صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


طوفان الأقصى| خطوات وضغوط مصرية ودولية من أجل إنهاء العدوان على غـزة

آخر ساعة

الأربعاء، 20 ديسمبر 2023 - 09:31 ص

■ كتب: أحمد جمال

لعبت الدبلوماسية التى جاءت على رأس أدوات التحرك المصري منذ اندلاع عملية طوفان الأقصى وما أعقبها من عدوان إسرائيل على قطاع غزة دوراً مهماً فى حالة العزلة التى تعانيها دولة الاحتلال الإسرائيلي فى الوقت الحالى وهو ما ظهر من خلال المواقف القوية لأعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة الذين طالب أغلبهم بضرورة وقف إطلاق النار، وهو ما يكشف أيضَا عن حجم التنسيق الذى تقوم به مصر بالتعاون مع دول عربية وإسلامية أخرى تدفع باتجاه الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب العبثية.
 

◄ الأمم المتحدة تبقى هيئة مهمة للفلسطينيين لإعلان دولتهم مع استمرار الاحتلال

◄ المناخ العام الدولي يؤيد وقف إطلاق النار وإنقاذ الوضع الإنساني المتردي

أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤلفة من 193 عضوا قرارا يدعو إلى وقف إطلاق النار، إذ صوتت 153 دولة منها لصالحه وامتنعت 23 دولة فقط عن التصويت إلى جانب رفض عشرة أعضاء بينهم الولايات المتحدة وإسرائيل، وجاءت الجلسة الاستثنائية بناء على طلب من مصر التى ترأس المجموعة العربية فى الأمم المتحدة هذا الشهر وموريتانيا ممثلة عن منظمة الدول الإسلامية بعدما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد تحرك مماثل فى مجلس الأمن خلال الأسبوع الماضى.

ولا يمكن إغفال الدور المهم للمقاومة الفلسطينية التى نجحت فى إفشال الأهداف المعلنة لإسرائيل من الحرب والتى تمثلت فى إطلاق سراح جميع الرهائن والقضاء على حركة حماس، غير أن الجهود الدبلوماسية فى المقابل لعبت دوراً مهماً فى عدم الانسياق لمساعى إسرائيل لتوسيع دائرة الصراع وتهرب رئيس وزرائها المتطرف بنيامين نتنياهو من الإفلات من العقاب بعد أحداث السابع من أكتوبر، فى وقت تصدت فيه مصر بقوة لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية من خلال تهجير أهالى قطاع غزة فى سيناء.

◄ الموقف المصري
وبنت الدبلوماسية المصرية تحركاتها على أسس واضحة منذ بداية الحرب قامت على ضرورة إنهاء العمليات الإجرامية من جانب الاحتلال فى القطاع وعدم السماح بتهجير أهاليه إلى سيناء ودخلت فى مشاورات دبلوماسية هدفت لضمان استمرار دخول المساعدات الإنسانية بما فيها الوقود، وعمدت إلى إقناع دوائر غربية بضرورة تغيير موقفها من العدوان الإسرائيلي على غزة وعبر استضافة «قمة القاهرة» إلى جانب استقبال وفود الدول الأوروبية والغربية لمحاولة شرح صورة مغايرة عن التى ترسمها إسرائيل بشأن ما يحدث فى قطاع غزة.

وتضع الدبلوماسية المصرية فى حساباتها مساعى أطراف عديدة بالإقليم لإشعال الصراع فى المنطقة بأكملها بما يسمح بإعادة التموضع الأمريكى مع حشد قدراتها العسكرية البرية والبحرية والجوية إلى المنطقة، والالتفات إلى ما يجرى التخطيط له بشكل أكبر لدول المنطقة التى تقف على أرجلها بعد أكثر من عقد على اندلاع مظاهرات فى عواصم عربية عديدة أفضت للإطاحة ببعض الأنظمة ونشوب صراعات أهلية وسياسية مازالت مستمرة حتى الآن.

وعبرت التصريحات التى خرجت على لسان وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، إيلى كوهين ، وتحدث فيها عن أن «بلاده ستواصل حربها ضد حماس بوجود دعم دولى أو بدون وجوده» عن إدراك إسرائيل بمدى تضييق الخناق عليها، ورغم أن الموقف الأمريكى يظل داعما لكافة جرائمها غير أن وجود تغير ولو رمزى فى خطاب الرئيس جو بايدن قد يشى بأن صبر الولايات المتحدة قد ينفد بعد أن قدمت لإسرائيل كل أوجه الدعم، وذلك بتأكيده على «أن القصف «العشوائى للمدنيين ينال من الدعم الدول».

◄ دلالات التصويت
وكان التصويت الأخير فى الأمم المتحدة شاهداً على تغييرات سياسية مهمة إذ وافقت أستراليا على وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية بعد أن ارتبطت مواقفها بالولايات المتحدة الأمريكية ويعد ذلك اختلافا نادرا مع حليفتها الوثيقة.

وأصدرت كندا وأستراليا ونيوزيلندا بيانا مشتركا، يدعم وقف إطلاق النار. والدول الثلاث تشكل إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا تحالفا مخابراتيا يعرف باسم العيون الخمس، كما رفضت الجمعية العامة تعديلاً أمريكياً مقترحاً على مشروع القرار يطالب بإدانة ما سمته واشنطن «الاعتداءات» التى ارتكبتها حركة حماس فى إسرائيل، اعتبارا من السابع من أكتوبر الماضى، وأخذ الأسرى.

وطالب قرار الأمم المتحدة بالإفراج الفورى وغير المشروط عن جميع الأسرى، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، ويشير إلى رسالة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إلى مجلس الأمن بموجب المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، والتى دعا فيها إلى التعامل مع الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية، باعتبارها تهديدا للسلم والأمن الدوليين.

وأكدت الأمم المتحدة على لسان أمينها العام، أن الدمار والتخريب والموت التى خلفتها الحرب التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة، لم يسبق لها مثيل ولا يمكن تحملها، فيما طالبت بريطانيا وعشرات الدول إسرائيل باتخاذ خطوات ملموسة للحد من عنف المستوطنين فى الضفة الغربية.

وأوضح «جوتيريش»، فى التقرير الذى قدمه إلى مجلس الأمن الدولى، أن حجم الحملة العسكرية لقوات الاحتلال والموت والدمار الذى خلفته فى غزة لا يمكن تحمله، على حد تعبيره، وأدان قتل المدنيين والنساء والأطفال، وصولًا إلى استهداف أشخاص محميين بحكم قواعد الحرب، مثل الصحفيين والعاملين فى المجالات الإنسانية.

■ السفير علي الحنفي

◄ نتائج إيجابية
وقال السفير علي الحنفي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إنه على الرغم من تشكيك الكثيرين فى دور المنظمة الدولية «الأمم المتحدة» والتى شاركت مصر فى تأسيسها وصياغة الوثائق الخاصة بها ووضع أهدافها ومبادئها لكنه لابد من الحفاظ عليها وحمايتها من محاولات البطش بالمنظومة الأممية بأكملها لأنه يمكن من خلال الاستماع لأصوات جميع دول العالم وبصرف النظر عن مجلس الأمن وأعضائه الدائمين الذين يعرقلون أى مساعٍ لحل الصراعات الدولية، إلا أن الأمم المتحدة تبقى هيئة مهمة للفلسطينيين من أجل إعلان دولتهم مع استمرار الاحتلال.

وأضاف أن موافقة 153 دولة على وقف إطلاق النار الإنسانى فى غزة يشكل ضغطاً على إسرائيل التى تتجاهل كافة القوانين والمواثيق الدولية وهو ما يدفع مصر للتحرك فى إطار العديد من التجمعات الدولية التى تشير إلى وجود تنسيق على مستوى أكبر بين العديد من الدول مثلاً على المستوى العربى والإسلامى، ورغم التشكيك المستمر أيضَا فى تلك الجهود وعدم قدرتها على إحداث تغيير واضح على الأرض لكنها تبقى أدوات مهمة لابد من استخدامها فى حرب دبلوماسية بحاجة إلى نفس طويل للتعامل مع الاحتلال الإسرائيلى.

وشدد على أن الجهود الدبلوماسية مكنت مصر من وأد رغبة إسرائيل فى تهجير أهالى قطاع غزة إلى سيناء، وقد تدفع باتجاه عدول الاحتلال الإسرائيلى عن مواقفه المتشددة الحالية ورجوعه إلى رشده وإن كان ذلك مستبعداً فى ظل التصعيد العملياتى على الأرض، مشدداً على أن ترؤس مصر للمجموعة العربية فى الأمم المتحدة يتيح لها التنسيق مع الأطراف العربية للوقوف كحائط صد أمام حالة الصمت الدولى على ما ترتكبه إسرائيل من جرائم يومية فى غزة.

ولفت إلى أن وجود أدوات دبلوماسية يحتم مسألة استخدامها بشكل إيجابى وتوظيفها بشكل يقود لتحقيق نتائج إيجابية، وأن القاهرة خلال الفترة الماضية لم تتوقف مساعيها لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات وإحداث انفراجة فى ملف الأسرى والمحبوسين فى سجون الاحتلال، وفى نهاية الأمر تخدم التحركات مستقبل القضية الفلسطينية مع ضرورة أن يكون الحل السياسى ملبياً لاحتياجات الفلسطينيين أنفسهم وأن يكون لديهم قولهم الفصل بشأن مستقبلهم.

■ السفير صلاح حليمة

◄ دولية وشعبية
وأكد السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية السابق، أن التحرك عبر مسار الأمم المتحدة يحمل أهميته من كونه يمثل الرأى العام الدولى والشعبى لأنه يمثل إرادة دولية وشعبية كذلك باعتبارها هيئة تشريعية لكن ذات قرار سياسى ورغم عدم إلزام قرارها الأخير إلا أن الموقف الرافض لاستمرار الحرب يدفع نحو إثارة القضية بمجلس الأمن مرة أخرى، ويبرهن على أن هناك إرهابا ترتكبه دولة إسرائيل لابد من محاربته لوقف العدوان على غزة، كما أن العالم أضحى على قناعة أكبر بأن ما تمارسه إسرائيل ليس دفاعاً عن نفسها ولكنها سلطة محتلة تمارس بطشها ضد المدنيين الأبرياء.

وأشار إلى أن المناخ العام الدولى يتجه نحو تأييد وقف إطلاق النار بشكل فورى واتخاذ الإجراءات الخاصة بإنقاذ الوضع الإنسانى المتردى والإفراج عن الرهائن والوصول إلى حلول للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، موضحاً أن الأيام الحالية تشهد على مساعٍ للوصول إلى هدنة إنسانية جديدة لكن حماس ستكون متشددة هذه المرة لأنها لن يكون بيدها أى وسائل ضغط بعد تسليم ما لديها من رهائن لتبدأ العمليات العسكرية من جديد وقد تكون على نحو أكثر تصعيداً مما سبق.

◄ الهدف الرئيسي
وشدد على أن الهدن الإنسانية ليست حلاً إيجابيا يمكن الاعتماد عليه لوقف الحرب فى غزة، وأن الهدف الرئيسى والذى تسعى إليه مصر فى المقام الأول يتمثل فى وقف إطلاق النار والدخول فى معالجة سياسية شاملة وإعادة بناء وإعمار قطاع غزة، وهو ما يشكل موقفًا سابقًا من القمة الدولية التى استضافتها القاهرة مع بداية الحرب ثم القمة العربية الإسلامية فى جدة، مشيراً إلى أن استمرار العمليات العسكرية بهذا الشكل يشكل تهديداً للأمن والاستقرار فى المنطقة وهو ما يفتح الباب لدخول أطراف أخرى مازالت فى موضع تهديد إذا تعرضت مصالحها لتهديد مباشر فى البحر الأحمر.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة