هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

«غزة الصغرى» تحترق.. هل وصلت الرسالة؟

هالة العيسوي

الأربعاء، 29 نوفمبر 2023 - 10:49 م

بلا انتظار لما قد تؤدى إليه جهود تمديد الهدنة فى غزة، وأثناء وجود ويليام بيرنز رئيس وكالة المخابرات الأمريكية بالمنطقة لتوسيع صفقة تبادل الأسرى، اقتحم جيش الاحتلال مدينة جنين بالضفة الغربية، وأعلنها منطقة عسكرية مغلقة، وحاصر المخيم وعددًا من المستشفيات ومنع سيارات الإسعاف من نقل المصابين .

الاحتلال يتعامل مع جنين تحديدًا باعتبارها «غزة الصغرى» ، بدروبها الضيقة، وكثافتها السكانية، والأهم بنموذجها الفريد فى احتضان حركة المقاومة التى تنصهر فيها كل الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة فتح ولا تقتصر على مقاومى حماس وحسب. الاحتلال يراها امتدادًا طبيعيًا لسلطة حركة حماس فى الضفة الغربية، التى تجلت مؤخرًا، فى إفراجها أولًا عن الأسرى من سكان الضفة الغربية والقدس. ومع تضاؤل فرص القضاء على حماس فى غزة، وحفظًا لماء الوجه داخليًا بعد الإخفاق العسكرى والاستخباراتى المدوى الذى منيت به قوات الاحتلال، كانت هناك حاجة للقيام بحملة عسكرية تعيد للجمهور الإسرائيلى بعض ثقته فى قدرة قواته المسلحة، وفى كفاءة إدارة حكومته.

بوادر استهداف الضفة الغربية ظهرت منذ منتصف الحرب على غزة، وقد نبهنا هنا فى الأسبوع الأول من الشهر الجارى إلى ما يحدث هناك، واستغلال إسرائيل انشغال العالم بأحداث القطاع، للاستفراد بأهالى الضفة.

توقيت الحملة الإسرائيلية على جنين فى اليوم الخامس لتبادل الأسرى له دلالته التى لا يمكن إغفالها، فقد مضت صفقة تبادل الأسرى بالإفراج عن النساء والأطفال، واقتربت لحظة الحديث عن الرقم الصعب فى معادلة تبادل الأسرى، وهى الإفراج عن الرجال المدنيين، والجنود. نتنياهو أعلن أن القتال لن يتوقف إلا بعد الإفراج عن كافة الأسرى الإسرائيليين بمن فيهم الثلاثة  الذين سبق أن ارتهنتهم حماس من قبل عملية طوفان الأقصى. «الكل يعنى الكل» هكذا قالها وذكرهم بالاسم رافضًا أى حديث عن أى أسير فلسطينى يديه ملطختين بدماء الإسرائيليين .

حماس ردت باستعدادها لقبول صفقة شاملة بعنوان «الكل مقابل الكل» وتوضيحًا لذلك قيل إن الحركة ترغب فى الإفراج عن كافة الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية و«تبييض» سجون الاحتلال.

إسرائيل لن تقبل التخلى عن ورقة «الأسرى الأمنيين» فإذا ازدادت الضغوط الأمريكية واضطرت إلى إطلاق سراح كل الأسرى فى غزة، فلتملأ سجونها بأسرى من الضفة لتحتفظ بورقة رابحة للمساومة... وهذا ما تفعله باقتحامها جنين وحملة اعتقالاتها منها ومن طولكرم. 

اقتحام جنين هو الطريقة الإسرائيلية للتمرد على واشنطن ؛ ورسالة منها للبيت الأبيض ولكل من يهمه الأمر، بأنها  تعتزم احتلال قطاع غزة وإفراغه من سكانه، وان نتنياهو- على عكس بايدن - سيتعامل مع الحالة الفلسطينية بالتجزئة  وليس بالجملة كما ترغب الإدارة الأمريكية، فى رعاية صفقة شاملة تتضمن حل الدولتين وربط غزة بالضفة، فهل وصلت الرسالة؟.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة