أطفال غزة أصيبوا بالشيخوخة المبكرة بسبب الاعتداءات
أطفال غزة أصيبوا بالشيخوخة المبكرة بسبب الاعتداءات


«عصافير غزة» تحت القهر| همجية إسرائيل تصيب 700 ألف طفل باضطرابات وأمراض نفسية خطيرة

لمياء متولي- أحمد عبيدو

الأربعاء، 01 نوفمبر 2023 - 09:26 م

د.إبراهيم مجدى: يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة.. والعلاج يبدأ بالثأر
د.دينا الجابرى: يحاوطهم الانعزال والسلوك العدوانى والفزع وقلة التركيز والنوم 

د.منار الخولى: يسيطر عليهم عدم الإحساس بالأمان والاستقرار والشعور الدائم بالخوف
د.جمال فرويز: لديهم شعور بالكره تجاه العالم بعد تخاذله فى الدفاع عنهم 

«لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله».. هذه ليست كلمات رثاء لأحد الشهداء أو عنواناً لقصيدة نعى ، ولكنها كلمات رددها أطفال غزة أثناء لعبهم على حطام أحد المنازل التى قصفتها قوات الإحتلال الإسرائيلى فى مشهد تداوله العالم أجمع لتتحول طفولتهم البريئة إلى مأساة حقيقية..

ولا يعد ذلك هو المشهد الوحيد الذى يعيشه هؤلاء الأطفال ، فما بين طرقات المستشفيات يتناقلون من أجل البحث عن ذويهم وبين صرخات تدور فى الشوارع لفقدهم أفرادا كاملة من عائلتهم..

مشاهد مثيرة مؤلمة يعيشها 700 ألف طفل فى غزة فى عمر الزهور جعلت أعمارهم تتضاعف فوق عمرهم الحقيقى، ففى الوقت الذى يعيش فيه أطفال العالم حياتهم بشكل طبيعى يبحث أطفال غزة عن «الأمان».. «الأخبار».. ناقشت الخبراء حول الآثار التى ستتركها الحرب على هؤلاء الأطفال والحلول المطروحة من أجل إنقاذ طفولتهم البريئة.

بداية تقول د. دينا الجابرى أستاذ مساعد الطب النفسى بجامعة عين شمس إن هناك عدة أمراض نفسية تهدد أطفال غزة يأتى على رأسها مرض اضطراب ما بعد الصدمة وهى مجموعة من الأعراض النفسية تحدث للمريض إذا تعرض لموقف أو حتى شاهد أحداثا تهدد بقاءه أو حياته، وكلما كانت هذه الأحداث مستمرة زاد التعرض لهذه الأمراض

وعن أعراض اضطراب ما بعد الصدمة تشير استاذ مساعد الطب النفسى أن الطفل لا يستطيع إيقاف التفكير عن الموقف الذى تعرض له من عنف ويظهر له دائما فى صورة كوابيس وأحلام يقظة وانزعاج شديد من أى شىء يفكره بهذه الصدمة سواء رائحة أو شعورا أو شخصا أو صوتا، بالإضافة الى إصابته بأعراض قلقية شديدة ومنها أعراض جسدية مثل التعرق والارتجاف وسرعة ضربات القلب، بالإضافة إلى قيام هؤلاء الأطفال ببعض الألعاب التى تمثل مشاهد العنف التى تعرضوا لها وهذا أحد أعراض ما بعد الصدمة.

وتضيف الجابرى: أن من ضمن أعراض اضطراب ما بعد الصدمة أيضا هو التجنب والانغلاق على النفس وانعزال اجتماعى ومحاولة تجنب التفكير فى الحدث المؤلم الذى تعرضوا لها بالإضافة إلى إصابة بانفعالات شديدة بحيث يكونون أكثر قلقا من غيرهم وبالتالى عندهم صعوبات شديدة فى النوم والتركيز وتهيج ونوبات غضب وسلوك عدوانى شديد وشعور بالفزع

وتشير د.دينا الجابرى : انه من الممكن حدوث أمراض نفسية أخرى مصاحبة لاضطراب ما بعد الصدمة من بينها الاكتئاب أو القلق الشديد ايضا، وعن طرق العلاج توضح انه يجب البدء أولا بالتشخيص واستمرار هذه الأعراض لمدة شهر كامل ولابد من تواجد تشخيص مبكر حتى يمكن العلاج مبكرا والعلاج يعتمد على شقين جزء منها علاج كلامى وهو علاج سلوكى معرفى ويعتمد على الأدلة للأطفال والمراهقين المتأثرين بالصدمات ويهدف إلى مساعدة الطفل للتعامل مع الصدمة من خلال قدرته على التعامل مع الأفكار والمشاعر المتواجدة لديه، النوع الآخر من العلاج يعتمد على إزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة أو العلاج باللعب وهو علاج يجعل الأطفال أكثر قدرة على التعبير عن مشاعرهم، وهناك علاج بالدواء وفقا للمعايير الدولية.

