عندما نجحت مصر فى تجميع قادة العالم بحثا عن السلام
عندما نجحت مصر فى تجميع قادة العالم بحثا عن السلام


رسائل القاهرة للعالم.. أربع ركائز للموقف المصرى.. ورفض التهجير فى المقدمة

أسامة عجاج

الأربعاء، 06 ديسمبر 2023 - 07:19 م

 

تكشف أحداث الأزمة الحالية التى تعيشها المنطقة بعد عملية طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والذى أخذ اسما كوديا «السيوف الحديدية» أن مصر كانت هى الأولى التى انخرطت وبنشاط بارز ورؤية واضحة ومحددة فى التعامل مع تبعاتها لاعتبارات عديدة منها الجوار الجغرافى الذى جعل منها المتنفس البرى الوحيد لأهالى قطاع غزة عبر معبر رفح ودورها التاريخى فى دعم حقوق الشعب الفلسطينى وهى حقيقة لايمكن إنكارها ومعترف بها من دول العالم وخطوطها مفتوحة مع السلطة الفلسطينية ومع جماعات المقاومة الفلسطينية وسعت أكثر من مرة لتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الخلافات بين كل الفصائل وكان وسيطا مقبولا ومرحبا به من كافة الجهات فى جولات المواجهات السابقة بين إسرائيل والمقاومة.

ولهذا لم يكن غريبا أن تتقدم القاهرة الصفوف منذ اليوم الأول من العملية حيث تابع الرئيس عبدالفتاح السيسى الموقف العام لتطورات الأحداث فى غزة من خلال مركز إدارة الأزمات الاستراتيجى ووجه بتكثيف الاتصالات المصرية لاحتواء الموقف ومنع المزيد من التصعيد بين الطرفين وحذرت مصر فى بيان للخارجية من مخاطر وخيمة للتصعيد الجارى فى أعقاب سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية على المدن الفلسطينية ودعت إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب تعريض المدنيين للمزيد من المخاطر وحذر من تداعيات خطيرة نتيجةً تصاعد حدة العنف الأمر الذى من شأنه أن يؤثر سلبا على جهود التهدئة ودعت مصر الأطراف الفاعلة دوليا المنخرطة فى دعم عملية السلام إلى التدخل الفورى لوقف التصعيد الجارى وحث إسرائيل على وقف الاعتداءات والاعمال الاستفزازية ضد الشعب الفلسطينى والالتزام بقواعد القانون الدولى الإنسانى فيما يتعلق بمسئولية الدولة القائمة بالاحتلال.

ونستطيع أن نؤكد من خلال الرصد الأمين لمواقف مصر أنها نجحت فى إرسال رسائل لمن يهمه الأمر بأن سيادتها ليست مستباحة وأمنها القومى أولوية مطلقة، ونستطيع أن نتوقف عند محطتين الأولى فى حضور الرئيس السيسى تفتيش حرب للفرقة الرابعة بالجيش الثالث الميدانى فى ٢٦ أكتوبر الماضى ومن هناك أكد على دور الجيش المصرى فى الحفاظ على الأمن القومى وحماية الحدود وتأمين مصالحها.

وفى المرة الثانية عندما نجحت فى عقد قمة القاهرة للسلام فى ٢١ أكتوبر الماضى نجحت مصر فى جمع أكثر من ثلاثين دولة ومنظمة دولية وسط تمثيل رفيع قادة رؤساء ووزراء خارجية حيث طرحت فيه مصر على لسان الرئيس مقاربة مصر ورؤيتها للأزمة والتى قامت على أربع ركائز أساسية خلال الشهرين الماضيين وهى كالتالى :

أولا : السعى إلى وقف إطلاق النار حيث قامت بالعديد من الاتصالات مع الجهات المختلفة وسط رفض إسرائيلى وذلك للسعى إلى إعادة الاعتبار للعسكرية الإسرائيلية ونظرية الأمن التى سقطت مع الساعات الأولى لعملية طوفان الأقصى والاختراق الفلسطينى من جماعات المقاومة إلى مستوطنات إسرائيلية فى غلاف غزة وكثافة إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية وفى مقدمتها العاصمة تل أبيب بالإضافة إلى العدد الضخم من القتلى والجرحى فى صفوف الجيش الإسرائيلى بصورة غير معهودة فى أى مواجهات سابقة بين الطرفين وكذلك الدعم غير المسبوق من دول الغرب وفى القلب منها أمريكا لإسرائيل والذى وصل إلى عمل جسر جوى لنقل المساعدات العسكرية ووصول حاملات طائرات وسفن أمريكية إلى البحر المتوسط ،وكان البديل المتاح والذى نجحت فيه مصر مع قطر واستحقت عليه إشادة دولية هى الوصول إلى هدنة إنسانية تم خلالها عملية تسليم أسرى ومحتجزين من الجانبين والتى تمت بنجاح.

ثانيا : ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة فمنذ اليوم الأول وفى ظل مطلب دولى بالسماح للرعايا الأجانب بالخروج من غزة عبر معبر رفح اشترطت القاهرة للموافقة سماح إسرائيل بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة كما أبقت معبر رفح مفتوحا ولم يتم إغلاقه والذى كشف عرقلة إسرائيل دخول المساعدات الانسانية اصاب القطاع بفرض إجراءات وشروط معوِّقة ومبررات واهية وهذا ما أكدته كل بيانات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإنسانية ونظمت لقيادات دولية رؤساء ورؤساء وزراء زيارات إلى المعبر ومنهم الأمين العام للأمم المتحدة بزيارة المعبر، ولعل من المهم ماكشف عنه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى عندما قال( إن أكثر من ثلثى المساعدات التى وصلت إلى قطاع غزة مصرية ).

ثالثا : الرفض المطلق لمقترحات من بعض الجهات بتهجير الفلسطينيين فى القطاع إلى سيناء بل أعلنت منذ الأيام الأولى من المواجهات ذلك الموقف وطرحت ذلك بقوة وحسم فى أول لقاء بين الرئيس السيسى ووزير الخارجية الأمريكى بلينكن فى الخامس عشر من أكتوبر الماضى حيث حرصت على إذاعة بشكل علنى جزء من المباحثات بين الجانبين.

كما تكرر الموقف فى مناسبات أخرى منها ما أعلنه الرئيس فى اجتماع مجلس الأمن القومى من أن فكرة التهجير القسرى لسيناء هو بمثابه خط أحمر لايمكن الاقتراب منه، وقالها صراحة وبحسم فى قمة القاهرة للسلام ( إن تصفية القضية الفلسطينية دون حل عادل لن تحدث وفى كل الأحوال لن تحدث أبدا على حساب مصر) وكان للقاهرة دورها الأبرز فى زيادة حجم الرفض الدولى فى تعديل الموقف الأمريكى والأوروبى والذى ظهر من خلال بيانات الجانبين واشنطن والاتحاد الأوروبى.

رابعا : إعادة إطلاق التسوية السياسية بناء على القرارات الدولية وحل الدولتين

ومصر طرف رئيسى فى أى ترتيبات لمرحلة مابعد هذه الجولة من الصراع بما تملكه من أوراق ضغط وخبرات باعتباره الدولة العربية الأولى التى نجحت فى التوصل إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل فى عام ١٩٧٩ ورغم صعوبة الأمر وحاجته إلى مزيد من الجهد والتواصل، ولكن المواقف العربية وفى القلب منها مصر ساهمت فى توجه العديد من دول العالم فى تبنى هذا التوجه باعتباره النهاية الصحيحة للقضية الفلسطينية وخلق حالة سلام واستقرار فى المنطقة.

وأخيرا كان من الطبيعى تلك الإشادات الدولية بالدور المصرى فى التعامل مع الأزمة كما جاء فى بيان قمة الرياض العربية الإسلامية وكذلك فى إدارة ملف تبادل الأسرى وكذلك فى أول ظهور لرئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية قام بتحية مصر وقال ( أحيى موقف الاشقاء فى مصر والذين يؤكدون أن مصر دولة شقيقة ساندت وتساند الشعب الفلسطينى ونتفق معها فى موقفها ضد تهجير الفلسطينيين من أرضنا ).
٣- من الشمال إلى الجنوب .. هل تنجح عملية (السيوف الحديدية )

على الرغم من اعتراف الجيش الإسرائيلى بأنه لم يحقق سوى ٤٠ بالمائة من أهداف عملية الاقتحام البرى فى شمال غزة حيث استولى خلالها على أجزاء من شمال القطاع الساحلى رغم الدمار الذى نتج عن هذا الهجوم ونزوح أكثر من مليون فلسطينى من مدنهم وقراهم مما احتاج إلى مزيد من الوقت ـ حسب تصريح المتحدث باسم الجيش ـ إلا أنه فى تحرك لم يفاجئ أحد قرر منذ الاحد الماضى توسيع نطاق العمليات متوجها الى جنوب القطاع حيث تتركز العمليات فى خان يونس وحدد الجيش الإسرائيلى مساحة ربع المدينة كأماكن مطلوب إخلاؤها.

أهداف إسرائيل من هذا التطور عديدة منها قتل قادة حماس الكبار يحيى السنوار ومحمد الضيف ومروان عيسى وتحقيق نصر عسكرى حاسم ضد كتائب حماس البالغ عددها ٢٤، وهناك قناعة لدى قادة عسكريين فى تل أبيب أن معظم قيادات حماس وأغلبية قدرتها الصاروخية ومقاتليها وأيضا أغلبية الاسرى فى الجنوب يضاف إلى ذلك الوصول الى شبكة الأنفاق وتدميرها وإنهاء اى قدرة لحماس على العودة لحكم غزة.

وتعتقد تل أبيب أن انتماء يحيى السنوار ومحمد الضيف إلى خان يونس يزيد من فرص وجودهما هناك أو على الأقل عقاب أهله، يضاف الى ذلك وجود توجه إسرائيلى لاحتلال مدن فى غزة منها جباليا شمالا عن طريق الوحدة ١٦٢ وحى الشجاعية شرقا عن طريق الوحدة ٣٦ فى ظل اعتقاد أنهما معقلان مهمان لحماس.

ويغامر نتنياهو وقادته العسكريون بدخول القوات الإسرائيلية فى حرب شوارع وهو ماقد يكبدها خسائر كبيرة خاصة بعد معلومات بتوجه عدد كبير من عناصر حماس من الشمال الى الجنوب خاصة بعد ان اعترف مسئولون أمنيون بأنه هناك تفوق نسبى لمقاتلى المقاومة نظرا لمعرفتهم بطبيعة ميدان المعركة وتضاريسها والإعداد الجيد للمواجهة.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة