تفاقم الأوضاع الصحية للنازحين في قطاع غزة
تفاقم الأوضاع الصحية للنازحين في قطاع غزة


جراء الحرب وانتشار الأمراض..

تفاقم الأوضاع الصحية للنازحين في قطاع غزة

إسراء ممدوح

الثلاثاء، 21 نوفمبر 2023 - 11:03 م

في سياق الحرب المستمرة على قطاع غزة التي بدأت في السابع من أكتوبر المنصرم، يخوض سكان القطاع معركة جديدة لا مهرب منها، نفايات متراكمة تحيط بالمخيمات المكتظة بالنازحين وبمراكز الإيواء التابعة للأونروا التي تعتبر ملاذًا للاجئين، مما أوقع الفلسطينيين في مأزق يتسارع فيه خطر الصحة العامة بشكل مقلق.

وبسبب الحصار الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ 46 يوم، أصبحت آليات جمع القمامة عاجزة عن القيام بواجبها بسبب انقطاع إمدادات الوقود، ومع تراكم النفايات والأدوات الطبية المستعملة في أنحاء غزة، تفاقم خطر انتشار الأمراض والأوبئة، مما زاد من صعوبة الوضع الإنساني أيضًا الذي يعيشه السكان بالفعل.


صعوبة العثور على الجثث فاقم خطر نقل البكتيريا والفيروسات

وبينما تئن زوايا القطاع من الفقد، تراكمت في الزوايا الأخرى الجثث والأشلاء التي مازالت تحت الأنقاض أو على جوانب الطرقات، التي لم تجد طريقًا إلى الدفن بسبب صعوبة العثور عليها، ما أدى إلى تحللها وتعفنها وتزايد خطر نقل البكتيريا والفيروسات للسكان بجانب تلوث البيئة والتهديد الصحي الخطير الذي يتفاقم أيضًا بسبب انقطاع الخدمات الأساسية عن القطاع مثل الماء والكهرباء والوقود.


تداعيات قطع الوقود على الصحة العامة لسكان القطاع

وفي ذات السياق، فإن فقدان الوقود يفضي إلى إغلاق محطات الصرف الصحي ومحطات تحلية المياه، مما يشكل تهديدًا لصحة أكثر من 100 ألف شخص في غزة حرموا من الوصول إلى المياه النظيفة وكانوا عرضة للخطر بشكل كبير ومازال العدد في تزايد باستمرار فرض إسرائيل في الحصار على غزة.

ومع استمرار توافد سكان غزة إلى مراكز الإيواء التابعة للأونروا، يصبح تكدسهم في مساحات صغيرة أمرًا لا يُحمد عُقباه، حيث يعيش أكثر من 800 ألف نازح في ظروف صعبة داخل 154 مركز إيواء تابع للأمم المتحدة، مما يجعل هذا الإكتظاظ بيئة خصبة لانتشار الأمراض التنفسية الحادة والأمراض المعدية الأخرى، فأصبح انتقال الأمراض بين السكان الذين فروا من القصف الإسرائيلي واقعًا فعليًا، حسبما أفادت "العربية" الإخبارية.


انتشار الأوبئة يسلك اتجاهات خطيرة

ويواجه المتطوعون تحديات يومية مرهقة، حيث يقومون بجمع النفايات الطبية حول المستشفيات والتخلص منها بدءًا من الصباح الباكر، ما أدى إلى انتشار الأمراض الجلدية بينهم، بالإضافة إلى مخاطر الأمراض المعوية والجدري المائي بين الأطفال، نتيجة تكدس الجرحى داخل المستشفيات ونقص المواد الطبية المخصصة للتعامل مع هذه النفايات، وبات انتشار الأوبئة يسلك اتجاهات خطيرة.

وتتزايد المخاوف من انتشار الأمراض، خاصةً مع بداية موسم الأمطار، حيث من الممكن أن تضعف السيول أو الفيضانات التي ترافق فصل الشتاء، شبكات الصرف الصحي وتزيد من انتشار الأمراض بشكل مُتسارع.

وتتفاقم المأساة لسكان غزة بفعل انقطاع الوقود الذي أثّر بشكل كبير على عمليات جمع القمامة، وهذا الوضع جعل الشاحنات التي تنقل النفايات إلى المكب تتوقف، مما يزيد من التحديات التي يواجهها السكان.


توقف جمع النفايات الصلبة «خلق» بيئة لانتشار الأمراض

وأكد ممثل منظمة الصحة العالمية بفلسطين، ريتشارد بيبركورن، على أن انتشار الأمراض في غزة يتزامن مع تقويض النظام الصحي وتوقف عدة مستشفيات ومرافق صحية بسبب الأضرار أو نقص الوقود، حسبما أفادت "فرانس برس" الفرنسية.

وقال بيبركورن، إن انتشار العدوى التنفسية الحادة قد زاد بشكل كبير، بما في ذلك الأمراض البكتيرية مثل الإسهال، نتيجة زيادة تناول الناس للمياه الملوثة، وأدى نقص الوقود أيضًا إلى توقف جميع أعمال جمع النفايات الصلبة، مما خلق بيئة مواتية لانتشار سريع واسع النطاق للحشرات والقوارض التي يمكن أن تنقل الأمراض.

وتشير التقارير إلى أن الإصابة بالعدوى التنفسية لا تقتصر على النازحين فقط، بل تمتد أيضًا إلى العاملين الصحيين.


«الأونروا» تحاول جمع القمامة لتخفيف الأثر البيئي والصحي

وفي محاولة للتصدي لهذا الوضع، قام موظفو الأونروا بجهود ذاتية في وضع القمامة في الحاويات ونقلها، بهدف التخفيف من الأثر البيئي والصحي الناتج عن تراكم النفايات الذي يهدد سكان مراكز الإيواء والمخيمات.


كيف تنتشر الأمراض بين السكان؟.. الصحة العالمية وأطباء غزة «يُجيبون»

وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الاكتظاظ هو العامل المساهم الرئيسي في انتشار الأمراض، بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي الحادة، وهذا الوضع يثير مخاوف صحية وبيئية، وقد يؤثر في الصحة خارج حدود قطاع غزة. 

بينما يشير الأطباء في القطاع، إلى أن انتشار الأمراض التنفسية يعود جزئيًا إلى الضربات العسكرية الإسرائيلية التي تتسبب في إطلاق مواد ضارة مثل البارود والمتفجرات، مما يؤدي إلى نشر غازات تسبب تأثيرًا خطيرًا على الجهاز التنفسي للأطفال والنساء.

وقال طبيب الصحة العامة، ناهض أبو طعيمة، إن المرضى يصلون إلى المستشفيات مصابين بأعراض أمراض تنفسية حادة وخطرة، وذلك بسبب القذائف والصواريخ التي تطلق على السكان وتحوي مواد مثل البارود والمتفجرات، وعندما تنفجر وتحترق تنبعث منها غازات مليئة بالكربون الذي يؤثر في الجهاز التنفسي.

وأكد أبو طعيمة، على أن دمار المباني نتيجة للقصف يسفر عن انبعاث الغبار والأتربة من مواد البناء، مما يعرّض السكان لاستنشاق الجسيمات الدقيقة ويؤدي إلى تأثيرات سلبية على الجهاز التنفسي.

 وأشار الطبيب ناهض، إلى أن الأطفال يتأثرون بشكل أكبر نظرًا لأن جهازهم التنفسي لم يكتمل بعد وهو في طور النمو، مما يجعلهم أكثر عرضة لتشوهات في الجهاز التنفسي وأضرارًا مزمنة ناتجة عن استنشاق الدخان والجزيئات والفطريات، وكذلك التعرض للمواد الحارقة أثناء القصف يتسبب في تدمير الأغشية المخاطية في الجهاز التنفسي، مما يؤدي إلى مرض الالتهاب الرئوي الاستنشاقي، فالضرر الحراري على الجهاز التنفسي هو المشكلة الكبيرة في غزة.

وينوه أبو طعيمة، على أن الفوسفور الأبيض الذي أطلقته إسرائيل في سماء غزة تسبب في حروق في القصبات الهوائية وأورام في البلعوم، وتتجلى أمراض التنفس في ظل انعدام الرعاية الصحية للنازحين بسبب انهيار المنظومة الصحية وازدياد انتشار الفيروسات التنفسية في فصل الشتاء.


إصابة الطواقم الطبية بالفيروسات المنتشرة في المستشفيات

وفي وقت سابق، أكد مدير الطوارئ في مجمع ناصر الطبي، محمد قنديل، على انتشار الجرب والجدري المائي بين الطواقم الطبية، مع تسجيل التهابات في الجهاز التنفسي بين الأطباء والممرضين.

وأفاد قنديل، بأن 30% من الطواقم الطبية أصيبوا بالتهاب رئوي ناتج عن الفيروسات المنتشرة في المستشفى، وأشار إلى تأثير استنشاق الغبار الموجود على ملابس الضحايا التي قد تحمل موادًا كيميائية غير معروفة.


خلال شهر من الحرب.. نحو 70 ألف شخص مصاب بعدوى تنفسية

وتعرض أكثر من 70 ألف شخص في جنوب قطاع غزة للإصابة بالعدوى التنفسية الحادة خلال شهر من الحرب، وتركزت معظم حالات الإصابة في مراكز الإيواء، والمدارس، والمستشفيات، وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية.

وقبل الحرب الأخيرة في غزة، كانت الأمراض التنفسية تحتل المركز السادس بين أسباب الوفاة الأكثر شيوعًا في القطاع، حيث سُجل في عام 2022 ما يقرب من 82 ألف حالة إصابة بهذا المرض، وتوفي حوالي 400 شخص، ومع ذلك، تُشير تقارير الصحة العالمية إلى أن انتشار الأمراض بشكل سريع في هذه المرة، خلال أقل من شهر، قد يسفر عن زيادة كبيرة في عدد حالات الوفاة.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

مشاركة