فلسطينية من مزدوجى الجنسية لحظة وصولها معبر رفح بالجانب المصرى
فلسطينية من مزدوجى الجنسية لحظة وصولها معبر رفح بالجانب المصرى


24 ساعة على حدود غزة| «آخر ساعة» تلتقى المصابين الفلسطينيين في مصر

محمد مخلوف

الأربعاء، 27 ديسمبر 2023 - 09:40 م

لم تدخر مصر جهدًا في سبيل دعم ومؤازرة الفلسطينيين منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، ففي موازة تحركاتها الدبلوماسية لوقف إطلاق النار ونزيف الدم، فرضت القاهرة كلمتها بوصول المساعدات إلى سكان القطاع، وفتحت مستشفياتها لعلاج المصابين منهم.

◄ المستشار أيمن ولاش: 70 % من إجمالى المساعدات قدمتها مصر

◄ عودة الحياة الطبيعية إلى شمال سيناء والتنمية خير دليل

وقبل أيام رافقت «آخرساعة» وفداً إعلاميًا من الصحفيين والمراسلين الأجانب، لعدد من كبرى المواقع والقنوات ووكالات الأنباء الدولية، فى زيارة نسقها المركز الصحفى للمراسلين الأجانب بالهيئة العامة للاستعلامات، إلى شمال سيناء لرصد الأوضاع بشأن وصول وتوصيل المساعدات للأشقاء الفلسطينيين واستقبال المصابين وخدمات الرعاية الطبية على أرض الواقع. الزيارة استغرقت نحو 24 ساعة، وشملت ثلاثة أماكن: مطار العريش، ومعبر رفح البري، ومستشفى العريش العام.

في الخامسة فجرًا، بدأ تحركنا من القاهرة باتجاه شمال سيناء، وفى تمام الساعة 11:30 صباحاً، وصلنا إلى مطار العريش، وانتظرنا لدقائق حتى انتهاء هبوط إحدى طائرات المساعدات، بعدها نزلنا لتصوير طائرات الشحن، التي تصل للمطار وتنقل مساعدات ومواد إغاثية حيث يتسلمها الهلال الأحمر المصري، ويقوم متطوعون بتفريغها وإعادة نقلها وتجهيزها على شاحنات تتحرك تباعاً من العريش إلى معبر رفح فى طريقها لغزة، وكل طائرة يأتى على متنها فريق يضم سفير الدولة التى أرسلت المساعدات.

◄ المساعدات
اقتربت من أحد الجنود المعلومين الذى يبذل جهداً كبيرًا وهو المسئول عن التنسيق ومرافقة مختلف الوفود الإعلامية الدولية فى زياراتهم لشمال سيناء، ليقدم لهم كافة المعلومات والتسهيلات المطلوبة لينقلوا ما يحدث من أرض الواقع، وهو مدير المركز الصحفى للمراسلين الأجانب، المستشار أيمن ولاش، سألته عن طبيعة العمل فى المطار وعملية استقبال المساعدات وخط سيرها، فقال «إن شحنات المساعدات التى تصل لمطار العريش تنقل لقطاع غزة بمعرفة الهلال الأحمر المصرى، وتصل وفق الإجراءات المتبعة لمعبر رفح وتتخذ مسارها المصرح به حتى تصل لغزة ويتسلمها الهلال الأحمر الفلسطينى والأونروا وتوزع على أهالى غزة».

وأوضح: «بدأ استقبال الطائرات الناقلة للمساعدات بمطار العريش فى 12 أكتوبر الماضى، بعدما أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، تخصيص المطار لاستقبال المساعدات من مختلف دول العالم، ووصلت طائرات من العديد من الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية، لكن يظل أكبر حجم للمساعدات جرى تقديمه من مصر، التى قدمت نحو 70% من إجمالى المساعدات، وذلك من خلال جسر قوافل التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى متمثلاً فى صندوق تحيا مصر ومؤسسة حياة كريمة ومنظمات المجتمع المدنى».

◄ اقرأ أيضًا | «الصحة العالمية»: آلة الحرب الإسرائيلية لا تفرق بين أحد

◄ علم مصر
فى تمام الساعة الواحدة ظهراً، تحركنا إلى معبر رفح البرى، ووصلنا بعد نحو ساعة، وجدنا اصطفافًا لسيارات الإسعاف، وسط تواجد أمنى، وانتشار لعدد من متطوعى الهلال الأحمر المصرى، والشاحنات المحملة بالمساعدات تدخل من المعبر، وأخرى تخرج عقب تفريغ حمولتها وتسليمها للهلال الأحمر الفلسطينى الذى يتولى توزيعها فى القطاع، فضلاً عن استمرار استقبال ووصول عدد من مزدوجى الجنسية وحاملى الجنسية المصرية.

◄ زيارة المصابين
بعد نحو ساعة ونصف، فى حدود الثالثة والنصف مساء، تحركنا إلى مستشفى العريش العام، لزيارة عدد من المصابين الفلسطينيين ومزدوجى الجنسية، بعد ساعة تقريباً فى الرابعة والنصف، وصلنا للمستشفى، كان فى استقبالنا مديرها الدكتور أحمد منصور، الذى أكد لنا تقديم كافة أوجه الرعاية الصحية للمصابين، وأن المستشفى بها طاقة استيعابية تبلغ 221 سريراً وبها رعاية مركزة  تشمل 35 سريراً وأربعة للأطفال وبها كافة الأجهزة المتقدمة مثل الرنين والقسطرة والرنين المغناطيسى بالإضافة لطاقم متكامل من الأطباء فى تخصصات مختلفة. 

◄ حركة طبيعية
«مواعيد الزيارة انتهت، أرجوكم نترك المرضى ليستريحوا»، هذا ما قاله لنا مدير المستشفى فى الساعة السادسة مساءً، بعدما انتهينا من الزيارة والتقينا المرضى، فغادرنا المستشفى، وتحركنا عائدين للقاهرة، فى السادسة والنصف مساء، رغم عودتنا ليلاً وتحركنا على الطرق السريعة، لم نشعر بأى خوف، بل بالعكس كنا نريد أن نواصل المبيت فى سيناء، حيث كانت حركة أهالينا من أبناء سيناء طبيعية ومتواجدون في الشوارع والأطفال يلعبون والمحلات التجارية تواصل عملها، والسيارات منتشرة على الطرق، عكس الحال الذى كان عندما زرتها فى السنوات السابقة عقب 2013، حيث كانت المحلات تغلق أبوابها قبل المغرب والكل يلتزم منزله والطرق تبدو خا لية من السيارات والمواطنين، فحمدت الله على نعمة الأمن والأمان والحياة التى عادت لطبيعتها فوق أرض الفيروز.

غلبنى النوم، حتى فوجئت بأحد الزملاء يوقظنى قائلاً: «حمد الله على السلامة»، نظرت فى الساعة وجدتها 12:30 صباح اليوم التالى.


◄ الطفلة ديالا: فقدت 70 شخصا من أقاربي

رغم سيطرة الخوف والفزع على ملامحها، إلا أنها كانت تحاول إخفاء ذلك وإظهار تماسكها وقوتها بضحكة رضا وسلام وتسليم، وذلك عندما تحدثنا معها، حيث تقول ديالا البالغة من العمر 16عاماً، وتحمل الجنسية المصرية: كانت حياتنا طبيعية وكنا نلعب فى منزلنا قبل الحرب حتى فوجئنا بما حدث ومن يومها ونحن أموات على قيد الحياة، حيث قصف الكيان الصهيونى منزلنا منذ يوم 20 أكتوبر، ومنذ شهرين تقريباً لا نجد مأوى، وكل يوم ننتظر انتهاء الحرب، ونقول غدًا ستنتهى ولا تنتهى، بل تزداد سوءًا، حياتنا العائلية تدمرت فقدنا أكثر من 70 شخصا من أقاربنا من عائلتنا ومن أصدقائي، لا يوجد طعام ولا شراب، يتم تجهيز الخبز فى الشوارع بجوار القمامة وجثث الشهداء تملأ الشوارع، كيس الدقيق الصغير وصل سعره 150دولارا، وإسرائيل تكذب دائماً وعندما تناشدنا بالتحرك لشوارع معينة تقول إنها آمنة عندما يتجمع فيها السكان تقوم بقصفهم وقتلهم، عمليات القصف كل ثانية ولم تتوقف، ويضغطون لتهجير السكان من غزة لمصر لكن الشعب الفلسطينى يرفض ترك أرضه للاحتلال.


◄ سائق شاحنة مساعدات: الإجراءات فى 3 أيام فقط والتأخير من إسرائيل

التقينا فى معبر رفح سائق إحدى شاحنات المساعدات بعد الانتهاء من تفريغ حمولته، يدعى أحمد فتحى، من أبناء محافظة الدقهلية، قال: حمولتى كانت مواد غذائية متنوعة، قمت بتحميلها من مطار العريش من إحدى طائرات المساعدات، وبعدها توجهت إلى معبر رفح البرى، وخرجت منه إلى معبر كرم أبو سالم ، حيث يجرى تفتيش الشاحنات من قبل إسرائيل وتسليمها للهلال الأحمر الفلسطينى الذى يتولى إدخالها إلى قطاع غزة، هذه الإجراءات تمت معى فى 3 أيام فقط، والجهات المصرية تقدم كل التسهيلات بشكل عاجل وسريع، وأى تأخير وتعنت فى توصيل ودخول المساعدات يكون من الجانب الإسرائيلى، ولا أخشى من احتمال حدوث القصف الإسرائيلى خلال إدخال المساعدات، فإما ندخل المساعدات أو نستشهد مثل أشقائنا الفلسطينيين.


◄ فلسطينى يحمل الجنسية المصرية: الأمن والأمان أهم من الأكل والشرب

يحمل أحد أبنائه على ذراعه، ويمسك باليد الأخرى ابنته، ويجرى مسرعاً فور وصوله البوابة المصرية من معبر رفح البرى، وتجرى خلفه زوجته وهى تسحب حقائب السفر، اقتربت منه سألته عن اسمه وما الذى يجعله يسرع الخطى، فرد: رامى مدحت، تجاوزت الخمسين عاماً، الحمد لله أننى وصلت إلى هنا أرض الأمان والله الأمن والوطن اللى فيه جيش يحميه أهم من الأكل والشرب، وصلت هنا لأننى فلسطينى أحمل الجنسية المصرية، ضاعت كل أملاكى وثروتى التى كنت أملكها وكونتها فى غزة حتى بيتى تحطم، وعدت كما خرجت بشنط ملابسى، الحمد لله أننى وأسرتى نجونا من الموت، إسرائيل تقصف المدنيين الذين لا ذنب لهم، دمرت كل شىء، المشاهد صعبة ومؤلمة والجثث والأشلاء متناثرة فى كل مكان، أدعو العالم إلى إنقاذ فلسطين وأهلها من جيش الاحتلال الدموى الذى يبنى بطولاته الزائفة على جثث النساء والأطفال، أكبر داعم حقيقى للفلسطينيين مصر والرئيس السيسى، نشكره لكن لابد من وقوف العالم معه لوقف إطلاق النار، وهذا مطلبنا الذى يعد أهم من الطعام والماء، استأجرنا قاعة أفراح لنجد مكانا نختبئ وننام فيه، كنا نحو 300 رجل وسيدة ومعنا عدد كبير من الأطفال.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة