إسرائيل حولت غزة إلى خراب
إسرائيل حولت غزة إلى خراب


غزة فريسة لـ«أطماع واشنطن»| استراتيجية الحرب واحدة من أوكرانيا إلى فلسطين

آخر ساعة

الأربعاء، 27 ديسمبر 2023 - 10:44 م

◄ كتبت: دينا توفيق

معاناة إنسانية.. قسوة ووحشية.. حالة من الفزع والرعب يعيشها الفلسطينيون مع استمرار ارتكاب الكيان الصهيونى جرائمه وعمليات الإبادة. أثمان باهظة يدفعها أهل قطاع غزة وأرواح تزهق ويظل آخرون تحت وطأة الحصار، يستيقظون على دوى المدافع والتفجيرات وصراخ النساء والأطفال.. الموت يحيط بهم من كل اتجاه وتزداد الأوضاع سوءًا مع استمرار الولايات المتحدة وحلفائها فى دعم إسرائيل مثلما فعلوا فى أوكرانيا لا يعبأون بما يحدث للمدنيين.. تمضى واشنطن فى مخططها على جثث الأبرياء.

◄ ممر اقتصادي يمتد من الهند إلى أوروبا وراء مجزرة إسرائيل فى غزة

◄ مخاوف أمريكية من فقدان هيمنتها فى الشرق الأوسط أمام الصين وروسيا

◄ تهدف الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية لتوسيع نطاق الحرب في الشرق الأوسط

الوضع برمته يعجز الكلام عن وصفه حتى وإن تعالت الصرخات لن تخمد النار التى حرقت هؤلاء وعاش فى جحيمها نساء وأطفال وشيوخ؛ ليس هناك أصعب من فقدان الأهل وانتهاك وطن.

مثلما تواصل الإدارة الأمريكية دعمها للرئيس الأوكراني «فلاديمير زيلينسكي»، الذى تمت دعوته من الرئيس الأمريكى «جو بايدن» إلى واشنطن للضغط على الكونجرس للموافقة على مشروع قانون الإنفاق الذى يتضمن 50 مليار دولار أخرى من المساعدات العسكرية لأوكرانيا.

فيما تمنح الولايات المتحدة إسرائيل مساعدات عسكرية بقيمة 3٫8 مليارات دولار سنويًا، لكن إدارة بايدن طلبت من الكونجرس الموافقة على تقديم مساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل بقيمة 14 مليار دولار.

ووفقًا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، وافق مجلس الشيوخ على قانون دفاع بقيمة 886 مليار دولار، تضاف إليه نفقات عسكرية أخرى، ليصل الإجمالى إلى نحو نصف الإنفاق العسكري العالمي. 

◄ المطلوب تحقيقه!
وتواصل الولايات المتحدة دعم إسرائيل فى الحرب فى غزة بينما تواصل تأجيج الحرب فى أوكرانيا بشكل مباشر ومن خلال الناتو. تتضمن خطة قادة إسرائيل ترحيل سكان غزة وإلغاء غزة كأرض فلسطينية، ثم القيام بنفس الشيء مع الضفة الغربية. وتهدف الاستراتيجية الأمريكية، الإسرائيلية، إلى توسيع نطاق الحرب فى منطقة الشرق الأوسط، حيث تفقد الولايات المتحدة موقعها المهيمن فى مواجهة تقدم المشاريع السياسية والاقتصادية للصين وروسيا، بما فى ذلك التوسيع المرتقب لدولها البريكس؛ ومن أجل دعم استراتيجية الحرب هذه، تواصل الولايات المتحدة زيادة إنفاقها العسكرى الهائل.

وتسعى واشنطن ومعها الكيان الصهيونى فى احتلال المنطقة، من أجل خنق طريق الحرير الجديد، ونهب النفط السورى، وإبقاء الغاز الروسى والإيرانى والعربى معزولاً عن السوق العالمية.

قبل أسبوعين من عملية طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر، ذهب رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ورفع خريطة، وأعلن خطته لـ»الشرق الأوسط الجديد»- ممر اقتصادى يمتد من الهند إلى أوروبا.

ويرى الصحفى البريطاني «ريتشارد ميدهيرست» أن هذا أحد الأسباب الجيوسياسية الرئيسية وراء مجزرة إسرائيل فى غزة.

إن الولايات المتحدة، الداعم الرئيسى لإسرائيل، فى حاجة إلى إيجاد وسيلة لمحاولة احتواء مجموعة البريكس، وبشكل أكثر تحديداً، لمواجهة طريق الحرير الجديد الصيني؛ لذا فإن بناء ممر منافس من شأنه أن يضرب عصفورين بحجر واحد؛ من ناحية احتواء الصين وإيران وسوريا، ومن ناحية أخرى مساعدة واشنطن وتل أبيب فى الحفاظ على الهيمنة الاقتصادية والسياسية ضد عالم متعدد الأقطاب. ويوضح ميدهيرست قائلًا إن هذا العام كان عاماً صعباً بالنسبة لواشنطن وتل أبيب حيث فشلت العقوبات المفروضة على روسيا فشلًا ذريعًا. بالإضافة إلى عودة العلاقات بين بعض دول المنطقة مع إيران وبدء إجراء محادثات مع اليمن، وهى الدول التى حاولت الولايات المتحدة عزلها لسنوات.

فيما تقدمت عدة دول بطلبات للانضمام إلى مجموعة البريكس، وهى مجموعة العمالقة الاقتصاديين الناشئين، مع تضاعف عضويتها من 5 إلى 11 عضوًا، لتشمل إيران. ولم يفشل الغرب فى عزل هذه البلدان فحسب، بل إن طريق الحرير الجديد نجح الآن فى توسيع بنيته التحتية للسكك الحديدية وتمكن من الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط عبر ميناء اللاذقية فى سوريا. وعلى الرغم من أهمية هذه التطورات، إلا أنها مجرد جانب واحد، ثم تأتى الطاقة.

◄ اقرأ أيضًا | البيت الأبيض: واشنطن ستقدم مساعدة لأوكرانيا بقيمة 20 مليون دولار

◄ السيناريو!
وحسب ما ذكره الصحفى البريطانى، عندما حرضت الولايات المتحدة على الثورة البرتقالية فى أوكرانيا، لم يكن الأمر يتعلق فقط بتوسيع حلف شمال الأطلسى وتطويق روسيا، بل كان الأمر يتعلق أيضًا بمحاصرة الغاز الروسى عن أوروبا والسيطرة عليه وقطعه؛ روسيا هى الدولة التي تمتلك أكبر احتياطى مؤكد من الغاز الطبيعى، لذا خططت واشنطن للسيطرة على أوكرانيا، ومن ثم السيطرة على خطوط الأنابيب التى تزود أوروبا بالغاز الروسي.

وقد أدى تفجير نورد ستريم 2 عام 2022، بالإضافة إلى العقوبات التى تحظر النفط والغاز الروسى، إلى ضمان عدم تدفق المزيد من الغاز الروسى إلى أوروبا. وبهذه الطريقة، حققت الولايات المتحدة هدفًا طويل الأمد للسياسة الخارجية وهو إبقاء الروس فى الخارج والألمان فى الأسفل.

◄ اللحظات الأخيرة
ومع فرض واشنطن العقوبات على إيران، وانتهكت الاتفاق النووى الإيرانى عام 2015، أدى هذا إلى منع إيران من بيع النفط والغاز إلى أوروبا. والآن مع خروج روسيا وإيران من الصورة، تقترح إسرائيل نفسها فجأة كحل لنقص الغاز فى الاتحاد الأوروبى، وتوقع صفقة غاز مع أوروبا فى يونيو 2022. وجدت دراسة جيولوجية أجريت عام 2010 عن وجود حقل غاز ضخم فى الشرق الأوسط، وهو حقل «ليفياثان»، الواقع شرق البحر المتوسط، قبالة سواحل فلسطين ولبنان وسوريا.

واليوم، تسيطر الولايات المتحدة، التى عملت أيضًا على إلحاق الضرر بسوريا، على جميع حقول النفط السورية، وقصف الكيان الصهيوني ميناء اللاذقية الأكثر أهمية فى سوريا عدة مرات. تم كل ذلك لقطع عائدات النفط وشل النشاط البحرى، بما فى ذلك التنقيب عن الغاز.

والآن، مع توقف جميع الموانئ اللبنانية والسورية والفلسطينية عن العمل، فإن الميناء العامل الوحيد المتبقى على الساحل هو ميناء حيفا الذى يسيطر عليه الكيان الصهيونى. وهذا ما يجعل إسرائيل الوحيدة القادرة على استخراج الغاز وتنفيذ الممر الاقتصادى؛ بعد أن قضت إسرائيل والولايات المتحدة على كل المنافسين وسرقت بضائعهم، وحاصرت السوق.

وهذا ما يفسر جرائم إسرائيل فى حق الفلسطينيين بهذه الطريقة الهستيرية؛ المستوى الحالى من العنف يتجاوز أى شيء رأيناه من قبل. تحاول إسرائيل قتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين فى غزة وإخافة الباقين لدفعهم إلى ترك منازلهم. هناك آثار اقتصادية وجيوسياسية ضخمة وراء الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل والولايات المتحدة فى غزة. إنها لحظة حاسمة - ليس فقط بالنسبة لفلسطين - لأن المنتصرين سوف يرسمون الخريطة الجديدة للعالم المقبل.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة