د. آمال عثمان
د. آمال عثمان


أوراق شخصية

جرائم حرب الذاكرة!!

آمال عثمان

الجمعة، 27 أكتوبر 2023 - 05:38 م

صوته ما يزال يتردد فى وجدانى، كان يتحدث بذهول ويقاوم دموعه وآلام جراحه، ويصف ما جرى لشقيقه الذى صاح مستنجداً به من هول ورعب اللحظات الدامية، حينها استقرت داخل فمه الصغير قطعة من الأحجار لتسكت صيحاته، ويصمت إلى الأبد مثل آلاف الأطفال الضحايا، جراء المجازر والفظائع التى ترتكبها النازية الإسرائيلية فى قطاع غزة.

انحسرت مطالب الطفل الجريح فى «قبلة» على جبين شقيقه، قبل أن يُوارى الثرى داخل كفن أبيض يحتضن آلاف الأطفال، يُقتلون بدم بارد بصواريخ أمريكية حارقة، تهدم البيوت فوق رؤوس أصحابها، وتحرق أجسادهم الجائعة والعطشى، وتسحق حياتهم فى عملية إبادة عرقية ممنهجة، لمحو الفلسطينيين من فوق الأرض المحتلة، أمام أبصار عالم ضرير انتُزعت الرحمة والعدل والإنسانية من قلبه، وضمائر سقيمة غافلة، غير عابئة بحجم الكراهية والبغض والانتقام الذى ينمو داخل قلوبنا، ونحن نشاهد جرائمهم ومجازرهم البغيضة، ضد شعب أعزل يُحرم من حقه الإنسانى فى الماء والطعام والحياة، إنها حرب فى الذاكرة يا سادة، ثم تتساءلون بكل وقاحة لماذا تكرهوننا؟!! 

ولأنهم تفوقوا على النازية، وتعلموا منهم الدروس، فإنهم يتبعون نصائح جوزيف جوبلز وزير الإعلام النازى التى تقول: «اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس». زعموا أن حماس ذبحت الأطفال واغتصبت النساء، وكذَّبت الأسيرة الإسرائيلية كل مزاعمهم، صافحت الجندى الفلسطينى وشكرته، واعترفت أمام الكاميرات بأنهم عاملوهم بمنتهى الإنسانية، ومنحوهم الطعام والعلاج، فهاجمت الصحف الصهيونية المؤتمر، واعتبرته كارثة وانتصاراً دعائياً لحماس!! هاجم وزير خارجية إسرائيل بكل وقاحة، أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، وتطاول عليه لمجرد أنه فضح أكاذيبهم، واعترف بجرائمهم وفظائعهم التى فجرت الوضع، ودفعت حماس لهجوم 7 أكتوبر.

وأقول لمن يستنكرون قتل المدنيين الإسرائيليين، وماذا عن اقتحام الجنود الصهاينة المدن الفلسطينية وقتل الأطفال والنساء والرجال بوحشية، وحرق المنازل وهدم البيوت فوق سكانها فى الأرض المحتلة وقطاع غزة؟ أليست فظائع وجرائم ضد المدنيين؟!! وهل أسْر الآلاف من الفلسطينيين المدنيين، ووضعهم فى السجون الإسرائيلية دون تحقيقات، مباح لهم، ومحرم على المقاومة الفلسطينية؟! 

الكاتب الأمريكى توماس فريدمان المعروف بمواقفه المنحازة للصهاينة، حذّر إسرائيل من الغزو البرى، واعتبره خطأ فادحاً وانتحاراً، وأقول له: إنه «انتحار مستحق» لمحتل غاصب توغل فى الانتقام والوحشية.  
 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة