صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


«خبراء» يكشفون مصير سوق السيارات المصري وعوامل إنهاء الأزمة

مصطفى محمود

السبت، 28 أكتوبر 2023 - 12:35 م

يتعرض سوق السيارات في مصر لضربات موجعة، نتيجة العديد من الأزمات والتحديات المحلية والخارجية، من أهمها الضغوط التضخمية مع تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، وإضافة إلى تداعيات التطورات الجيوسياسية والحرب في أوكرانيا وتأثيراتها واسعة النطاق، والتي أثرت بشكل واضح على نشاط وحركة السوق بـ"الاختناق الشديد"، في ظل تراجع حركة الشراء وبيع السيارات.


وتكشف أرقام المبيعات التي تحققت هذا العام مقارنة بالعام الماضي، عن مدى التراجع الذي يواجهه القطاع، ووفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن مجلس معلومات سوق السيارات (AMIC)، لتلك الفترة المذكورة، انخفضت مبيعات سيارات الركاب الخاصة (السيارات الخاصة) بنحو 73 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وبلغ إجمالي مبيعات (الملاكي) نحو 21.877 وحدة، مقارنة بـ80.275 وحدة في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022، وانخفضت مبيعات الحافلات (الحافلات بكافة أنواعها) بنسبة 55.5 بالمئة (مسجلة 3346 مركبة مقابل 7521 في نفس الفترة من عام 2022)، ومع وصول أسعار السيارات الجديدة إلى مستويات قياسية، وصل السوق إلى طريق مسدود، مما شكل ضغطًا أيضًا على سوق السيارات المستعملة، حيث ارتفعت الأسعار أيضًا إلى مستويات قياسية، فإلى أين يتجه سوق السيارات المصري؟ وما هي العوامل التي يمكن أن تساعد في إنهاء الأزمة الحالية؟

أجرت «بوابة أخبار اليوم» حوارات مع عدد من خبراء صناعة السيارات المصرية لمعرفة أسباب الأزمة والعوامل التي ستنهيها لضمان استعادة السوق للاستقرار من جديد، واستعادة مستويات الأسعار المناسبة.

 قال المستشار أسامة أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات، إن مبيعات سوق السيارات انخفضت بشكل ملحوظ خلال العام الجاري، موضحا أن هناك عدة أسباب لهذا التراجع منها العوامل المحلية، وتشمل الأسباب الدولية "قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتعديل أسعار الفائدة عدة مرات هذا العام وتأثيره على الأسواق"، فضلا عن تأثير الحرب في أوكرانيا، لما لها من تأثير كبير خاصة على صناعة الطاقة، وأيضًا على شركات السيارات، فعلى سبيل المثال، بسبب نقص إمدادات الغاز الطبيعي، قررت شركة فولكس فاجن البحث عن مصانع خارج الاتحاد الأوروبي.

اقرأ أيضًا

 بديلاً للذهب.. هل أصبح شراء السيارات المستعملة استثمارًا آمنًا في الوقت الحالي؟

وعن المشكلات المحلية التي فاقمت تراجع سوق السيارات في مصر، أشار رئيس رابطة تجار السيارات إلى سببين رئيسيين: الأول هو صعوبة الحصول على العملة الأجنبية، وهو ما أدى إلى أزمة حقيقية، خاصة أن الدولار يدخل في كل ما يتم استيراده من الخارج، فتوقفت الواردات تقريباً، وهو ما أدى إلى الوضع الحالي في السوق، ويرتبط ثاني هذه العوامل بارتفاع معدلات التضخم، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات وقطع الغيار بشكل قد لا يفهمه المستهلك أو حتى التاجر.

وتوقع أبو المجد، ألا يتغير وضع السوق الحالي عما هو عليه قبل النصف الثاني من العام المقبل 2024، حتى يتم استيعاب تبعات ما أفسدته الحرب في أوكرانيا واستمرارها، مشيراً إلى أنه حتى لو انتهت الأزمة الحالية لن ينتهي تأثيرها إلا بعد من ستة أشهر إلى سنة.  


وأضاف أن تصرفات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وقراراته "أفسدت أموراً سيستغرق إصلاحها سنوات"، على حد تعبيره، إضافة إلى وجود قوانين من شأنها أن تضع قيوداً على الواردات، مثل استيراد السيارات المستعملة.

 وأفاد عضو الشعبة العامة للسيارات، منتصر زيتون، بأن حالة الركود التي ظلت تشهدها سوق السيارات المصرية حتى الأشهر الستة الأولى من العام الجاري تراجعت بشكل طفيف بداية من شهر يوليو الماضي، مشيراً إلى أن السوق شهدت انتعاشة محدودة لجهة زيادة الطلب، بسبب أن "بعض ممن كانوا ينتظرون تراجع الأسعار استسلموا للأمر الواقع في ظل استمرار الزيادة إلى أن قرروا الشراء (بالأسعار المرتفعة الحالية)".

وأضاف أنه بسبب توقف العملية الاستيرادية، فلا توجد كميات من السيارات يُحمِّل عليها الوكلاء تكلفة التشغيل، وأصبحت السيارة الواحدة تتحمل عبئاً يناهز ما يقرب من ثلاثين سيارة، فيضطر الوكيل رفع السعر لتغطية تكلفة التشغيل، على حد تعبيره.

وعن الإجراءات المطلوبة لتعود سوق السيارات إلى وضعها الطبيعي، فشدد على ضرورة وجود عمليات استيرادية كاملة، وفتح السوق على مصراعيه للوكيل والسوق الموازية حتى يقوما بالاستيراد بحرية، وبما يدفع نحو زيادة المنافسة وتراجع الأسعار.

وذكر عضو الشعبة العامة للسيارات، أن ذلك لن يتم إلا من خلال توفير رصيد دولاري فائض عن السلع الأساسية، ليغطي العملية الاستيرادية الخاصة بالسيارات، قائلًا: في الوقت الحالي الأزمة العالمية واعتماد الدولة الرئيسي على الاستيراد في كل السلع الاستراتيجية يعيق عودة السوق لوضعها الطبيعي بشكل سريع.

وأشار خبير السيارات، الرئيس التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات، اللواء حسين مصطفى، إلى أن السوق "يشهد حالة من التوقف"؛ فإضافة إلى انخفاض نسبة البيع، فإن حجم استيراد السيارات من الخارج انخفض أيضاً بشكل كبير خلال الفترة الماضية، فضلًا عن أن الإنتاج المحلي (داخل المصانع الموجودة في مصر) تراجع بنسبة 56 بالمئة.

وأضاف أن السوق أمام مأزق كبير بنقص المعروض أمام الطلب، وهو ما يرجع إلى عدم توافر العملة الصعبة لاستيراد السيارات التي توقف استيرادها تقريباً منذ فبراير 2022، وأصبح السوق الآن يعتمد على الاستيراد الشخصي أو القليل من السيارات التي استطاعت بعض التوكيلات والمستوردين توفير العملة لاستيرادها.


ولفت إلى أن كل العوامل سالفة الذكر أدت إلى حدوث ارتفاع حاد في أسعار السيارات، حيث تضاعفت مرتين أو ثلاث عن الفترات الماضية، وأصبح مشتري السيارات الأقل ثمنًا خارج قرار الشراء لارتفاع الأسعار.

وذكر أن، الأزمة لم تطل فقط السيارات الكاملة لكنها طالت أيضاً القدرة على استيراد مكونات السيارات التي تستخدم بالإنتاج المحلي داخل المصانع المصرية للسيارات، وهو ما أدى إلى انخفاض الإنتاج المحلي أيضاً.

واستبعد مصطفى، أن يكون هناك حل قريب للأزمة، خاصة وأنها متشابكة ومرتبطة أيضاً بالأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع التضخم عالمياً، لكنه شدد في الوقت نفسه على حلول طويلة الأمد عوائدها على سوق السيارات لن تظهر إلا بعد سنوات ومنها: التوسع في تصنيع السيارات داخل مصر سواء بتصنيع موديلات جديدة أو الاستغلال الكامل لخطوط الإنتاج المصرية الموجودة وتطويرها لزيادة الإنتاج المحلي، علاوة على جذب الاستثمارات، وهو مسار يتم العمل عليه، وهناك دلائل على ذلك، مثل الدعوة لتنمية منطقة شرق بورسعيد وجعلها مركزاً لإنتاج السيارات العالمية لقربها من منطقة قناة السويس ومحطات الحاويات الموجودة بها وميناء شرق بورسعيد.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة