دار الافتاء
دار الافتاء


ماحكم مشاركة غير المسلمين في أعيادهم ؟.. «الإفتاء» تُجيب

كرم من الله السيد

السبت، 06 يناير 2024 - 12:56 م

تلقت دار الإفتاء سؤالاً يقول فيه صاحبه: ماحكم مشاركة غير المسلمين في أعيادهم ؟
 
وأجابت دار الإفتاء بأنه لم يكن من شأن المسلمين أن يتقصَّدوا مخالفة أعراف الناس في البلدان التي دخلها الإسلام، وإنما سعوا إلى الجمع بين التعايش والاندماج مع أهل تلك البلاد، مع الحفاظ على الهوية الدينية.

اقرأ أيضا|قبل عيد الميلاد| إجراءات استثنائية لاحتفال آمن.. رفع حالة الطوارئ بالبحر الأحمر

وتابعت الدار:  بل لَمَّا كان الاعتدال الربيعي يوافق صوم المسيحيين، جرت عادة المصريين على أن يكون الاحتفال به فور انتهاء المسيحيين من صومهم؛ وذلك ترسيخًا لمعنًى مهم؛ يتلخص في أن هذه المناسبة إنما تكتمل فرحة الاحتفال بها بروح المجتمع الوطني ذي النسيج الواحد. وهذا معنًى إنسانيٌّ راقٍ أفرزته التجربة المصرية في التعايش بين أصحاب الأديان والتأكيد على المشترك الإنساني الذي يقوي روابط التعارف والتواصل بين بني الإنسان.

واوضحت دار الإفتاء بأن هذا لا يتناقض بحال مع الشرع، بل هو ترجمة للحضارة الإسلامية الراقية، وقِيَمِها النبيلة السمحة. والأعياد أيام تُتَّخَذُ لإظهار السرور والفرحة، وللأعياد الدينية أبعاد اجتماعية واقتصادية نافعة، وتزداد فيها هذه الجوانب قوّةً كلما قويَتْ أواصر المجتمع، وتلاحمت روابطه، وتآخت طوائفه، وزاد المشترك بين أفراده وجماعاته، فيحصل التشارك المجتمعي بل الإنساني العام الذي يتناسى أصولها الدينية وفوارقها العقائدية.

وبينت دار الإفتاء بأن اختلافُ فتاوى العلماء في المشاركة في أعياد غير المسلمين راجع إلى أنَّ هذه الأعياد يتجاذبها البعدان الديني والاجتماعي قوةً وضعفًا؛ خاصة مع تزامن فتاواهم والحروب الصليبية، ومع غلبة الطابع الديني على النزاعات والحروب الدولية، ومع زيادة التعصب الديني وضعف المشاركة المجتمعية في كثير من الأحايين؛ مما قوَّى عند جماعة من الفقهاء حينذاك الأخذ بمسلك سد الذرائع؛ حفاظًا على تماسك الدولة الإسلامية أمام العدوان المتعصب الذي يلبس لباس الدين زورًا وبهتانًا، وهذا غير حاصلٍ في زماننا الآن. ولذلك بنى المحققون من الفقهاء جواز مشاركة غير المسلمين في أعيادهم على تناسي الفوارق الدينية فيها، وعلى انعدام قصد التشبه بهم فيما خالف الإسلام من عقائدهم، وعلى غلبة المعنى الاجتماعي وقوة المشترك الإنساني في مظاهر الاحتفال، وعلى استغلال هذه المواسم في فعل الخير وصلة الأرحام والمنافع الاقتصادية، وبنوا الجواز كذلك على خلوص القصد في المشاركة المجتمعية المحضة، وقرروا أن صورة المشابهة لا تضرّ خاصةً إذا تعلق بها صلاح العباد؛ كما في "رد المحتار على الدر المختار" للعلامة ابن عابدين (1/ 624، ط. دار الفكر)، و"سنن المهتدين" للعلامة الموَّاق (ص: 249، ط. مؤسسة الشيخ زايد)، و"شرح مختصر خليل" للعلامة الزرقاني (1/ 320، ط. دار الكتب العلمية).
 

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة