محمد قناوي
محمد قناوي


محمد قناوي يكتب: حكاية الجني «حوجن» الذي افتتح البحر الأحمر وعشق الطبيبة

محمد قناوي

السبت، 02 ديسمبر 2023 - 03:15 م

دائما ما كان عالم الجن والعفاريت مادة دسمة استغلها صُناع السينما لتقديم أفلام تجذب انتباه الجمهور، إذ تطرقت بعض الأعمال الدرامية والسينمائية على مر السنين إلى عالم الجن والعفاريت والسحر والشعوذة لما يحويه هذا العالم من غموض وإثارة تجعل المشاهد فى حالة من الترقب والتشويق بداية من الإعلان عن العمل حتى عرضه، وتعتبررواية "هوجن"، للكاتب السعوي ابراهيم عباس من الكتب النادرة التي تتناول هذا النوع من القصص في المنطقة.

وبالنظر لموضوعها الفريد وثراء التفاصيل التي تناولتها والتي تؤهلها لتكون عملاً سينمائياً ، وهو ما حدث بالفعل فقد تحمس للفكرة المخرج العراقي ياسر الياسري وتم اقتباس فكرة فيلم "حوجن" من الرواية الاكثر مبيعًا في المملكة العربية السعودية  وتدور احداثها في مدينة جدة وعلي مدار ثلاث سنوات نجح في تحويل الرواية الي فيلم اختاره مهرجان البحر الأحمر السينمائي ليكون العرض الافتتاحي للدورة الثالثة للمهرجان التي انطلقت مساء الخميس الماضي، وهو من إنتاج فوكس سينما، بالتعاون مع إيمج نيشن أبوظبي وإم بي سي ستوديوز ويعد إختيار المهرجان لعرض هذا الفيلم في الافتتاح تكريماً للسينما السعودية والمواهب العربية، إلى جانب تسليطه الضوء على التقدّم الملحوظ الذي تشهده المملكة في مجال صناعة السينما.

نعود لأحداث الفيلم الذي يتم تصنيفه كفانتازيا خيالية، رومانسية ،درامية قام ببطولته الفنانون السعوديون  براء عالم – حوجن ، نايف الظفيري – زعنام، نور الخضراء – سوسن ، العنود سعود – جمارى ، محسن منصور –إياد وتدور الاحداث حول"حوجن"، شاب من الجنّ في أوائل التسعينات من عمره، يعيش مع والدته "الزهراء" وجده المريض "إلياسين" في منزل مهجور على حدود مدينة جدة، وينتمون إلى عائلة آل النفر التي تؤمن بالله وتلتزم بعدم التفاعل مع البشر، بينما كان والده "ميحال"، الذي اختفى فجأة، ينتمي لعائلة مختلفة، وعلى الرغم من قضاء حوجن لبعض الوقت هناك في طفولته، إلا أنه لا يتذكر إلا جزء قليل من حياته السابقة في "ملاج"، وبعد أن كبر حوجن، الذي تمتد جذوره لأصول مختلطة، معزولًا عن كل من الجنّ والبشر، فقد عاش صراعاً داخلياً لمعرفة هويته وجذوره الحقيقية في العالم.

يصيب حياة عائلة الجنّ الهادئة والبعيدة عن العالم نوع من الاضطراب عندما تشتري عائلة عبد الرحيم الإنسية، نفس المنزل الذي يسكنونه، ما يضطر حوجن وأهله الانتقال للإقامة على سطح المنزل، وعلى الرغم أن اقتراب البشر يعتبر صدمة للزهراء وأبيها نظراً للأعراف والقوانين القديمة المتعارف عليها، إلا أن هذا الوضع الجديد يفتح نافذة لعالم جديد يمكن لحوجن من خلاله اشباع فضوله وتطلعه للاستكشاف  وفور رؤيته لسوسن، أبنة عبد الرحيم الجميلة، يتنامى فضوله الذي تجذبه أيضاً طبيعتها المرحة وعقليتها المنفتحة، ليتناسى الحواجز بين الجنّ والأنس ويعجب بها. وخلال مراقبته لها في إحدى الليالي، تلعب سوسن مع صديقاتها لعبة "ويجا"، التي تبدو كأنها تخلق نوعاً من التواصل بين البشر والجن، ليظهر حينها جني آخر هو "درديل"، الذي تخاف معظم البنات في الغرفة من احساسهم بوجوده رغم عدم رؤيتهم له، وينتبه درديل إلى وجود حوجن قرب النافذة إلا أنه ينسحب بعدها مباشرة، بينما لا يدرك حوجن أنه صادف واحداً من التابعين لابن عمه "زعنام" من ملاج، وليكتشف حينها وسيلة للاتصال بسوسن ويخطو نحو طريق محظور ومليء بالمحاذير ، وكانت رحلة بحث زعنام، المستعبد من أقوى ملوك الجنّ "هياف"، عن ابن عمه قد استمرت لما يقارب التسعين عاما، لان إيجاده لحوجن يعتبر مفتاحه للتحرر من قيود سيده الشرير، حيث يسعى زعنام لتزويج حوجن بأخته "جمارى" لإنجاب طفل يملك قدرات أبي حوجن،"ميحال" وهو من "المقربين". ثم تقديم هذا الطفل ليكون أضحية لهياف وهو الشرط الذي سييحرر زعنام من عبوديته، وينهي اكتشاف درديل لمكان حوجن في جدة بحثًا دام لعقود، بينما مثل درديل اكتشافًا لطريقة الاتصال بسوسن، والسير في طريق محظور، ويتغير كل شيء في اللحظة التي يتمكن الاثنان من التواصل لتبدأ بينهما فصول قصة رومانسية يعكرها اكتشاف سوسن إصابتها بمرض خطير، تضطر على إثره اللجوء إلى زميلها في كلية الطب "إياد" طالبة دعمه، الأمر الذي يثير غيرة وغضب حوجن الذي يوشك جده، لياسين، على الوفاة إلا انه يكشف قبل ذلك بعض الحقائق عن والده والتي تزداد وضوحاً حين يزور "اليتمة" من أجل جنازة جده.

تتدهور حالة سوسن قبل عودة حوجن إلى جدة، وبعد زيارة مفاجئة من ابن عمه "زعنام"، يتصور حوجن أنه هو سبب مرضها وأن عليه العودة إلى ملاج ليحيي آمال شفائها، ومع عدم وضوح الرؤية التي يسببها زعنام، يضطر حوجن إلى اللجوء إلى إياد لمساعدته ف إنقاذ سوسن، وبالتزامن مع ذلك تساهم المعارف والتجارب التي خاضها حوجن بقربه من البشر في اكتشاف أصوله المن خلال التعلم من عالم البشر والكشف عن هويته وجذوره وقدراته في عالم الجنّ.

وقد شكلت الروايات والقصص الخاصة بالملك سليمان نقطة البداية التي الهمت الكاتب حول قصة حوجن، ورسمت الإطار عن كيفية معيشة الجنّ في المملكة العربية السعودية في الوقت الحاضر، ووفقاً لقصص الفولكلور الشعبي يتكون الجن من الدخان والنار مع مواد مختلفة عن تلك التي يتكون منها البشر، ما يفسر كيف يمكنهم التحرك بسرعة كبيرة وبين أبعاد مختلفة وأن يعيشوا بشكل غير مرئي على التوازي معنا ومع آلاف المجتمعات والأنواع والأصول المختلفة للجنّ، فإن القبائل والمدن المذكورة في حوجن تشكل جزءاً من عالم واسع ومعقد يتنوع تعداده بشكل مماثل لعالمنا، حيث تختلف أشكالهم وأحجامهم ومهاراتهم الفريدة وأماكن تواجدهم. وتسمح قصة عائلة حوجن، بمنحنا نموذج مصغر ضمن البُعد الجني الأوسع الذي يحيط بالعالم البشري الذي نعيش فيه، ومع الاختلافات الأساسية بين الجن والبشر، يتوجب النضال دوماً للحفاظ على التوازن بين الخير والشر، وبين الظلام والنور من أجل البقاء.
 

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة