صورة موضوعية
صورة موضوعية


«سطوة الغياب» قصة قصيرة للكاتب محمد محمود غدية

صفوت ناصف

الأربعاء، 13 ديسمبر 2023 - 08:00 م

عينيها النجلاوتين أكثر إلتماعا من مصابيح الشوارع الباهتة، السماء داكنة إلا من بضعة نجوم شحيحة تلمع في ضعف، استفردت بها الوحشة وداهمتها أنياب الوهن، تخاف الموت الذي بات وشيكا، منزلقا على جدران حجرتها، عاشت الحب ولم تكن تدرى له تفسير تعرف فقط أنه موجود وتعيشه ولم يعد موجودا، بعد أن تسلل هاربا من النوافذ والأبواب المشرعة، كانت صغيرة لا تدرى كيف جاء الحب ولماذا ذهب، الحب في حياة الرجل ومضة تأتى وتذهب، وعند المرأة جذور ثابتة وتاريخ تعيشه حتى بعد أن يذهب،

تتأمل الشرفة التي كان يعشقها والمطلة على البحر، تدرك أن ذلك البحر تشكل من دمعاتها، كان يحلو له التحديق في عينيها، كأنه يستكشف لقائهما للمرة الأولى، وكأن هذا العالم بدأ خلقه من هاتين العينين اللتين انطفئتا بعد رحيله، هي من شجعته بعد زواجهما على السفر، لاستكمال حصوله على الدكتوراه، سنوات تتبعها سنوات تباعدت فيها المراسلات وانقطع رنين الهاتف والمودات، تعيد قراءة ما كتبه في آخر مراسلاته  :

سأحملك في حقول دمى

 أينما ذهبت، ستكوني مسرتي وأكون نجمك الذي لا ينطفئ، انطفأت الأنجم والأقمار وكل الأشياء، لابد من فرد جناحيها والنهوض، مثل البجع في ثلج الفضاء العاصف، الحياة تستحق كل هذا الركض رغم أنها تذهلنا بمنطقها المدهش والمعاكس، تهدينا ما نحب في المكان والتوقيت الخطأ، تتأمل أنوثتها المعطوبة في المرآة، التي تمردت عليها و كادت أن تكسرها، كيف سمحت لنفسها ارتداء أثواب الحزن، وأن تمضغ الألم، عليها أن تنفض كل هذا الحزن، وترتدي أثواب البهجة، لابد من مواجهة جهامة الغياب، كأحد حقائق الوجود الباعثة على الدهشة.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

مشاركة