وتضيف: أن أول طرق علاج أطفال غزة نفسيا هو إبعادهم عن مصدر الصدمة، بحيث يكونون متواجدين فى مكان آمن يوفر لهم الغذاء الكافى ويحصلون على قسط من الراحة الجسدية لفترة طويلة والنوم لفترات طويلة كما يجب تشخيصهم عن طريق متخصصين بعد تعرضهم للأحداث الدامية فى قطاع غزة، ويتم العلاج لهؤلاء الأطفال من خلال علاج متعارف عليه فى الدوائر العلاجية فى العالم وهو علاج اون لاين بحيث يتحدثون من خلال جلسات نفسية لتشخيص طبيعة الأمراض المحتمل تعرضهم لها بعد الأحداث الراهنة مع توفير العلاج لهم عن طريق العلاج اون لاين.

اغتيال البراءة

وتقول الدكتورة منار الخولى استشارى نفسى إن ما يعيشه الأطفال فى قطاع غزة على إختلاف أعمارهم يعد مأساة حقيقية ويتعارض تماما مع كلمة «الطفولة». فمشاهد القصف والقتل ومشاعر الفقد التى يعيشونها بشكل يومى على مدار أكثر من ٢٠ يوما هو أمر يفوق طاقتهم وقوة تحملهم فى هذا السن، فالصور عندما تتناقلها وسائل الإعلام أو تتم مشاهدتها على وسائل التواصل الاجتماعى فى كثير من الأحيان تجد أشخاصا لا يستطيعون مواصلة المشاهدة من بشاعة المجازر والجرائم التى ارتكبتها قوات الإحتلال الإسرائيلى، فما بالنا بأطفال يعيشون هذه الأحداث على أرض الواقع فى كل ساعة.

وتضيف أن ما يعيشه أطفال غزة يعد من الناحية النفسية نوعا من «الانسحاب البيئى».. والذى يعنى أن البيئة الطبيعية التى يجب أن يعيشها الطفل من عمر ٣ سنوات حتى ١١ عاما حدث به نوع من الخلل أو نطلق عليه دخول (مثير) يجعل هذه الطبيعة غير متزنة، ويتجسد هذا المثير فى عدم الإحساس بالأمان والاستقرار والشعور الدائم بالخوف أو فقدان الثقة فى المحيطين نظرا لعدم وجود من يحتويه ويعزز إليه هذا الشعور.. وهذا يعد أهم التأثيرات النفسية التى تسببها أحداث العنف على هؤلاء الأطفال، أما الناحية العضوية فبالطبع هناك بعض الأمراض التى قد تصيبهم مثل نوبات الهلع والصرع بسبب أصوات القصف العشوائى المستمرة وكذلك صعوبة النطق والإدراك أيضا.

وتضيف أنه فى الحالات الطبيعية إذا كان الطفل يعيش فى منزل به مشاحنات كثيرة أو يتعرض لضغوطات طوال الوقت فإن ذلك يترك أثرا واضحا عليه، فما بالنا بمن يتعرضون لأحداث ومشاهد صعبة للغاية، وأشير إلى أن هناك بعض الحلول المقترحة للتخفيف من وطأة الضغوط والصدمة عليهم خاصه مع افتقادهم إلى أساسيات الحياة من طعام وشراب أيضا.

لذلك إذا كان الطفل فوق ٣ سنوات ومن أجل أن يتناسى هذه اللحظات القاسية وحتى لا تحدث له إضطرابات مضاعفة لابد من تقديم يد العون له وعلى الأخص من الناحية النفسية عن طريق تغذية وتعزيز شعور الأمان لديه حتى لو بإختلاق قصص وسيناريوهات مختلفة حتى لا يكبر هذا الطفل ويتملكه شعور الخوف من المحيطين به وفى الوقت نفسه ضرورة ترسيخ الثقة لديه من خلال التأكيد على فكرة النصر مهما كانت الظروف.

شيخوخة مبكرة

ويؤكد د.جمال فرويز أستاذ علم النفس أن أطفال غزة يتعرضون لنوع كبير من الضغط النفسى الذى قد يؤدى بهم إلى حدوث اضطراب وخلل سواء من الناحية النفسية أو العضوية ،فهذا الكم الهائل من الأحداث وعدم الاستقرار يجب أن يترك أثرا على هؤلاء الأطفال والذى يجعلهم ينقسمون إلى فئتين الأولى أن يتحولوا لأشخاص يملؤهم شعور الكره تجاه العالم الذى وضعهم فى مثل هذه الأحداث وعرضهم للظلم وقضى على طفولتهم مبكرا حولهم إلى أشخاص أكبر من أعمارهم.

ويضيف أما الفئة الثانية أن يتحولوا إلى أشخاص على النقيض تماماً من الشريحة الأولى يتملكهم حب الخير للجميع وذلك يتوقف على جينات كل طفل، ولكن العامل المشترك والمؤثر بين الفئتين هو أن هناك اثرا إيجابيا كبيرا يجب ألا نتغافل عنه وهو أنه على الرغم من قسوة المشاهد لهؤلاء الأطفال إلا إنها خلقت بداخلهم إصرارا وعزيمة وعقيدة حب الوطن والتمسك بأرضه لتنتقل من جيل إلى جيل.
قادة المستقبل

ومن ناحيته يؤكد د. ابراهيم مجدى استشارى الطب النفسى بجامعة عين شمس ان أطفال غزة لن يكون لهم علاج نفسى، فالأبحاث والدراسات تقول إن هؤلاء الأطفال يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، وسوف يظلون يعانون من هذا الاضطراب مع استمرار الحرب الهمجية من إسرائيل على قطاع غزة، فالقصف مستمر والأهالى مستمرة فى الاستشهاد والأطفال يستشهدون ويفقدون أطرافهم واعضاءهم ، موضحا ان علاج أطفال غزة انهم يحصلون على حقوقهم ، والعلاج بالكلام ليس مجديا ، انما العلاج يكون بحثهم على الثأر وانهم جزء من القضية وانهم قادة المستقبل.

ويضيف د. ابراهيم مجدى انه يجب تشجيع الأطفال على انهم أبطال وانهم على حق وانهم أصحاب القضية، فالخبراء والباحثون اجمعوا على استمرار معاناة أطفال غزة من كرب ما بعد الصدمة بسبب استمرار الأحداث الدموية من جانب اسرائيل فى القطاع ، فأكبر علاج لأطفال غزة هو تأكيد إيمانهم بفكرة الثأر لهم ولشهدائهم وأنهم هم من سيحملون لواء القضية ، وأظن ان أهالى فلسطين يقومون بتربية أولادهم على ذلك والتأكيد عليهم بعدم مغادرة الأرض إلا فى حالة الموت.

ويشير استشارى الطب النفسى أن الباحثين توصلوا إلى أن الأطفال والشباب والبالغين الفلسطينيين وأسرهم فى قطاع غزة يتعرضون باستمرار لخطر كبير للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة ومشاكل نفسية أخرى ، وهذا يعنى أن الفلسطينيين سيعانون لفترة طويلة من اضطراب ما بعد الصدمة، والذى ينبغى أن يسمى اضطراب الإجهاد الناتج عن الصدمة المزمنة (CTSD) بدلاً من اضطراب ما بعد الصدمة، لا يمكن تغيير اضطراب ما بعد الصدمة ما لم يتم حل جذور المشكلة عن طريق إنهاء 74 عامًا من العيش تحت الاحتلال

وأضاف د.ابراهيم مجدى انه يجب توثيق وتسجيل الحالات التى أصيبت باضطراب كرب ما بعد الصدمة فى قطاع غزة مع تدويل القضية وطلب تعويضات بالمليارات لأن ما حدث مع الأطفال يعتبر كرب ما بعد الصدمة، كما مطلوب التنسيق بين محامين دوليين وأطباء نفسيين لرصد حالات الأطفال الذين اصيبوا باضطرابات نفسية.

ويشير استشارى الطب النفسى ان العلاج شقان علاج دوائى وعلاج سلوك معرفى يعتمد على التخلص بالشعور أنك ضحية و استبدال الشعور بأنك بطل موضحا ان دور الأطباء النفسيين فى الحرب لا يقتصر على العلاج فقط إنما يكون له شق نفسى جنائى من خلال رصد جرائم الحرب ، وقد حاولنا استخدام الطب عن بعد والتليميدسين ولكن قطع الاتصالات وعدم توفر بيئة آمنة لتلقى العلاج أجهد هذه الفكرة

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة