آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

أنفاق.. وشعب أعزل

آمال عثمان

الجمعة، 29 ديسمبر 2023 - 07:02 م

لم يكن أحد يتصور أن شعباً أعزل محاصرًا، لا يملك سوى الصمود والصبر، وجنود مقاومة بواسل، ليس لديهم سوى أنفاق ومعدات حرب محلية الصنع، يمكن أن يواجهوا آلاف الدبابات والقنابل والصواريخ، ويُرهِبوا ما يصفونه بأقوى رابع جيوش العالم، ويبثوا فى أوصال جنوده الرعب، ولولا «الحفاضات» التى يرتدونها لصارت فضائح هؤلاء الأشاوس بجلاجل!!

صحيح أن نزيف الدم الفلسطينى لم تشهد البشرية مثله، لكن الخبراء العسكريين والاستراتيجيين يجمعون على أن الكيان الإسرائيلى لم ينجح فى تحقيق هدف استراتيجى واحد، بل إنه متجه نحو الهزيمة، وفى المقابل يخسر تأييد الرأى العام الدولي، بسبب ما يرتكبه من فظائع ومجازر وتدمير، وسيضطر فى النهاية للتوقف، ويعترف العالم به كدولة منبوذة، منخرطة فى الإبادة الجماعية، يحاكم قادتها على جرائم حرب، لا تختلف عن جرائم النازيين، ولا فرق بينها وبين الصرب أو رواندا.  

واستكمالاً لما ذكرته من إيجابيات لتلك الحرب الوحشية فى مقالى السابق، وما تكبده الكيان الصهيونى من خسائر استراتيجية وسياسية، فإن الصراع تحول لأول مرة إلى مواجهة ندّية، لا يملك فيها العدو الصهيونى التفوق المطلق، ولن يخرج من هذه الحرب كما كان قبلها، كما لن تعود منطقة غلاف غزة بنفس الرغبة للحياة لمن هاجروا منها، ولن تعود إسرائيل بنفس الجاذبية للمستوطنين القادمين من الخارج، بل سوف تزداد الهجرة العكسية خارجها، ناهيك عن الأزمة «الديموغرافية» التى يعانى منها الكيان الصهيونى أصلاً، حيث إن تعداد الفلسطينيين اليوم أكثر من اليهود فى داخل فلسطين التاريخية.

كما أن تل أبيب لن تكون مثلما كانت بالنسبة للمستثمرين، ولن تصبح مركزاً عالمياً لتكنولوجيا المعلومات والسيليكون مثلما كان حلمها، وذلك بعد استدعاء الموظفين فى هذه الشركات للخدمة فى الجيش للمرة الثانية خلال عامين، ولن يعود الكيان الصهيونى بنفس القوة العسكرية والاستخباراتية، وبالتالى سيفقد المهمة التى أوجده الغرب من أجلها، وسيبدأ التفكير حول الطائل من وراء ذلك الوجود الذى يمثل لهم قاعدة حربية فى الشرق الأوسط، مادامت الولايات المتحدة مضطرة أن تدفع بقوات تصل إلى 10 قطع بحرية أمريكية، تحمل 170 طائرة و15 ألف جندى، وذلك فى ذروة مساندتها لأوكرانيا وتوترها مع الصين.

وهذه بداية النهاية.. قد لا تكون النهاية فورية لكنها بدأت.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة