شيخ الأزهر
شيخ الأزهر


لدعم السلام والعيش المشترك.. جولات شيخ الأزهر الخارجية في 2023

إيمان عبد الرحمن

السبت، 30 ديسمبر 2023 - 01:46 م

- دعم بعض الحكومات لحرق المصحف تحت ستار حرية التعبير استخفاف بالعقول

- جريمة حرق الكنائس تعادل جريمة حرق المصاحف في الإثم والعدوان

-  حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه وعيشه على أرضه ظلم بالغ طال أمده

شهد العام 2023 زيارة مهمة لفضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، للعاصمة الألمانية برلين للمشاركة في أعمال المؤتمر الدولي للسلام، الذي تنظمه جمعية "سانت إيجيديو" في الفترة من ١٠ إلى ١٢ سبتمبر، وقد شهدت الزيارة العديد من اللقاءات المهمة مع عدد كبير من القادة والمسئولين والمهتمين بمجال الحوار بين الأديان وقضايا السلام والعيش المشترك.

اقرأ أيضا| خلال 2023.. الإمام الأكبر يفتح أبواب المشيخة أمام الجميع ويستقبل رؤساء وشخصيات عالمية

لقاء الإمام الأكبر بوفد من ممثلي المجتمعات المسلمة في ألمانيا

استهل فضيلة الإمام الأكبر زيارته إلى برلين بلقاء وفد من ممثلي المجتمعات المسلمة في ألمانيا، حيث بحث معهم أهم القضايا التي تواجه المسلمين في ألمانيا وسبل دعم الأزهر العلمي والدعوي لهم ومساعدتهم على الاندماج الايجابي في المجتمع الألماني، مؤكدًا ترحيبه باستضافة الأئمة الألمان وتدريبهم في أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، وتصميم منهج وبرنامج خصيصى لهم على يد نخبة من كبار أساتذة الأزهر وعلمائه؛ ليناسب طبيعة المجتمع الألماني.

فيما أعرب وفد ممثلي المجتمعات المسلمة في ألمانيا عن بالغ سعادتهم بلقاء فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، مقدِّرين ما يقوم به فضيلته من جهود لتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام، بالإضافة إلى جهود فضيلته في دعم المسلمين الذين يعيشون في الغرب، من أجل دعم استقرار المجتمعات ونشر السلام العالمي وقيم الأخوة الإنسانية والتعايش السلمي. 

لقاء الإمام الأكبر بالسفير الإيراني لدى ألمانيا

كما التقى فضيلة الإمام الأكبر محمود فرزندة، سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى جمهورية ألمانيا الاتحادية، حيث أكد فضيلته خلال اللقاء أن حال المسلمين اليوم من فرقة وتشتت يرجع إلى نزعات لا إسلامية حذر منها القرآن الكريم في قوله تعالى "ولا تنازعوا فتفشلوا"، وقد أدى هذا التنازع إلى تشقق الصف الإسلامي وتفرق المسلمين وافتقارهم للرؤية الإسلامية والهدف الإسلامي الموحد الذي نستطيع الرجوع والاحتكام إليه رغم الاختلاف. 

كما أكد شيخ الأزهر أن أبرز التحديات العالمية المعاصرة تتمثل في انتزاع القيم الدينية والأخلاقية؛ بل والإنسانية من أي وجه للتقدم العلمي، وشدد فضيلة الإمام الأكبر على أن الأزهر الشريف متمسك بوحدة المسلمين، وأنه لن يتوانى عن المضي قدمًا في بذل كل ما في وسعه من أجل فرض هذا المشروع على الخريطة الإسلامية مهما كلفه الأمر من الانخراط في كثير من المشقة والتحديات.

من جانبه، أعرب السفير الإيراني عن سعادته بلقاء شيخ الأزهر، مشيرًا إلى أن إيران تؤمن بقوة الأزهر وقدرته على توحيد المسلمين، مؤكدًا ترحيب بلاده بالحوار الإسلامي الإسلامي الذي دعا إليه شيخ الأزهر في ملتقي البحرين للحوار، وتقديرهم لمشروعات التقارب التي يتبناها فضيلته بين مختلف مدارس الفكر الإسلامي.

لقاء الإمام الأكبر برئيس الجمهوريَّة الألمانيَّة

التقى فضيلة الإمام الأكبر الرئيس فرانك فالتر شتاينماير، رئيس الجمهوريَّة الألمانيَّة لبحث سُبُل مكافحة تزايد وتيرة الإسلاموفوبيا في أوروبا، والتَّصدي للإساءة للمقدسات الدينيَّة وظاهرة العداء للإسلام والمسلمين، حيث أكد فضيلته أن الأزهر الشريف حريصٌ على نشر قيم السلام والأخوة الإنسانية محليًّا وعالميًّا، وأن الأزهر خَطَا خطوات كبيرة في تعزيز قيم السلام عالميًّا، وقد كانت درة تاج هذه الجهود والمبادرات توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية مع قداسة البابا فرنسيس في أبوظبي عام 2019، في رسالةٍ تحمل الخير للعالم كلِّه.

وأشار شيخ الأزهر إلى أنَّ الأزهر يقف على مسافةٍ واحدةٍ من المساس بأي دينٍ من الأديان، ولا يفرق في ذلك بين المقدسات الإسلامية أو مقدسات الأديان الأخرى، فكما وقف الأزهر في وجه حوادث حرق القرآن الكريم -كتاب الله- كان له موقفٌ واضحٌ أيضًا تجاه حرق الكنائس والاعتداء على المسيحيين في باكستان، مؤكدًا أن كِلَا الموقفين نابعين من اعتقاد حقيقي وراسخ بأنَّه لا سبيل للخروج من أزمات الإنسان المعاصر إلا بالحوار وأن تسودَ ثقافة التقارب والتعايش والاندماج، وأن يحلَّ الحوار محل التعصب والكراهية.

من جانبه، أعرب الرئيس الألماني عن شديد ترحابه بشيخ الأزهر في ألمانيا، مؤكدًا متابعته لما يقوم به شيخ الأزهر من جهودٍ كبيرةٍ لتعزيز قيم التعايش والأخوة والمساواة بين الجميع، وكذا تقديره للعلاقة الأخوية التي تجمع شيخ الأزهر والبابا فرنسيس.

رسائل ملهمة للإمام 

افتتح فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب ، شيخ الأزهر، «اللقاء الدولي من أجل السلام» الذي تنظمه جمعية: «سانت إيجيديو» المنعقد في: برلين ألمانيا خلال الفترة من: 10-12 سبتمبر 2023م، بعزاء شعب المملكة المغربية في مصابه الجلل الذي فطر قلوب الجميع؛ سائلا المولى -عز وجل!- أن يتغمد الضحايا بواسع مغفرته ورحمته، وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر، وأن يربط على قلوبهم، وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل، كما تقدم فضيلته بالشكر لجماعة «سانت إيجيديو» على دعوته لهذا اللقاء الذي يعكس إصرار «سانت إيجيديو» على تبني الدعوة للأخوة الإنسانية، والسلام العالمي، مما أهل هذه الجمعية النشطة لنيل جائزة «زايد العالمية للأخوة الإنسانية» هذا العام. 

وقدم فضيلة الإمام الأكبر خلال كلمته مجموعة رسائل مهمة تعد نبراسا ومنهجا لنجاة العالم من ويلات النزاع والخلاف والحروب، مؤكدًا أن العالم المعاصر في أمس الحاجة إلى الاستماع لصوت الأديان السماوية، فهي صوت العقل والحكمة والتعارف، وأن لا أمل في الخروج من أزمة عالمنا المعاصر إلا بالاستنارة بهدي الدين الإلهي كما أنزله الله، هدى ورحمة للناس، لا كما يتاجر به بعض أبنائه في سوق السياسات وبورصة الانتخابات.

أشار فضيلته إلى أن التقدم العلمي لم يواكبه تقدم مواز في مجال المسؤولية الأخلاقية، فقد تبين أن العلاقة بين التقدم التقني والحضاري وبين الحروب أصبحت علاقة تلازم واطراد، وأنه بترتيب غامض مشبوه قد حصد الإرهاب أرواح الناس باسم الإسلام، وعاث في منطقتنا، ولم تكد تُكسر شوكته حتى أسلمنا إلى سلسلة جديدة من الحروب لا تزال آثارها المدمرة مستمرة.

وأوضح فضيلته أن دعم بعض الحكومات لحرق المصحف تحت ستار حرية التعبير استخفاف ساذج بالعقول، وأن جريمة حرق الكنائس تعادل جريمة حرق المصاحف في الإثم والعدوان، كما شدد فضيلته أن حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه وعيشه على أرضه وصمت العالم المتحضر عن هذه المأساة الإنسانية ظلم بالغ طال أمده.

وعن اهتمام الأزهر الشريف بحقوق المرأة فقد أكد فضيلته أن الإسلام قد أقر حقوق المرأة في التعلم والتعليم، وحقها في خدمة مجتمعها وممارسة الوظائف المناسبة لطبيعتها، ودعاها إليها منذ ما يقرب من ألف وخمسمائة عام من الزمان، ومصادرة هذه الحقوق مخالف لما أقره الإسلام، كما أكد أن الظلم الذي يلحق نظام الأسرة الذي استقرت عليه البشرية منذ أبيها آدم -عليه السلام- ويشوه فطرتها، ويعبث بمصائر أطفالها وحقوقهم، إن لم تُمنع؛ فإنها ستبيد -لا محالة- هذا الجنس البشري.

لقاء الإمام الأكبر برئيس أساقفة ألمانيا

وخلال الزيارة استقبل فضيلة الإمام الأكبر المطران جورج باتزنج، رئيس مجلس الأساقفة الألمان، بحضور السيد المستشار محمد عبد السلام، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين.

وعبر فضيلته عن أهمية اللقاءات التي تجمع فضيلته بقادة الأديان وعلمائها بأنها لقاءات غاية في الأهمية، لإيمان فضيلته أنه لا يمكن النزول بالسلام إلى الجماهير إلا قبل أن تسبقها خطوة الحوار والسلام بين الأديان، مضيفا أن الأزهر استمرَّ في الانفتاح الإيجابي للحوار مع مختلف الهيئات والمؤسسات الدينية داخل مصر وخارجها كمجلس الكنائس العالمي، ومجلس كنائس الشرق الأوسط، وكنيسة كانتربري، وكان نتاج هذا الحوار أن تقاربت وجهات النظر وأصبح لدينا القدرة على الاستفادة من الحوار في تقديم الخير للناس.

وشدد شيخ الأزهر على أن التعليم يأتي في مقدمة الأسس اللازمة لغرس الحوار بين الأديان في المجتمعات، والممثلة في احترام الآخر وقبوله، خاصة في مراحل التعليم الأولى، لذا بادر مجلس حكماء المسلمين في العمل على تعميم وثيقة الأخوة الإنسانية وتضمين نصوص منها في المناهج الدراسية لتعزيز مبادئ الأخوة الإنسانية عالميًّا.  

من جانبه، أعرب رئيس مجلس الأساقفة الألمان، عن سعادته بلقاء شيخ الأزهر، وتقديره لجهود فضيلته في ترسيخ قيم الأخوة والسلام والحوار بين الأديان، مؤكدًا أن كلمة شيخ الأزهر في اللقاء الدولي للسلام الذي عقدته جمعية "سانت إيجيديو" حملت رسائل مهمة ومصدر إلهام لبذل المزيد من أجل ترسيخ الأخوة والسلام.

لقاء الإمام الأكبر بوفد مؤسسة أريجاتو إنترناشونال

كذلك استقبل فضيلة الإمام الأكبر وفد مؤسسة أريجاتو إنترناشونال برئاسة القس الدكتور كيشي مياموتو، الرئيس التنفيذي للمنظمة، والدكتور مصطفى يوسف علي، الأمين العام للشبكة العالمية للأديان من أجل الأطفال، لدعوة فضيلته للمشاركة في أعمال اللجنة التنفيذيَّة للمنتدى الدولي السادس للمنظمة، التي تنعقد تحت عنوان "معًا من أجل الأطفال"، بحضور أكثر من ٦٠٠ شخصية دينية حول العالم بالعاصمة الإماراتية أبوظبي.

وأعرب فضيلة الإمام الأكبر عن تقديره لكل المؤسسات المعنيَّة بحماية الأطفال وصيانة حقوقهم، مشيرًا إلى أن الإسلام كفل حقوق الأطفال وهم في بطون أمهاتهم، كما كفل لهم الحق في التعليم، والتَّنشئة في بيئةٍ صحيةٍ وفقًا للفطرة السليمة، مصرحًا "من حق الطفل أن ينشأ في فطرة سليمة بين أب رجل وامرأة أنثى، إلا أن التوجُّه العالمي الجديد يحاول تخريب النظرة الفطرية للزواج وهدم نظام الأسرة، ويستهدف الأطفال في سن مبكرة، وإن لم ننتبه لخطورة هذا التوجه فسنكون شركاء في الجريمة التي تُرتكب في حق أطفالنا مستقبل الأجيال القادمة". 

من جانبه، أعرب القس كيشي مياموتو، الرئيس التنفيذي للمنظمة عن تقديره لما يقوم به فضيلة الإمام الأكبر في التوعية بحقوق الأطفال، ومتابعته لأنشطة فضيلته ومشاركاته المتعددة في قمة قادة الأديان تحت عنوان "تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي"، مؤكدًا حرص المنظمة على مشاركة شيخ الأزهر في النسخة السادسة للمنتدى الدولي للمنظمة "معًا من أجل الأطفال"، التي تُعقدُ لأول مرة في بلد عربي -الإمارات العربية المتحدة- لبيان موقف الإسلام الصحيح من حماية الأطفال والتصدي للجماعات المتطرفة التي تسيء استخدام الأطفال وتستخدمهم في الخطوط الأمامية في الحروب والصراعات.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة