الحقن المجهري وسيلة تحقيق حلم الإنجاب
الحقن المجهري وسيلة تحقيق حلم الإنجاب


أسعار وهمية لجذب الزبائن والتكلفة كاملة بعد الفحص

«حلم الإنجاب» يتبخر في مراكز «تخلط الأنساب»!

إيمان طعيمه

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2023 - 10:52 ص

الإنجاب حلم يسعى إليه كل من حُرم منه ويتمنى تحقيقه بشتى الطرق، وقد استطاعت تقنية الحقن المجهري مساعدة آلاف الأزواج ممن يعانون مشكلات إنجابية على استعادة حلم الإنجاب من جديد، فقد حققت نسب نجاح كبيرة جعلتها الأمل الوحيد أمام الكثيرين لتكوين أسرة صغيرة، لكن للأسف مع انتشار التقنية أصبح البعض يستغلها بشكل مختلف لتكون مجرد «سبوبة» لكسب مزيد من الأموال والإطاحة بآمال الأزواج.

في هذا التحقيق تناقش «آخرساعة» كل ما يخص هذا الموضوع، مستعينة ببعض التجارب الشخصية وآراء الخبراء المعنيين مع توضيح الحلول للحد من أساليب النصب على المواطنين.

◄ حكايات من الواقع.. «شعبان باع أرضه ونهى ضاع حلمها»

◄ نسبة النجاح لا تتعدى 45 % والمراكز الحكومية أكثر ضمانا

◄ تجميد البويضات بالإيجار والسعر فى زيادة سنوية

◄ حقن البلازما.. «فخ» في سن اليأس

◄ قصص واقعية
شعبان رجل بسيط من محافظة سوهاج يعمل موظفًا حكوميا وظل 19 عاما يحلم بأن تكون له ذرية تحمل اسمه، لكن لم يشأ القدر، فزوجته هى ابنه عمه وتعانى السمنة المفرطة التى يمكن أن يكون لها سبب فى تأخر الإنجاب.

قرر إجراء عملية الحقن المجهري لعلها تكون سببا فى سماع كلمة «بابا»، وبالفعل قام الزوجان بالتجربة وتكرارها ثلاث مرات، وفى كل مرة كانت تبوء بالفشل وكان يضطر لبيع جزء من أرضه والاقتراض من البنوك لتوفير مبلغ العمليات التى كانت تكلفتها تزيد فى كل محاولة عن الأخرى، فالأولى تكلفت 70 ألف جنيه، ثم 80 ألفًا حتى وصلت لـ100 ألف فى المرة الأخيرة، حينها فقد الأمل وقرر الزواج من امرأة أخرى، وبعدها رُزق بطفلة ولكن سرعان ما مرضت الزوجة وتوفيت وعاد شعبان لزوجته الأولى، وعاد حلم إنجاب الولد ليراوده مجددًا واضطر لإجراء عملية حقن مجهرى أخرى لكنها باءت بالفشل أيضا، وحاليا يعمل لسداد القروض ومحاولة توفير حياة كريمة لزوجته وابنته.

◄ بدون تشخيص!
أما نهى فرحلتها مختلفة، فبعد مرور سنة على زواجها بدون إنجاب، ذهبت للطبيب، وأخبرها بأنها تعانى ورمًا ليفيًا حجمه كبير يؤثر فى عمل المبيض وهو السبب تأخر الحمل، وأخبرها بضرورة إجراء عملية جراحية لإزالته، وبالفعل أجرت الجراحة وانتظرت حدوث الحمل لكنه لم يحدث.

قصدت العديد من المراكز الشهيرة وجميعها أقر بإمكانيــة الإنجاب من خلال عمليات الحقن المجهرى بدون تشخيص الحالة أولا، مــؤكدين ضـرورة البدء بتناول أدوية التنشيط لتكوين عدد من البويضات يمكن سـحبها لإجراء العملية.

وظلت نهى لمــدة عامــين تتنـاول أدوية التنشيط ويصل سعر الأمبول الواحد لـ700 جنيه، ولكن لم يتم إنتــاج بويضات، حتى ذهبت لطبيب آخر واكتشفت أنه تم استئصال أحد المبيضين أثناء إجراء عملية الورم الليفى وهى لم تعلم بذلك ولم يقم أحد المراكز بالفحص والتشخيص الجيد لاكتشافه، وهنا فقدت الأمل وقررت أن ترضى بما قسمه الله لها.

◄ أسعار حسب المزاج
تواصلت «آخــرساعة» مـع بعض المراكز المتخصصة فى عمليات الحقن المجهرى وأطفال الأنابيب، للتعرف على قائمة أسعار هذه العمليــات والتكلفـــة الـتى يتحملهــا المريض فى كل محاولة. أحد المراكز أكد أن تكلفة الحقن المجهرى تصل لـ ٢٧ألف جنيه شاملة تحليل وتجميد الحيوانات المنوية للزوج، وإجراء سونار رباعى الأبعاد بدلا من المنظار الرحمى الاستكشافى، مع تحاليل الهرمونات وتحاليل ما قبل العملية وعملية السحب والإرجاع، كما يمكن تجميد البويضات لدى الفتيات من سن 33 إلى 44 سنة، حيث تم الشفط بإبرة خارجية من المبيض تدخل عن طريق البطن، ويتم تنشيط التبويض ثم الشفط ثم التجميد والحفظ لسنوات طويلة فى تانكات المركز، وتتكلف عملية الشفط 14 ألف جنيه، بالإضافة لتكلفة التجميد التى تصل إلى 6 آلاف جنيه، وتحفظ بالمركز داخل تانكات مملوءة بالنيتروجين السائل فى درجة 195 تحت الصفر لحين إعادة استخدامها بعد الزواج، وتكلفة التجديد السنوى ١٥٠٠ جنيه، والتكلفة الكاملة تُحدّد بعد الفحص.

◄ اقرأ أيضًا | قانون «ميسيسيبي» يرغم طفلة أمريكية على الانجاب 

◄ الحمل بالتقسيط
وفي عيادات أخرى يوجد نظامان للدفع لعملية الحقن المجهرى، فى العرض الأول يكون السعر شاملا العملية فقط بعد الخصم 14 ألف جنيه، والثانى تقسيط بسعر 28 ألف جنيه على ثلاث دفعات، ويشمل العملية والعلاج والتحليل. وفى حالة الرغبة بتحديد نوع الجنين تصل تكلفة العملية إلى 42 ألف جنيه لفحص عدد 6 أجنة فقط، مع زيادة السعــر عــند فحص عـدد أكـبر من الأجنة.

فيما أكد أحد المراكز التى تشير لامتلاكها أعلى نسبة نجاح فى مصر والشرق الأوسط، أن عملية الحقن المجهرى تتكلف 36 ألف جنيه شاملة السحب والإرجاع، وفى حالة عدم نجاح العملية الأولى يتم إجراء عملية ثانية خلال 6 أشهر أو وفقاً لرأى الطبيب، وحينها قد يختلف السعر، مع التأكيد على أن تكلفة تحديد نوع الجنين تكون إضافية وتصل لـ 23 ألف جنيه تشمل 4 أجنة فقط، وفى حال تجميد 4 أجنة أو 5 بويضات يكون ذلك بإيجار سنوى 4000 جنيه، وتجميد 8 أجنة أو 10 بويضات بـ6000 جنيه، وهكذا حتى الوصول لتجميد 20 جنينًا أو 25 بويضة حيث يكون الإيجار بـ12 ألف جنيه سنويًا.

◄ فن الجذب
من جانبه، يقول الدكتور معتز جادو، استشارى أول أطفال أنابيب: للأسف رغم وجود مراكز متميزة تحقق نسبًا مرتفعة فى نجاح عمليات الحقن المركزى، فإنها ليست مشهورة وسط العديد من المراكز الوهمية غير المرخصة التى تعمل بطريقة الإعلانات الجاذبة بأسعار أقل لكسب الأموال فقط دون الاهتمام بالأمل الذى يبحث عنه الأزواج.

والمشكلة الحقيقيــة تكمــن في طريقــة التشخيص، فـقد أجرى إحصائية بسيطة بيـن المـرضى الذين يترددون على عيادته الخاصة باحـــثين عــن الإنجــاب، ووجــد أن حوالــى 35% منهم لم يكن لديهم مشكلة على الإطلاق تستدعى إجراء هذه العمليات، وكل ما يحتاجونه هو التشخيص السليم وتلقى العلاج الذى قد لا يخرج عن نطاق أشعة بالصبغة لكثير من السيدات اللواتى يعانين وجود مُخاط فى الأنابيب، وبمجرد مرور الصبغة بها وإزالة الانسداد يمكن لهن الحمل بصورة طبيعية.

ولكل للأسف تعمل بعض المراكز على استغلال ذلك دون البحث عن أساس المشكلة وقد يقوم البعض من منعدمى الضمير بتغيير نتائج التحاليل من أجل إيهام الزوجين بوجود مشكلة حقيقية تستدعى التدخل، فضلا عن أنه من أهم الشروط الأساسية لنجاح العملية ألا يتعدى سن السيدة 45 عامًا حتى يمكن تنشيط البويضات وإجراء الحقن، علما بأن الحالات التى تستدعى بالفعل إجراء عملية أطفال أنابيب أو حقن مجهرى هى التى يكون فيها الزوج يعانى عدم وجود حيوانات منوية أو الزوجة تعانى انسدادا تاما بالأنابيب، وهنا يجب أولا الفحص والتشخيص جيدا قبل الحقن، لكن ما يحدث مجرد وهم وتجارب فاشلة لكسب الأموال.

◄ تنشيط التبويض
ويوضح أن من طرق النصب الأخرى التى تستخدمها المراكز لإضافة مبالغ أخرى للتكلفة هو تحديد أيام التبويض التى يمكن سحب البويضات الأكثر قوة منها وترك الأمر للمريضة لاختيار اليوم سواء الثالث أو الرابع أو السادس وكل يوم له سعر، كل ذلك بعيدا عن تكلفة أمبولات التنشيط حيث يُطلب من المريض تناول 15 إلى 20 أمبولا شهريا بمتوسط تكلفة 500 جنيه للأمبول الواحد كتجربة أولية للحمل، ثم إعادتها ثانية للعملية والحصول على أكبر عدد من البويضات لاستخدام عدد منها لإجراء العملية والاحتفاظ بالمتبقى لسنوات عن طريق التجميد لاستخدامها فى محاولات أخرى، فضلا عن تكلفة الإيجار السنوى المتجدد، وحال تخطى السيدة عمر 45 سنة فإنها تحتاج لتناول 60 أمبولا للتنشيط، علما بأنها فى هذه السن يخلو المبيض من أى تبويض تماما، بالتالى الحقن يكون بلا هدف طبى، لكنه قد يكون بهدف تجارى للحصول على نسبة من ربح المبيعات.

◄ الحقن بالبلازما
ويحدث كل ذلك بخلاف بيع وهم آخر وهو الحقن بالبلازما للسيدات الأكبر سنا والمقبلات على فترة انقطاع الطمث، حيث يتم إقناعهن بأنه الحل السحرى لعودة المبيض للعمل بصورة طبيعية وإنتاج البويضات من جديد، وبالطبع يتم الإعلان عن أن نسبة نجاح العملية تتجاوز 90%، رغم أن نسب النجاح المعتمدة عالميًا لا تتخطى 45%، فإذا تم حساب كل ما سبق بشكل سريع فتصل تكلفة العملية لـ250 ألف جنيه!

◄ تفعيل القانون
وفى هذا الصدد، تؤكد الدكتورة راندا فخر الدين، استشارية النساء والتوليد ورئيسة الجمعية المصرية للتنمية الشاملة، أن السبب وراء انتشار إنشاء مراكز أطفال الأنابيب هو عدم وجود معايير ورقابة محددة لإنشائها، وأيضا بسبب عدم تفعيل قانون المساءلة الطبية، وما يترتب عليه من احتمالية وجود مراكز غير مؤهلة أو غير مطابقة للمواصفات الصحية مع زيادة حالات النصب على المواطنين خاصة البسطاء فى القرى والنجوع من الحالمين بالإنجاب.

وهناك كارثة أخرى فى مثل هذه المراكز وهى عدم وجود آلية تضمن تسجيل البويضات المجمدة أو الحيوانات المنوية بكل بيانات الأم والأب، مما قد يتسبب فى جرائم قد تحدث فى حق البشرية نتيجة لخلط الأنساب، لذا تطالب الدكتورة راندا بضرورة تفعيل قانون المساءلة الطبية لمحاسبة هذه المراكز وفقا لمعايير محددة ووضع خطة وآلية موحدة لتقديم العلاج، وتنصح المواطنين بعدم الانسياق وراء المغريات واللجوء للمراكز الحكومية المعتمدة التى توفرها الدولة فى العديد من المحافظات وبتكلفة أقل بنسبة 70% عن المراكز الأخرى وتكون الخدمة المقدمة بها مضمونة وعلى أيدى أساتذة مختصين.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة