنة عمان، وقطر، وماليزيا، ومصر، وموريتانيا، وموريشيوس، إضافة إلى قوات درع الجزيرة، وهي التدريبات الأكبر من حيث العتاد العسكري و أسلحة ومعدات عسكرية متنوعة ومتطورة منها طائرات مقاتلة من طرازات مختلفة تعكس الطيف الكمي والنوعي الكبير الذي تتحلى به تلك القوات، فضلاً عن مشاركة واسعة من سلاح المدفعية والدبابات والمشاة ومنظومات الدفاع الجوي، والقوات البحرية.
وفي أول رد فعل إيراني، انتقد العميد يد الله جواني، القائد في الحرس الثوري الإيراني، إعلان السعودية عزمها إرسال 150 ألف مقاتل إلى سوريا، واعتبر ذلك "نوع من الحرب النفسية"، مشككاً في قدرة السعودية على إرسال هذا العدد. واتهم السعودية بالتدخل في الشئون السورية والقضايا الإقليمية.

تركيا والأكراد
على جانب أخر، تستمر الضربات التركية لمواقع الأكراد شمال سوريا وتتواجد بالفعل قوات تركية بالفعل في الأراضي السورية في الوقت الذي تطالب فيه أوروبا تركيا باستيعاب موجات النازحين بدلا من إرسالهم لأوروبا.
وينتقد المحللون توريط تركيا للسعودية في الصراع مشيرين إلى أن الأولوية للسعودية في الفترة القادمة يجب أن تكون التركيز على حربها في اليمن وليس الدخول في حرب جديدة وإرسال قوات برية تقاتل بأسلوب حرب العصابات بجانب قوات المعارضة السورية التي تدعمها.
وفي النهاية تبقى كل السيناريوهات محتملة ومفتوحة في ظل استعداد الجميع للدخول في المواجهة الكبرى. ولكن هل ستنجح المقامرة السعودية في توريط أمريكا للتدخل أم ستجر السعودية لوحل الحرب السورية التي لطخت أيدي الجميع بدماء الأبرياء؟