أنطونيو جوتيريش
أنطونيو جوتيريش


جوتيريش يواجه الضلال الإسـرائيلي

آخر ساعة

الثلاثاء، 07 نوفمبر 2023 - 08:02 م

■ كتب: حسن حافظ

يواجه البرتغالي أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، حربا تشنها عليه أجهزة الإعلام الإسرائيلية بعد أن نطق بالحق وعرّى العدوان الصهيونى الغاشم على قطاع غزة، لما يرتكب فى الأخير من جرائم، ورغم أن جوتيريش  لم يستخدم لغة شديدة الحدة فى كلمته أمام مجلس الأمن فى نهاية أكتوبر الماضى، لكن التلميح بجرائم إسرائيل كان كافيا، لتشن الأخيرة عليه هجوما استخدمت فيه أذرعها الإعلامية الأمريكية.

◄ الدبلوماسية الإسرائيلية تشن حربا عليه وتطالبه بالاستقالة

ورغم أن جوتيريش دان الهجوم الحمساوى على إسرائيل، فإنه قال إن «هجمات حماس لم تأت من فراغ، لقد تعرض الشعب الفلسطينى لـ56 عاما من الاحتلال الخانق، لقد رأوا أرضهم وهى تلتهمها المستوطنات بشكل مطرد، وعانوا العنف، وتم خنق اقتصادهم وتهجير ذويهم وهدم منازلهم، وتلاشت آمالهم فى التوصل لحل سياسى لمحنتهم»، رافضا العقاب الجماعى للشعب الفلسطيني.

ووجه الأمين العام انتقادات واضحة للحكومة الإسرائيلية بالقول أمام المحفل الأممى: «إن القصف المتواصل لغزة من قبل القوات الإسرائيلية وحجم الخسائر بصفوف المدنيين والتدمير الشامل للأحياء السكنية لا يزال فى تصاعد، وهو أمر مثير للقلق العميق. إننى أشعر بالأسى، وأقف إجلالًا للعشرات من زملائى فى الأمم المتحدة ممن يعملون فى الأونروا، ونأسف لمقتل ما لا يقل عن 35 منهم فى القصف على غزة خلال الأسبوعين الماضيين، وما زال العدد فى ازدياد».

وأضاف: «إنني أشعر بقلق بالغ إزاء الانتهاكات الواضحة للقانون الإنساني الدولي التى نشهدها فى غزة. اسمحوا لى أن أكون واضحا: لا يوجد طرف فى أى نزاع مسلح فوق القانون الإنسانى الدولى»، وهى الرسائل التى أثارت جنون الأوساط الإسرائيلية إذ اعتبرتها إدانة صريحة للعدوان الصهيونى، كما أن صوت الأمين العام للأمم المتحدة يخترق الحملات الإعلامية الإسرائيلية الموجهة للغرب وتقلب فيها الحقائق وتخفى مظاهر الخراب فى غزة جراء العدوان الوحشى لإسرائيل.

تصريحات جوتيريش  ما إن خرجت من بين شفتيه، حتى دارت عجلة الهجوم الصهيوني، وكانت البداية مع الخارجية الإسرائيلية التى ردت فى بيان رسمى، على حديث جوتيريش، وقالت إنه «مثير للغضب والدهشة ووصمة عار عليه وعلى الأمم المتحدة»، وشددت على أن «كلمات جوتيريش تعكس موقفًا متحيزًا ومشوهًا تجاه إسرائيل، وتبرر الإرهاب البشع فى 7 أكتوبر»، داعيا الأمين العام للأمم المتحدة للاعتذار عن تصريحاته والاستقالة من منصبه لأنه «ليس أهلا لقيادة المنظمة الدولية».

◄ اقرأ أيضًا | الممثل الشرعي للفلسطينيين يبحث عن طوق نجاة| أين «منظمة التحرير» من الحرب في غزة؟

الهجوم الرسمى الإسرائيلي لم يتوقف عند هذا الحد، بل هاجم جلعاد إردان، سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جوتيريش، بكل صفاقة ووقاحة، فطالبه بالاستقالة واعتبره غير مؤهل لقيادة الأمم المتحدة، وتمادى فى سلسلة تصريحاته التى تنقل بها بين محطات البث الأمريكية، فقال إن الأمم المتحدة لم يعد لديها ذرة واحدة من الشرعية، وذلك بعد تبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يدعو إلى الوقف الفورى لإطلاق النار فى غزة، مطالبا كل دولة محترمة بوقف تمويل المنظمة الأممية حتى يتوقف العداء للسامية والتحيز ضد إسرائيل، على حد زعمه. وأعلنت تل أبيب أنها سترفض منح تأشيرات لمسئولى المنظمة الدولية ردا على تصريحات جوتيريش.

إسرائيل ضربت بميثاق الأمم المتحدة نفسه عرض الحائط، وخالفت بشكل صريح المادة (100) من الميثاق الأممى، الذى يرمى لحماية الأمين العام من تدخلات وتهديدات الدول الأعضاء، إذ تنص المادة على أنه «يتعهد كل عضو فى الأمم المتحدة باحترام الصفة الدولية البحتة لمسئوليات الأمين العام والموظفين، وبألا يسعى للتأثير فيهم عند اضطلاعهم بمسئولياتهم». فهل التصريحات الإسرائيلية الهجومية على الأمين العام ومحاولات تل أبيب إجباره على أن يتحول لبوق إسرائيلى تعد تأثيرا مباشرا فى مسئوليات الأمين العام؟ ألا تعتبر تصريحات المسئولين الإسرائيليين إهانة وعدم احترام للصفة الدولية البحتة لمسئوليات الأمين العام كما ينص ميثاق الأمم المتحدة؟

من جهته، رأى السفير محمد العرابى، وزير الخارجية المصرى الأسبق، أن الهجوم على جوتيريش «يعبر عن استمرار إسرائيل فى نهجها الذى ترى فيه نفسها فوق القوانين والمواثيق الدولية، وتقدم دليلا جديدا على أنها لا تهتم بالأمم المتحدة وقراراتها ودورها كضمير للعالم، والسبب فى ذلك كله هو اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة الأمريكية التى تعرقل أى قرار ملزم يصدر من مجلس الأمن ضد إسرائيل، وبالتالى تشعر الأخيرة أن المنظمة الدولية لا أهمية لها، ويجب أن تصمت تماما على جرائم إسرائيل».

وحول تقييم تصريحات جوتيريش ، قال العرابى لـ «آخرساعة»: «الأمين العام للأمم المتحدة أظهر جرأة واهتماما كبيرا بالقضية الفلسطينية، وقال كلاما فى منتهى الوضوح بإدانة إسرائيل وجيشها، ما سيجعله فى مرمى انتقاد وضغط من دول كثيرة تأخذ جانب الموقف الإسرائيلى، وسيزيد الجانب الإسرائيلى من تجاهل الأمم المتحدة بعدم الاعتراف بقراراتها، الأمر الذى يجب أن يتم الرد عليه من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعادة النظر فى عضوية إسرائيل بالمنظمة الأممية، لأنه ليس منطقيًا استمرار عضوية دولة لا تعترف بالقانون الدولى ولا قرارات الأمم المتحدة».

الغريب فى الأمر أن جوتيريش  لم تعتبره إسرائيل عدوا لها منذ البداية، بل احتفت به إذ تم منحه جائزة تيودور هرتزل من قبل المؤتمر اليهودى العالمى عام 2020، واحتفى رونالد لاورد، رئيس المؤتمر اليهودى العالمى، بالأمين العام للأمم المتحدة وكال له المديح، قائلا: «على مدى سنوات عديدة، أثبتَّ أنك صديق حقيقى ومخلص للشعب اليهودى ودولة إسرائيل»، لكن هذه الكلمات سرعان ما تبخرت عندما تحدث جوتيريش  عن المذابح الإسرائيلية فى غزة. 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة