الصناعة المصرية تحارب عقدة الخواجة
الصناعة المصرية تحارب عقدة الخواجة


«الإنتاج المحلي» سلاحنا لمواجهة الأزمات

إيمان طعيمه

الأربعاء، 15 نوفمبر 2023 - 05:32 م

ومع انتشار هذه الدعوات تضاربت الآراء حول النتائج المترتبة على المقاطعة، فهناك من يقول إنها تضر بالاقتصاد الوطني،  وآخرون يرون أن «رُب ضارة نافعة»، وأن هذا هو أنسب وقت لأن تثبت المنتجات المصرية نفسها مع إبراز شعار «صنع في مصر» والقضاء على عقدة الخواجة.

◄ الحكومة تيسر استخراج الرخص الصناعية خلال 48 ساعة

◄ زيادة الإنتاج المحلي توفر فرص العمل وتقلل من نزيف العملة الصعبة

◄ طارق فهمي: الاستراتيجية الاستباقية نقطة هامة للسيطرة على أضرار الأزمات

◄ إدارة الأزمات
يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة: لا شك أن تأثير الأزمات المختلفة ينعكس على الاقتصاد الوطني،  فعلى مر التاريخ تكررت الأزمات الدولية والأقليمية وتنوعت خريطة الأزمات بين السياسي والاقتصادى والأمني والاستراتيجى كما شهدنا فى الأزمة المالية العالمية عام 2008، وأزمة كورونا 2020، وأيضا الحرب الروسية - الأوكرانية ومخاطر التضخم العالمية، وهذا يستدعى أن تكون كل دولة لديها حسن إدارة للأزمات عبر ما يعرف بـ«استيراتيجيات المجابهة الاستباقية»، والتى تشكل لدى الحكومة استيراتيجة استباقية تتوقع وتتنبأ بإدارة الأزمة أيا كانت جوانبها وتداعياتها للتقليل ومحاصرة أى ارتداد سلبى يمكن أن يعود على الاقتصاد أو المواطن، وقد نحجت مصر فى ذلك أثناء جائحة كورونا، وكذلك أزمة الحرب الأوكرانية التى تضرر على أثرها اقتصادنا فى كثير من الجوانب والقطاعات، لكن مصر استطاعت التعامل مع الأزمة واتجهت لأسواق بديلة للخروج من الدائرة «الجهنمية» فى المجالات الاقتصادية لظروف أفضل.

ويؤكد الدكتور طارق أنه لا يوجد ما يعرف بـ«الروشتة الجاهزة لحل الأزمات»، ولكن يجب أن يحدد كل حل وفقا لطبيعة الأزمة، وأن يقوم على فكرة الصراحة والشفافية وأن تتخلى الدولة الأبوية عن دورها والقيام بدور أكثر وضوحا من خلال إعلام المواطن بأهمية مشاركته فى صنع القرار، فمثلا عند تعرض الدولة لأزمة اقتصادية يجب عليها تقليل استيراد بعض السلع التى تعرف بـ«السلع الأكثر رفاهية»، وعلى المواطن أن يعى ويتقبل ذلك جيدا ويشارك فى البحث عن بدائل محلية أخرى دون تذمر.

وعن حملات المقاطعة يرى أنها جيدة فى تأثيرها الرمزى أكثر من السياسى،  وفى حال استمرارها ستحقق نتائج مذهلة، علما بأنه يجب ألا يقتصر الأمر على المأكولات والمشروبات فحسب، ولكن يجب الاستغناء أيضا عن أى منتج أجنبى موجود بالسوق المصرى أو ما يعرف بـ«البراندات» سواء يتمثل ذلك فى الملابس أو الأجهزة أو الأثاث وحتى مستحضرات التجميل والعطور، لأن ذلك يكون أكثر إيلاما للمُصدِّر ويجعله يضطر لتخفيض أسعار منتجاته أو استرجاعها مرة أخرى، ما يحقق له خسائر مادية فادحة.

◄ تضافر الجهود
من جانبه، يقول الدكتور طارق البرديسي،  خبير العلاقات الدولية والمحلل السياسي: إن كل الأزمات التى تمر بها أى دولة فى العالم يمكن تحويلها من محنة إلى منحة إذا تضافرت جميع الجهود، فإذا اعتبرنا أن المقاطعات الشعبية هى البداية فيجب انتهاز هذه الفرصة من تضافر جميع الجهود فى الاهتمام بجودة المنتج المحلى مع تخفيض نسبة الربح، بالإضافة للتشجيع على زيادة الاستثمارات الزراعية والصناعية أى الاعتماد على الجهد الذاتى فى مختلف الجوانب، كما يمكن استغلال السوشيال ميديا فى زيادة وعى المواطنين والنجاح فى مواجهة الأزمة.

◄ ضرورة استمرار الحملات
فيما يقول الدكتور محمود السعيد، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابق، نائب رئيس جامعة القاهرة للدراسات العليا: للأسف ظهور حملات المقاطعة يتكون فى الغالب مجرد رد فعل مؤقت نتيجة تزايد الأحداث الدامية، لكن يجب العلم بأهمية استمرارها بعد انتهاء الأزمة، بهدف تقوية الصناعة المصرية وتوفير المستلزمات الصناعية اللازمة لها لتخفيف حجم الطلب على العملة الصعبة والنهوض بالمنتج المحلى،  مما يكون له مردود إيجابى على الاقتصاد الوطنى والميزان التجاري.

ويشير إلى أنه يجب الاعتماد على مختلف السلع وعدم التركيز على أنواع بعينها، خاصة قطاع التغذية الذى يحتاج لاستيراد معظم المواد من الخارج، وإذا تم ذلك ستنخفض معدلات التضخم فى غضون سنوات قليلة، خاصة أن مصر قادرة على توطين العديد من الصناعات، وعلى المنتجين أن يهتموا بجودة المنتج المحلى ورفع كفاءته ليكون من أهم مصادر التصدير للخارج فيما بعد.

◄ سلاح ذو حدين
ويوافقه فى الرأى الدكتور رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد والاستثمار والتمويل الدولى،  الذى تحدث عن مقاطعة المواطنين لمنتجات الشركات التى تدعم أمريكا وإسرائيل والتى يجب أن تكون على المدى الطويل ليكون ذلك أكثر إيلاما لهذه الشركات التى لديها يقين من أن المصريين سيعودون إليها فى القريب العاجل، ولكن قبل القيام بذلك يجب التأكد من أى منها يجب مقاطعته وأيها يضر الاقتصاد المصرى،  فيجب التفرقة بين فروع الشركات التى يجب مقاطعتها بالفعل، وبين الشركات التى تحمل الاسم التجارى فقط مقابل دفع مبلغ مالى سنويا والتى يكون المقاطعة لها سببا فى خسارتها وإغلاق فروعها مما يلحق ضررا كبيرا بالعمالة المصرية الموجودة بها. ويجب على المنتجيين المحليين الاستفادة من حدث المقاطعة والوعى الشعبى عبر تطوير المنتجات والسعى لخفض هامش الربح وعدم احتكار السوق أو تقديم منتجات بجودة سيئة، وذلك لكسب ثقة المواطن.

◄ الرخص الذهبية
فى ذات السياق، يقول الدكتور حازم المنوفي،  رئيس شعبة المواد الغذائية للغرفة التجارية بالإسكندرية، أن الصناعة المصرية من أهم الملفات التى ترفع من شأن الاقتصاد المصرى وتقلل بأكبر نسبة من الاستيراد من الخارج، خاصة بعد ما بذلته الحكومة من جهود فى تيسير الرخص الصناعية والحصول على الرخص الذهبية خلال 48 ساعة فقط، مما يجعل الفرصة رائعة لنمو وازدهار الصناعة المصرية ويجب أن يستغلها الصناع المصريون لتحقيق أكبر قدر من الإنتاج والاعتماد على المنتج المحلى،  خاصة أن الدولة المصرية تسعى لزيادة الإنتاج ويظهر ذلك فى الجهود التى تقوم بها وزراتا الصناعة والاستثمار فى الاهتمام بتعميق الصناعة المحلية حتى أنها رصدت مؤخرا من خلال جهاز تحديث الصناعه التابع لوزارة الصناعة والتجارة أن هناك أكثر من 131 منتجا يمكن تصنيعهم محليا والاستغناء عن استيرادهم من الخارج، وقد تم بالفعل البدء فى تنفيذ عدد منهم.

◄ روشتة الاستمرار
من جانبها، تؤكد الدكتورة أمل طلعت، مستشارة وخبيرة فى التسويق وإدارة المال والأعمال، أن أهم ما يمكن أن يميز المنتج المصرى ويجعله يستحوذ على نسبة كبيرة من السوق هو الاهتمام بالجودة والانتشار، فيجب أن تعتمد صناعة المنتج على المعايير السليمة للتصنيع ومواكبة المعايير العالمية التى تجعله ينافس بقوة، ولا ننسى المقوله الشهيرة «فى الأزمات تُصنع الثروات»، ويجب الاستعانة بالخبراء المعنيين فى هذا الشأن ومصر لديها الخبراء والاستشاريون ذوو الكفاءة العالية لتنفيذ ذلك بكل دقة وبأفضل جودة وبسعر تنافسى يخدم احتياجات السوق المحلى،  مع تحديد طريقة التسويق المناسبة واللازمة لتعريف المواطنين به، بجانب ضرورة الاهتمام بالعمالة وتدريبهم وتأهيلهم بشكل جيد، فالاستثمار فى العمالة يعد أفضل وسيلة لتحقيق المكاسب.

◄ شروط الاستثمار
فيما يرى حسن الفندي، رئيس شعبة السكر والحلوى بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، أن دعم الصناعة المصرية من أهم النقاط التى دعا لها الرئيس عبدالفتاح السيسى،  لأنها تعنى زيادة الاقتصاد الوطنى وصنع قيمة مضافة للمنتجات المصرية، مما يزيد من معدل النمو للناتج القومى ككل، وعندما تصبح الشركات المصرية أقوى وتسيطر على حيز كبير من السوق، تصبح أكثر تحكما فى الاستثمار الأجنبى فيما بعد، وبشروط معينة أهمها أن يقدم المستثمر قيمة مضافة للصناعة المصرية ولموارد الدولة كإدخال نوع من التكنولوجيا الحديثة فى مجالات التصنيع أو توفير خبرات عالمية لتدريب العمالة المصرية، أو تقديم استثمارت ضخمة فى كثير من المجالات مثل إنشاء مصانع جديدة أو تنفيذ مشروعات تدفع بقوة نحو تقدم الاقتصاد المصرى وتوفر المزيد من فرص العمل وتفتح الفرصة لأبواب التصدير للخارج. وكل ذلك لن يتوفر إلا بحل جميع المشكلات تواجه بعض الصناعات من عدم توافر ماكينات التصنيع وخطوط الإنتاج وبعض المستلزمات، لنستطيع القول حينها بأن المنتج المصرى يمكنه أن يحقق النجاح بنسبة 100%.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة