الأحد، 12 نوفمبر 2023 - 11:42 م

في قلب أرض الموعظة، حيث ألقى السيد المسيح عيسى بن مريم "عليه السلام" كلماته السماوية، يعلو جبل التطويبات كرمز للروحانية والتأمل، حيث يقع هذا الجبل الشامخ فوق بحيرة طبريا، وعلى قمته تتوسط كنيسة التطويبات، التي تروي قصة تاريخية تمزج بين الصلاة والتطهير.

في الوقت الذي رأى الجموع، صعد المسيح إلى قمة الجبل، وجلس هناك ليمنح الحواريون دروسهم. "طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السماوات"، بهذه الكلمات السماوية بدأ المسيح موعظته، وكان المكان الذي وقعت فيه تلك الكلمات المباركة هو جبل التطويبات.

اقرأ أيضًا: المهد الخالد.. قصة كنيسة الأمل والتسامح بفلسطين

قائمة على تلك الأرض التي شهدت أول موعظة في المسيحية، بنيت كنيسة التطويبات. بدأت البناء في عام 1937 على يد المهندس الإيطالي بارلوتسي. وكانت الأرض مكانًا مقدسًا منذ القرون الأولى للمسيحية، حيث أقام المسيحيون كنائس ومزارات على هذا الأرض، تم تدميرها وإعادة بناؤها عدة مرات.

تتميز كنيسة التطويبات بتصميمها الثماني الأضلاع، وتزيينها بالفسيفساء التي تعود إلى القرون الوسطى. تشكل التطويبات الثمانية جزءًا من تصميمها، مما يجسد القيم الروحية للإيمان والرجاء والمحبة والفطنة والعدل والقوة والرحمة. يعكس الديكور أيضًا رموز الفضائل اللاهوتية التي تعزز قيم الحياة المسيحية.

مع مضي القرون، تحملت كنيسة التطويبات تحديات الهدم وإعادة البناء، ولكن الإيمان والتفاني لدى المسيحيين جعلت هذا المكان مصدر إلهام. حتى خلال وسط احلك الأوقات والصعوبات، بقيت روحانيتها قائمة.

يضيف جمال البحيرة الهادئة ومتنزه المحيط الرائع إلى جاذبية مزار التطويبات. يدير بيت الضيافة القريب من الكنيسة راهبات إيطاليات، مما يوفر للزوار تجربة روحانية تكتمل بالسكينة والهدوء.

جبل وكنيسة التطويبات يرويان حكاية عظيمة للزائرين، فهما ليسا مجرد مكان للعبادة، بل هما شاهدان على قصة حية تربط الماضي بالحاضر وتعلّمنا قيمًا روحانية تحملها هذه الأرض المقدسة.