صالح الصالحى
صالح الصالحى


وحى القلم

مجرد رقم

صالح الصالحي

الأربعاء، 03 يناير 2024 - 08:51 م

مع انتهاء عام وبداية عام جديد، الكل يمنى النفس ويتمنى من الله ألا يعيد هذه الأيام الصعبة والظروف الطاحنة والقاسية، وأن تذهب جميع المشاكل والآلام مع عامها بلا رجعة.. وأن تكون ماضيًا، لا نتذكره، وندعو الله أن يسقط الأيام التعيسة والحزينة من ذاكرتنا.

الكل يتمنى أن تكون بداية العام الجديد هى بداية مختلفة لأحداث مغايرة، بداية تبشر بالخير، ونشهد انفراجة فى أحوال العباد والبلاد، وأن يكون عاماً سعيداً بعيداً عن الأحزان خالياً من الآلام.. عام خير وأمل فى غد مشرق ملىء بالبهجة والسرور.

مع نهاية عام وبداية عام لحظة يقف فيها الإنسان على حافة الأمل والمستقبل، المستقبل الذى يتمنى أن يكون مشرقاً له ولأبنائه وأحبائه، أن يكون عام حب ورحمة وتسامح وصفاء ورضاء، عام فرحة تسعد القلوب والنفس.. وأن تستقر الأحوال والأمور، ويهدأ طوفان الغل والحقد والكراهية، ويعود المغلوبون على أمرهم من غربتهم إلى أوطانهم معززين مكرمين. ويسود السلام والمحبة ربوع العالم.. وأن تُوقف الحروب.. وتُوقف إسرائيل  الحرب على غزة، وتتراجع عن الإبادة الجماعية للأطفال والأهالى.

أمنيات وأمانى تجول بخاطر كل منا فى لحظة استثنائية، لحظة أفول عام وبزوغ عام جديد.

لكن سواء العام الماضى أو القادم، فهى مجرد أيام، أيام متصلة.. مجرد تاريخ يتغير أرقامه فبدلاً من عام 2023 يكون 2024.. أيام يعيشها البشر، البشر الذين يصنعون الخير والشر.. وهم من بأيديهم أن يحولوا الأيام من تعيسة إلى سعيدة، بتغليب الخير.. أما إذا استمروا فى تغليب الشر على الخير، فإن الأيام القادمة ستكون أصعب من السابقة، وسيكون عام 2024 أشد قسوة من عام 2023.. فالبشر هم من يصنعون الحياة بحلوها ومرها.. فإذا تحكموا فى أطماعهم ورغباتهم الخارجة عن المنطق والمألوف، كانت الأيام جميلة.. أما إذا استسلموا لشرورهم كانت الأيام تعيسة وحزينة.

الأيام بريئة ونحملها فوق طاقتها.. فهى مجرد أيام متواصلة تأخذ من أعمارنا.. أما حلوها ومرها فهو من صنع البشر.. فإذا غلب يوماً الخير كان يوماً جميلاً.. وإذا غلب يوماً الشر كان يوماً قاسياً تعيساً.

علينا أن نقف مع أنفسنا ولتكن أمنياتنا على قدر أفعالنا وتوقعاتنا، ولا نركن للأيام، فهى مجرد تاريخ «رقم» يمر واحد تلو الآخر، أما ما يملأ اليوم من أحداث فنحن من نقررها ونشكلها بما قدر لنا أو بقرار منا.. فهى من فعل الإنسان.

أنا هنا لا أدعو للتشاؤم أو التفاؤل مع قدوم العام الجديد ونهاية عام كبيس.. وإنما أقف لحظة متأملاً فيما هو قادم حتى يكون أملى على قدر المعطيات والملابسات، وألا يكون مجرد حلم للحظة أفيق منها على واقع أشد ألماً.

ما يدور حولنا من أحداث فى الواقع لا يدعو إلى التفاؤل بأن عام 2024 سوف يكون أفضل من عام 2023. لأن البشر لم يغيروا ما بأنفسهم، ومازالت الأطماع تملأ عقولهم والأحقاد تسيطر على قلوبهم.. والكل يريد أن يفرض  سطوته وجبروته وقوته.. وعالم مستسلم، ضائع بين فيروسات تحاول الفتك به. وحروب تنهكه.. وصراعات تمزقه.. وقوة عظمى تعمل على النيل  منه ومن استقراره وتقف حائلا أمام تنميته.

أتمنى من الله أن يصلح أحوال البشر وأن يغلبوا الخير فى نفوسهم وعقولهم، حتى يكون عام 2024 عاماً سعيداً بحق.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة